في ظلال الدستور: ثلاثية فض دور انعقاد مجلس الأمة
البحث عن مشكلة بادئ ذي بدء فإنه ليس هناك مشكلة أصلا في سحب المرسوم رقم 30 لسنة 2020، بفض دور الانعقاد، أو في بقائه، لأنه لا ينتج أثرا قانونيا أصلا إلا بتلاوة المرسوم السالف الذكر في الجلسة الختامية، فيتحقق الإعلان المنصوص عليه في المادة (89) من الدستور، فيما تنص عليه من أن يعلن الأمير فض أدوار الانعقاد المتفق عليها بين الحكومة والمجلس، وقد تطرأ ظروف تغير من هذا الاتفاق لإعادة العرض على الأمير، واستصدار مرسوم جديد يحدد أجلا آخر، ومن ثم فإن المرسوم الجديد بفض دور الانعقاد فيما نص عليه من اعتبار المرسوم السابق كأن لم يكن، يكون كاشفا عن الأثر القانوني المترتب على عدم إعلان المرسوم السابق.
إعلان فض دور الانعقادفالمادة (89) من الدستور تنص على أن "يعلن الأمير فض أدوار الاجتماع العادية وغير العادية"، فالنص لم يستخدم تعبير "يفض الأمير" كما نصت المادة (74) من الدستور على أن يعين الأمير الموظفين، والواقع أن فض دور الانعقاد العادي السنوي هو عملية مركبة، تبدأ باتفاق بين مجلس الأمة والحكومة، على فض الدور، يليه صدور مرسوم بفض الدور، يليهما إعلان فض الدور في جلسة مكتملة النصاب في ختام اجتماعات المجلس. مثلما لا تنفذ القوانين التي يقرها المجلس ويصدق عليها الأمير ويصدرها، إلا بنشرها في الجريدة الرسمية وعلم الكافة بها، وحلول الميعاد المحدد للعمل بها طبقا لأحكام المادة (178) من الدستور. الأمير يفتتح الدور ويفضهوهو نص لا يجوز عزله عن سائر نصوص الدستور المتعلقة بانعقاد المجلس، فالأمير يفتتح دور الانعقاد السنوي بخطاب أميري إعمالا لأحكام المادة (104) من الدستور، لذلك كان إعلان الأمير فض أدوار الانعقاد حكما متمما ومكملا لافتتاح الأمير لهذه الأدوار فهو يتناغم معه، فسموه الذي يفتتح بخطاب أميري دور الانعقاد، وسموه الذي يفضه بإعلان.ومن ثم كان يمكن أن ينيب الأمير عنه رئيس مجلس الوزراء في إعلان فض دور الاجتماع، قياسا على الحكم الوارد في المادة (104) من الدستور، والذي ينيب فيه الأمير رئيس مجلس الوزراء في إلقاء خطاب الافتتاح الأميري.الأمير راعي السلطات جميعاأما وقد جرى عرف دستوريا وبرلمانيا على أن يكون هذا الإعلان بمرسوم، يعلن في جلسة مكتملة النصاب في المجلس، فهو مرسوم يختلف كلية في مضمونة وفحواه عن المراسيم التي يصدرها الأمير في استخدام سلطته بواسطة وزرائه، إعمالا لأحكام المادة (55) من الدستور، ذلك أن مرسوم فض دور الانعقاد يصدره الأمير بوصفه رئيسا للسلطتين التشريعية والتنفيذية، وبما لا يمس مبدأ الفصل بين السلطات الذي يقوم عليه نظام الحكم في الكويت إعمالا للمادة (50) من الدستور، أو يخل بالضمانات التي قررها الدستور لانعقاد المجلس أو فضه، وحيث لا يكون انعقاد المجلس ابتداء أو استمرارا رهنا بإرادة السلطة التنفيذية فيما يتولاه الأمير من سلطات بواسطة وزرائه، فالأمير هو راعي السلطات جميعا.وفي سياق الاتفاق الضمني بين الحكومة والمجلس، والذي يستشف من الظروف والملابسات بأن المجلس قد أمضى مدته القانونية كاملة غير منقوصة، واعتمد الميزانية، فالرغبة المشتركة بين الحكومة والمجلس في فض دور الانعقاد لأخذ قسط من الراحة في العطلة الصيفية هو رائد الجميع أعضاء منتخبين ووزراء، بحيث أصبح عرفا دستوريا وبرلمانيا مكملا لنص المادة (89) سالفة الذكر، وانطلاقا من مبدأ التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية إعمالا لأحكام المادة (50) من الدستور، في هذا الأمر.