وسط مساعيه للبحث عن سبل لإعطاء قوة دافعة للفوز بفترة جديدة، والعودة بقوة للمشهد الانتخابي، قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع السرية عن جميع الوثائق المتعلقة بالتدخل الروسي المزعوم في انتخابات 2016، واستخدام منافسته الديمقراطية وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بريدها الإلكتروني الخاص في مراسلاتها الحكومية.

وفي تغريدة نشرها بحسابه على «تويتر»، كتب ترامب، الخاضع للحجر الصحي في البيت الأبيض، والممنوع من السفر لإصابته بفيروس كورونا، «سمحت بشكل كامل برفع السرية تماما عن أي وثائق تتعلق بأكبر جريمة سياسية في التاريخ الأميركي. إنها الخدعة الروسية وبطريقة مماثلة فضيحة البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون. لا تنقيحات».

Ad

وأشار الرئيس الجمهوري، في تغريدة أخرى، إلى أنه «رفع السرية» بالفعل من قبل «منذ فترة طويلة»، لكن «لسوء حظ بلدنا، تصرف الناس ببطء شديد، لاسيما أنها ربما تكون أكبر جريمة سياسية في تاريخ بلادنا».

وبعد فوز ترامب بالرئاسة في 2016، زعمت تقارير استخباراتية وإعلامية عن وجود تدخل روسي في الانتخابات لترجيح كفته، وخلال السنوات الأربع الماضية، أجرى مكتب التحقيقات الفدرالي والمحقق الخاص روبرت مولر تحقيقات عديدة في القضية.

وأكدت التحقيقات أن الروس استخدموا منشورات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، وإعلانات تم شراؤها عن طريق الاحتيال بأسماء أميركيين للتأثير على الرأي العام، وغرس الخلاف في النظام السياسي بما في ذلك انتخابات الرئاسة.

وفي مارس 2019، سلم مولر تقريره إلى الكونغرس، الذي أكد أنه لا يوجد دليل على تورط أي مسؤول في حملة ترامب مع روسيا للتآمر على الانتخابات، وهو ما اعتبره البيت الأبيض تبرئة شاملة لترامب، كما وجه الاتهام لـ34 شخصاً و3 منظمات.

وتعود قضية كلينتون، التي طفت للسطح مجددا، إثر قيام محققين بوزارة الخارجية بالبحث في رسائل أرسلت خلال فترة توليها هذه الحقيبة، بين عامي 2009 و2013، عندما كشفت صحيفة نيويورك تايمز، في مارس 2015، عن قيامها باستخدام بريد خاص موصول بخادم خاص بدلا من حساب حكومي يضمن السرية لعشرات الآلاف من الرسائل الإلكترونية المتعلقة بالسياسة الخارجية الأميركية.

وخلال 4 سنوات، تراكم في هذا البريد أكثر من 60 ألف رسالة، سلمت كلينتون نصفها لوزارة الخارجية ومحت الباقي، ثم صدر قرار قضائي بنشر هذه الرسائل على دفعات.

وفي ذروة انتخابات 2016، تسربت رسائل تظهر طلب كلينتون إرسال معلومات سرية عبر نظام كمبيوتر غير مؤمن حين كانت وزيرة للخارجية، مما دفع مكتب التحقيقات الفدرالي إلى إعادة التحقيق في القضية.

وتعرضت كلينتون لانتقادات شديدة، وأكد الحزب الجمهوري أنها تجاهلت القواعد، وعرضت الأمن القومي للخطر، وطالب ترامب بمحاكمتها وسجنها لأنها تسببت في تسلل الصين لمعلومات سرية، لكن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق، جيمس فولي، رفض اتهامها، واكتفى بوصف تصرفها بـ»الإهمال الشديد».

خطة ترامب

وفي ظل خلو الجناح الغربي في البيت الأبيض بسبب موجة الإصابات بين كبار مساعدي ترامب ومعاونيه في المكتب الصحافي، كشف مستشارون لترامب انه يبحث عن خيارات بشأن كيفية إيصال رسالته وإيقاف تقدم بايدن في الولايات التي ستحسم الانتخابات، موضحين أنهم يبحثون إلقاءه خطابا للشعب، كما يدرسون خطابا للناخبين الديمقراطيين من كبار السن اليوم.

وأوضح مساعدو ترامب أنه يتعجل العودة إلى مسار الحملة الانتخابية، ويصر على مناظرة بايدن، الذي أكد أنه لن يواجهه في 15 أكتوبر بميامي إذا ظل مصابا بفيروس كورونا.

ووفق المستشارين، فإن ترامب أراد التحدث عن قضايا أخرى بدلا من الفيروس في هذه المرحلة من الحملة للضغط على بايدن، لكن مرضه إلى جانب مرض مساعديه دفع الوباء إلى مركز الصدارة.

وكان لغياب ترامب عن الحملة الانتخابية ثمن باهظ بالنسبة له أيضا، إذ كان من المتوقع أن يزور هذا الأسبوع الولايات الغربية لجمع ملايين الدولارات لحملة تواجه عجزا مقارنة بحملة بايدن جيدة التمويل.

وفي حين أكد ترامب، في تغريدة، أنه «يتطلع إلى مناظرة رائعة مساء الخميس 15 أكتوبر في ميامي»، طلب من زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل التركيز على تثبيت تعيين القاضية آمي كوني باريت مرشحته لشغل المقعد الشاغر في المحكمة العليا، بدلا من المحادثات مع الديمقراطيين بشأن خطة جديدة لتحفيز الاقتصاد المتضرر من وباء كورونا إلى ما بعد الانتخابات.

حرب وانقسام

في المقابل، توجه بايدن إلى موقع واحدة من أكثر المعارك دموية في الحرب الأهلية، ووعد بتنحية السياسة جانبا، ومحاولة معالجة الانقسامات العرقية والسياسية والاقتصادية الآخذة في الاتساع.

وحذر من «قوى ظلام» تبث التفرقة، دون أن يسمي ترامب، مؤكداً أنه سيسعى جاهدا في حال فوزه بالرئاسة إلى «وضع حد للكراهية والخوف» اللذين يستنزفان الأمة.

ولم يذكر بايدن اسم ترامب، لكنه قال إن أميركا تشهد «حرباً حزبية لا هوادة فيها» جعلت من الصعب التعامل مع فيروس كورونا، «دعونا ننحي الحزبية جانباً. لنتوقف عن السياسة. دعونا نتبع العلم. وضع الكمامة ليس بياناً سياسياً. إنها توصية علمية».

وأضاف: «ما نحتاجه في أميركا هو قيادة تسعى إلى تهدئة التوتر وفتح خطوط الاتصال ولم شملنا. هذا هو بالضبط ما سأفعله كرئيس»، واختار بايدن موقعا دراميا للخطاب بالقرب من ساحة معركة غيتيسبرغ، حيث صد جيش الاتحاد الجنود الكونفدراليين المتقدمين عام 1863، وهي نقطة تحول في الحرب الأهلية.

وكان أيضا المكان، الذي ألقى فيه الرئيس ابراهام لينكولن خطابه التاريخي، مستشهدا بإعلان الاستقلال الذي جاء فيه أن جميع الناس خلقوا متساوين، وهو خطاب أشار إليه بايدن مراراً وتكراراً.

كما أشار إلى فريدريك دوغلاس، وهو عبد سابق وأحد دعاة التحرر من العبودية أخبر لينكولن ذات مرة أن خطابه في مستهل فترته الثانية الذي يندد بالرق، ويدعو إلى الوحدة الوطنية في المراحل الأخيرة من الحرب الأهلية، كان «جهدا مقدسا».

وتابع: «لا يمكننا أن نسمح، ولن نسمح، لمتطرفين ولدعاة تفوق العرق الأبيض بأن ينقلبوا على أميركا، كما رآها لينكولن وناشطي إلغاء الرق هارييت توبمن وفريدريك دوغلاس، بأن ينقلبوا على أميركا التي شكلت ملاذا وموطنا للجميع أيا كانت خلفياتهم».

واردف: «أنا أؤمن بالقانون والنظام»، الكلمتين اللتين جعلهما ترامب شعاراً لحملته الانتخابية، مضيفا: «لكنني أؤمن أيضاً بأن الظلم الحقيقي نتاج عبودية مارستها الولايات المتحدة على مدار 400 عام، عندما تم إحضار رجال ونساء وأطفال سود إلى هنا لأول مرة، مقيدين بسلاسل. لسنا بحاجة إلى ميليشيات مسلحة تجوب شوارعنا، وينبغي ألا نتسامح بتاتا مع الجماعات المنادية بتفوق العرق الأبيض التي تهدد مجتمعاتنا».