بينما تتوالى الإشاعات عن فتح المجال الجوي بين الكويت والدول المحظور السفر منها وإليها، تترقب الاتحادات الإنتاجية الكويتية صدور قرار رسمي من مجلس الوزراء بإعادة تشغيل الطيران الى دول العمالة الفنية العالقة، والتي ترغب في العودة إلى الكويت لمباشرة أعمالها المختلفة في مهن عديدة مثل الصيد، والزراعة، والإنتاج الحيواني، إضافة إلى مهن أخرى شاقة مثل النجارة والحدادة والبناء، وغيرها من مهن تحتاج إلى أيد فنية ماهرة. «الجريدة» سألت الاتحادات الإنتاجية في البلاد عن آثار قرار منع عودة تلك العمالة إلى الكويت على الاقتصاد الإنتاجي في البلاد، فكانت الإجابة أن ثمة عجزا في العمالة تخطى الـ 50 في المئة، إضافة إلى تضاعف أجور العمالة الموجودة في أغلب المهن مع ندرة وجودها، وارتفاع أسعار تذاكر السفر بشكل جنوني من بعض الدول التي فتحت أبوابها لتلك العمالة للقدوم إلى الكويت عبر السفر «الترانزيت»، الأمر الذي حدا بتلك الاتحادات الى دعوة مجلس الوزراء لإعادة النظر في قرار منع تلك العمالة من القدوم إلى الكويت والسماح لها بالعودة مع تعهد الاتحادات بحجرها وفقا للاشتراطات الصحية في هذا الشأن.
فيما تترقب الاتحادات الإنتاجية في الكويت، ممثلة باتحاد "الثروة الحيوانية، المزارعين، والصيادين"، بفارغ الصبر فتح حركة الطيران أمام عمالتها الموجودة في بلدانها خارج الكويت، للعودة بشكل مباشر إلى الكويت بعد ارتفاع أسعار تذاكر السفر عبر الترانزيت، وجَّه رؤساء تلك الاتحادات تحذيرات شديدة، من أن النقص الحاد في العمالة أصبح يهدد الأمن الغذائي بالبلاد، داعين مجلس الوزراء إلى إعادة النظر في قرار إيقاف السفر المباشر من وإلى البلدان ذات العمالة الفنية التي تحتاج إليها العديد من القطاعات الإنتاجية في البلاد. وذكر رؤساء الاتحادات الإنتاجية، في تصريحات لـ"الجريدة"، أن قرار السفر عبر الترانزيت وقلة العمالة الفنية الماهرة ترتب عليه زيادة أجور تلك العمالة إلى الضعف، مع عدم توافرها في البلاد، إضافة إلى عجز العديد من الاتحادات عن الاستعانة بعمالة أخرى غير مدرَّبة، خصوصا أن تلك الأعمال تُعد من الأعمال الشاقة، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي في البلاد، فضلاً عن تكبيد أصحاب المزارع، بجميع أنواعها، وأصحاب لنجات الصيد، خسائر كبيرة خلال الفترة الماضية.
معاناة نقص العمالة
بداية، قال رئيس الاتحاد الكويتي لمربي الثروة الحيوانية، محمد البغيلي، إن مربي الثروة الحيوانية يعانون منذ عدة أشهر نقص العمالة، وارتفاع أجور العمالة الموجودة إلى الضعف، فأجر العامل تضاعف من 80 إلى 160 دينارا. وأشار إلى أن العامل الذي يعمل في مزرعة تربية حيوانية لا يستطيع دفع 500 دينار خلال رحلة قدومه إلى الكويت، و"أصبحنا نعيش أزمة حقيقية، إضافة إلى أننا خلال الأيام المقبلة سنكون في موسم (ولادات)، ومع استمرار تفعيل هذا القرار، فإن المربي الكويتي هو الخاسر". وأضاف: "يعتمد المربون في مزارعهم على العمالة الوافدة من مصر والهند وبنغلادش، ومع عدم قدرة هذه العمالة التي سافرت إلى بلدانها على العودة مرة أخرى إلى الكويت، كيف سيعمل المربي الكويتي داخل مزرعته؟".ولفت إلى أن الأزمة لا تقتصر فقط على المزارع الحيوانية، فهي ممتدة كذلك إلى الثروة السمكية والزراعية، وهو أمر يتطلب من مجلس الوزراء إعادة النظر في قرار إيقاف السفر، وإعادة فتح الباب أمام تلك العمالة الفنية الحيوية لهذه القطاعات المهمة في البلاد. وأوضح أن العمالة في كل مزرعة يختلف عددها وفق حجم المزرعة، فهناك مزارع تحتاج إلى 70 عاملا، وأخرى تحتاج ما بين 150 و200 عامل، مشيرا إلى أن معاناة مزارع الإنتاج الحيواني في البلاد ممتدة منذ أزمة كورونا، مطالبا بحل سريع لتلك الأزمة التي يتحمَّلها المربي الكويتي منذ عدة أشهر، ولم يعد يطيقها، بعدما بدأت خسائره تتراكم بشكل كبير.أعمال شاقة
وشدد البغيلي على أن العمالة التي تعمل بمزارع تربية الحيوانات أو في صيد الأسماك، أو التي تعمل بالإنتاج الزراعي، هي عمالة فنية ذات طبيعة خاصة تتحمَّل تلك الأعمال الشاقة التي تقوم بها داخل هذه المزارع، أو في صيد الأسماك، ولا يستطيع أي شخص أن يقوم بعملها، فلا بديل عن تلك العمالة المدرَّبة الفنية ذات الخبرة في مجالها.وناشد مجلس الوزراء إعادة النظر في قرار المنع، وفتح الأبواب أمام تلك العمالة الفنية للعودة للبلاد، لإيقاف الخسائر التي يعانيها المربي أو المزارع، أو أصحاب اللنجات.أزمة كورونا
من جانبه، قال رئيس اتحاد المزارعين، عبدالله الدماك، إن أزمة كورونا أدَّت إلى ارتفاع أجور العمالة في المزارع، وهروب بعضها، بحثاً عن راتب أعلى، فالعامل الذي كان أجره 120 دينارا ارتفع إلى 250 دينارا، وأصبح الهروب من المزارع بحثا عن مكان آخر هو "سيد الموقف" حاليا. وأضاف الدماك: "منذ ما يقارب الـ 8 أشهر حتى اليوم نعاني نقصا كبيرا في العمالة، وأصبحت المزارع الكويتية تعيش أزمة حقيقية على هذا الصعيد"، داعيا الحكومة إلى وضع آلية لاستقدام المزارعين من الخارج، وخاصة العمالة الهندية.وبيَّن أن المزرعة التي تبلغ مساحتها 50 ألف متر مربع (5 هكتارات) تحتاج إلى 30 عاملا، وقد تحتاج إلى زيادة تصل في بعض الأحيان إلى 50 عاملا من أصحاب المهن المختلفة التي تحتاج إليها المزرعة، ومنها عمال الإنتاج اليومي.أزمة حقيقية
وقال إن وجود العامل القادم إلى الكويت بدولة أخرى لمدة 14 يوميا أحدث أزمة حقيقية، حيث إن تلك المدة تكلف العامل ما بين 450 و500 دينار، وهذا مبلغ كبير على عمالة المزارع، ما يجعلهم يفضلون البقاء في بلدانهم وعدم السفر إلى الكويت، بسبب مشكلة "الترانزيت". وأضاف أن 90 في المئة من المزارع بالكويت تعاني نقصا في عمالتها، داعيا مجلس الوزراء إلى إعادة النظر في قرار منع تلك الدول من دخول الكويت، إلا عن طريق البقاء في دولة أخرى لمدة 14 يوما، مبينا أن المزارعين لديهم الاستعداد لاصطحاب العمالة الزراعية من المطار إلى المزارع، وتوفير الحجر الملائم لهم في تلك المزارع، حتى التأكد من عدم إصابتهم بـ"كورونا". وأشار إلى أن معظم المزارع تعاني نقصا بعمالتها يصل في بعض المزارع إلى 50 في المئة، وقد يزيد بمزارع أخرى، و"نحن كمزارعين نحرص على الأمن الغذائي في البلاد، الذي أصبح يعاني حاليا شحا في العمالة الزراعية الماهرة، بسبب أزمة كورونا".«الترانزيت»
من ناحيته، قال رئيس اتحاد الصيادين ظاهر الصويان، إن الصيادين مثلهم كغيرهم لا يستطيعون دخول الكويت إلا عن طريق "الترانزيت"، ويكون خارج بلده لمدة 14 يوما، فإما أن يأتي عن طريق الإمارات أو عن طريق تركيا، ووفقا للقرار الصادر، "لابد أن يمكث المسافر 14 يوما خارج بلده"، ومن ثم يأتي إلى الكويت. وأضاف: "عندما يأتي المسافر إلى الكويت لابد أن يمكث 14 يوما أخرى في الحجر الصحي، ولا يتحرك من الحجر، وكل عدة ساعات يتم التأكد من وجوده في الحجر، وبعد تلك المدة المخصصة يعود العامل مرة أخرى إلى عمله". ولفت إلى أن السفر عبر "الترانزيت" مكلف جدا على الصياد، إضافة إلى المسحة التي تتم له على حسابه خلال السفر، مشيرا إلى أن تكلفة رحلة "الترانزيت" تكلف الصياد حتى وصوله إلى دبي وأخذ المسحة ما يقارب 330 دينارا، إضافة إلى مصاريف المسافر اليومية داخل الإمارات.وذكر أنه تحدَّث أكثر من مرة في تلك المشكلة التي يعانيها اتحاد الصيادين، متمنيا أن يكون هناك طيران مباشر من بعض الدول العربية ذات العمالة الفنية، ويأتي المسافر إلى الكويت بشهادة "PCR"، ويتم حجز المسافر في الكويت، سواء بالفنادق أو المنتجعات الصحية. وتابع: "قدوم تلك العمالة إلى الكويت بشكل مباشر سيحرِّك الاقتصاد، ونحن مستعدون لتحمُّل تكاليف وجودهم في تلك المحاجر، على أن تكون بأسعار مقبولة"، لافتا إلى أنه ليس من المقبول أن تستفيد دول من قرار الحجر والكويت لا تستفيد! وقال إن "الناس تعبت نفسيا وصحيا، ولدينا ما يقارب 1800 صياد في الخارج، ولنجاتنا وطراريدنا متوقفة، فهناك ما يقارب 70 في المئة من أسطولنا متوقف، ونتمنى أن يكون هناك حل لتلك المشكلة في الأيام المقبلة، وأن يكون هناك تفهم من الجهات المعنيَّة، ويتم فتح الطيران إلى الكويت مشكل مباشر".أسعار التذاكر
وأشار الصويان إلى ارتفاع تذاكر السفر من الإمارات إلى الكويت بشكل كبير جدا، حتى إنها تراوحت ما بين 300 و400 دينار، إضافة إلى أن السفر في أيام معينة، وليس كل أيام الأسبوع، فأصبحت مكلفة جدا، وهم مستفيدون، ومع الأسف الكويت لا تستفيد شيئا من هذا القرار. وأكد أن الكويت لابد أن تتأقلم مع "كورونا"، مع أخذ الحيطة والحذر، والالتزام بالتعليمات الصحية التي فرضتها وزارة الصحة، والتعايش مع الوباء.500 دينار سعر تذكرة الطيران من دول الخليج إلى الكويت
أعلن عدد من مسؤولي مكاتب السفريات والسياحة لـ"الجريدة"، أن سبب ارتفاع أسعار تذاكر الطيران من دبي وعدد من الدول الخليجية إلى الكويت يعود إلى عدة أسباب، أولها أن استيعاب مطار الكويت الدولي التشغيلي لا يزيد على 30 في المئة وفقا للمرحلة الأولى للعودة للحياة الطبيعية، والتي بدأت من 1 أغسطس وتنتهي في 31 يناير 2021. وأشاروا إلى أن الأمر الثاني وراء ارتفاع أسعار التذاكر التي تخطت التذكرة الواحدة منها 500 دينار وغير متوافرة، هو ارتفاع أعداد المسافرين عبر دبي ودول مجاورة أخرى، لسهولة حصول المسافرين على "فيزا" من الإمارات، بخلاف تركيا التي تشترط بعض الدول حصول المسافر على موافقة أمنية للسفر إليها. وبينوا أن ارتفاع أعداد المسافرين من جميع الفئات وقلة الطيران رفع أسعار التذاكر بشكل جنوني، الأمر الذي حال دون تمكُّن العديد من المسافرين الذين لم يحجزوا من بلدانهم من حجز تذكرة سفر إلى الكويت من دبي وغيرها في ظل ارتفاع سعرها.