حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس من خطر تحول الصراع في إقليم ناغورني كاراباخ، في جنوب القوقاز، المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا، إلى حرب إقليمية، مشددا على أن بلاده لن تتساهل أبدا من تشكل بؤرة إرهابية على حدودها الشمالية، في اشارة الى المرتزقة السوريين الذين يعملون الى جانب أنقرة، وكان معظمهم ينتمي الى جماعات متشددة. وقال روحاني، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أمس، «يجب ألا تتحول هذه الحرب الى إقليمية. الذين يقومون، من جهة أو أخرى، بصب الزيت على النار، لا يخدمون أحداً».
وإذ جدد دعم إيران لوحدة أراضي أذربيجان، قال روحاني: «لن نسمح للجماعات الإرهابية بالاقتراب من حدودنا، ولن نسمح لدول بإرسال الإرهابيين تحت ذرائع مختلفة، كما أن نقل عدد من الإرهابيين من سورية ومناطق أخرى إلى قرب حدودنا أمر مرفوض»، مضيفا: «من غير المقبول إطلاقا أن تسقط أي قذيفة أو صاروخ على أراض إيرانية، حتى لو عن طريق الخطأ، الأولوية هي أمن مدننا وقرانا».الى ذلك، أكد الرئيس الإيراني انه أجرى اتصالين هاتفيين مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، وتناول معهما «التحرشات» التي تطول أراضي إيران.
مخاوف طهران
ويبدو أن أكثر ما يخيف إيران هو الموقف الإسرائيلي الذي لم يتأثر بإعلان يريفان سحب سفيرها من تل أبيب، بل أفادت التقارير الاسرائيلية بأن حركة نقل السلاح الإسرائيلي الى باكو لم تتوقف. ورغم إعلان أرمينيا تلقيها وعدا إسرائيليا بتجميد الشحنات، يشكك المراقبون في إمكان أن تقوم إسرائيل بتنفيذه، وتقول صحيفة «الأخبار» اللبنانية، التي تتلقى تمويلاً ايرانياً غير مباشر، إن «أذربيجان شريكة لإسرائيل، أمنياً وعسكرياً واقتصادياً، والعلاقات البينية لا تقتصر على مليارات الدولارات من مبيعات السلاح، أو كون أذربيجان هي المورد الرئيس لإسرائيل بما يزيد على 40 في المئة من احتياجاتها النفطية، بل هي شراكة تخدم الأمن الإسرائيلي بالدرجة الأولى، الذي يتقدم أي اعتبار آخر، خصوصا أنه هنا يسهم في تعزيز الموقف الاستخباري والهجومي، وإن نظريا، ضد العدو الأول لتل أبيب، وهو إيران».وبدأت طهران تتخلى شيئا فشيئا عن الحذر في توصيف ما يجري في كاراباخ، وتحدثت قناة «العالم» الايرانية، في تقرير مطول، صراحة عن مساعي ايرانية لإفشال «المخطط الاسرائيلي» في جنوب القوقاز، متحدثة عن «دخول إسرائيلي على خط الأزمة عبر سكب الزيت على نارها، في محاولة لتحقيق ذات الاهداف التي كانت ومازالت تسعى الى تحقيقها في سورية والعراق واليمن ولبنان، وفي مقدمة تلك الاهداف، إثارة الفتن الدينية والطائفية والعرقية ونشر الفوضى، ولكن هذه المرة قرب الحدود الشمالية لايران».الحدود الإيرانية
وفي دليل على دقة الموقف على الحدود الايرانية، قال الناطق باسم وزارة الدفاع الأرمنية آرتسرون هوفهانيسيان إن أذربيجان تحشد قواتها قرب الحدود الإيرانية حتى لا تتمكن قوات كاراباخ من إطلاق النار عليها. وفي أول موقف يصدر عنه منذ بدء النزاع، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس إن بلاده التي لديها قاعدة عسكرية في ارمينيا ستحترم الاتفاق الدفاعي مع يرفان، لكنه نبه إلى أن «المواجهات لا تجري على أراضي أرمينيا بل على أراضي كاراباخ».وفي باكو، أبدى علييف استعداد بلاده للعودة للحوار مع أرمينيا «عندما يتوقف القتال»، مشيرا الى أنه «بوسع موسكو وأنقرة الاضطلاع بدور إيجابي في خفض التصعيد»، وشدد على «حق تركيا المشاركة في الوساطة».واتهم علييف حكومة يريفان بمحاولة تدويل النزاع وإشراك دول أوروبية وأعضاء منظمة معاهدة الأمن الجماعي فيه، مشددا على ضرورة ألا يخرج النزاع عن حدود أرمينيا وأذربيجان.من ناحيته، قال رئيس إدارة التعاون العسكري الدولي بوزارة الدفاع الأذربيجانية اللواء حسين محمدوف: «لا يوجد، ولا يمكن أن يوجد، في جانبنا أي مرتزقة، لكنهم موجودون في الجانب الآخر، وهذا ما اعترف به الأرمن أنفسهم، والحديث يدور عن مسلحين من سورية ولبنان».يريفان
وبينما كرر باشينيان اتهاماته بأن أفعال تركيا وأذربيجان تصل إلى حد «هجوم إرهابي»، معتبرا أن ما يجري «استمرار للإبادة الجماعية للأرمن وسياسة لإعادة الإمبراطورية التركية»، أعلنت كاراباخ أمس أن 40 آخرين من جنودها قتلوا، ما يرفع عدد القتلى في صفوفهم إلى 320 منذ اندلاع القتال، وقالت كذلك إن 19 مدنيا قتلوا وسقط العديد من الجرحى.نزوح المدنيين
ميدانيا، تواصلت المعارك، بينما ذكرت السلطات الانفصالية الارمينية في كاراباخ أن مدينة ستيباناكرت، عاصمة الاقليم، تحولت إلى مدينة أشباح، وان 50 في المئة من سكان الاقليم، أي ما يعادل نحو 70 إلى 75 ألف شخص، نزحوا عنها.باريس
في غضون ذلك، تزايد الاهتمام الدولي بالقتال المتواصل في إقليم ناغورني كاراباخ المتنازع عليه مع تصاعد خطر امتداد الصراع إلى الإقليم الواسع. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أمس، أن محادثات ستعقد في جنيف اليوم، وموسكو الاثنين، بين دول مجموعة مينسك التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا، في محاولة لإقناع الأطراف المتحاربة بالعودة إلى طاولة المفاوضات لوقف إطلاق النار.ألمانيا
وبينما حض الاتحاد الأوروبي، على لسان مسؤول الشؤون الخارجية فيه، الأطراف الإقليمية إلى الامتناع عن تأجيج النزاع، وحث طرفي الازمة على وقف القتال فورا، والعودة إلى المفاوضات دون شروط مسبقة، محذرا من تطور النزاع إلى صراع إقليمي، دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، باكو إلى قبول عقد هدنة في كاراباخ، وأضاف أنه في حال لم تخفض اذربيجان حدة لهجتها فيجب على الاتحاد الأوروبي أن يصعد ضغوطه على باكو. من جهتها، اشارت فرنسا إلى «تدخل عسكري» تركي في قره باغ.اليونان
من ناحيتها، أعلنت الخارجية اليونانية أمس، أن وزيرها نيكوس دندياس استدعى السفير اليوناني لدى أذربيجان نيكوس بيبيريغوس، للتشاور بسبب اتهامات وجهتها باكو إلى أثينا بـ"التسامح عن التحضير لأعمال إرهابية والجهود المبذولة لتجنيد مقاتلين ارهابيين، وتنظيم هجمات الكترونية من الأراضي اليونانية ضد أذربيجان".روسيا: انفجار ذخيرة يخلي 14 قرية
أجلت روسيا أمس، سكان أكثر من 10 قرى في منطقة ريازان جنوب شرقي موسكو بعد انفجارات في مستودع ذخيرة.وقال متحدث باسم وزارة الطوارئ: «أخلينا أكثر من 14 بلدة» مشيراً إلى أنّ حريقاً اندلع في مستودع للذخيرة مما أسفر عن وقوع انفجارات.ونشرت وسائل إعلام روسية مقاطع فيديو لأعمدة من الدخان الأسود تتصاعد من الحريق مع تواصل الانفجارات. وأفادت المنطقة العسكرية الغربية بأنه تم إجلاء قواتها بعد محاولتها إخماد النيران من دون جدوى. وأوضحت الهيئة العسكرية في المنطقة «تم إجلاء القوات والموظفين المدنيين ولم يصب أحد». ومثل هذه الحوادث شائع نسبياً في روسيا بسبب تخزين كميات كبيرة من الذخيرة القديمة في المخازن.