رغم توجيه البعض سهام النقد إلى التعليم عن بُعد، فإنه ساهم بشكل كبير في زيادة تفاعل الأسر مع أبنائهم، حيث أصبحت الأسرة كلمة السر في تفوق الطلاب بنظام "التمدرس المنزلي"، فالوقت الذي يقضيه ولي الأمر مع الطالب ازداد بعد تطبيق النظام الالكتروني عنه في التعليم التقليدي، الأمر الذي انعكس ايجابا على الطالب من حيث تعزيز الرقابة والمتابعة وبالتالي زيادة التحصيل.وفي وقت يرتكز التعليم الالكتروني عن بعد على مدى التزام الطالب بالولوج إلى المنصة التعليمية ومتابعة الدروس "أونلاين"، جاء دور أولياء أمورهم لمتابعة العملية التعليمية الالكترونية أولا بأول ومعالجة أي معوقات قد تطرأ على عمل شبكات الانترنت أو الحواسيب والاجهزة اللوحية المستخدمة في العملية.
ورغم وجود آليات وتقينات حديثة تستخدم في نقل المعلومات وتطبيق الحصص الافتراضية للطلاب، فإن عدم وجود صورة تفاعلية للمعلم والطالب في ظل ايقاف تشغيل الكاميرات، جعل عملية التعليم تعاني قصورا في هذا الجانب، حيث إن الطالب يظل بحاجة إلى وجود صورة مرئية للمعلم ليتفاعل معها لاسيما في مراحل التعليم الأولية والتي تعتبر مراحل تأسيس لا يمكن تجاهلها، حيث يكون الطالب في مراحل التكوين الأولية التي سيرتكز عليها في مراحل تعليمه اللاحقة.
التعليم التفاعلي
وفي السياق، قالت عضوة هيئة التدريس بجامعة الكويت د. ليلى الخياط إن التعليم الالكتروني وسيلة من وسائل ايصال المعلومة للطالب في ظل هذه الجائحة، حيث يعتبر وسيلة مناسبة لمواصلة واستكمال التعليم وعدم توفقه، مشيرة إلى أن التعليم عن بعد يجب أن يكون تفاعليا ومتزامنا بين الطالب والمعلم.وأضافت الخياط أن اغلب الدراسات الحديثة أكدت أن التعليم الالكتروني الأحادي غير فعال وليس مناسبا لتحقيق الاهداف التربوية بشكل مناسب، خاصة في مراحل التأسيس الأولية من الروضة وحتى الصفوف الثلاثة الأولى في المرحلة الابتدائية والتي تتطلب تفاعلا ومشاركة بين الطالب والمعلم.وذكرت أن التعليم عن بعد ساهم بشكل كبير في زيادة تفاعل الأسر مع أبنائهم، "إلا أننا يجب ألا نغفل أن بعض الأسر ربما تعاني بعض المشاكل ولن يكون هناك اهتمام بالطالب وهذا سيكون أمرا صعبا على الطالب".تعديل الأدوار
من جانبه، أكد الباحث التربوي د. محمد الشريكة أن الظروف العالمية في ظل جائحة كورونا أجبرت الدول على تعديل الأدوار فيما يخص التعليم، حيث تحول دور الأسرة في التعليم عن بعد إلى دور أساسي وتحولت المدارس إلى التوجيه والإسناد والمتابعة، وهو ما يسمى نظام "التمدرس المنزلي".وقال الشريكة، لـ "الجريدة"، إن الطالب أصبح يتلقى تعليمه داخل المنزل وبالتالي زادت المسؤوليات على الأسرة في المتابعة وتقديم الدعم وتعزيز التحصيل التعليمي، وصار دورها أكبر بكثير منه في التعليم التقليدي، لذلك مطلوب من وزارة التربية دعم الأسرة من خلال التوعية بأهمية الدور الذي تلعبه في عملية التعلم عن بعد، وتوضيح المفاهيم الجديدة اضافة إلى تفعيل دور مكاتب الخدمة الاجتماعية والنفسية في المدارس لمعالجة أي معوقات للطلاب الذين لديهم مشاكل أسرية.إهمال الأسر
وأضاف أن الخطورة تكمن في اهمال بعض الأسر لأبنائهم خلال فترة التعليم عن بعد وبالتالي وجود نقص معرفي تراكمي ينعكس سلبا عليهم طوال مسيرتهم التعليمية، مطالباً بمراعاة مثل هذه الحالات والتعامل معها بمنظور تربوي.وأشار إلى أهمية وضع خطة لعودة بعض الطلبة من هذه الحالات أو أبناء الطواقم الطبية والعاملين في الصفوف الأمامية لكون أسرهم مشغولة في أعمالهم وبالتالي لن يكون هناك وقت لمتابعة الطلاب، فمن باب أولى توفير فرص تعليم لهم في مدارسهم، خاصة أن أعدادهم لن تكون كبيرة وبالتالي يمكن تحقيق التباعد وتعليمهم في مدارسهم وفق الاشتراطات الصحية الأمر الذي سيكون مقدمة وتدريبا في حال عودة المدارس بعد عدة أشهر.