احترام الدستور والقوانين
تطرقت، في مقال سابق، إلى القسم الذي يلقيه عضو مجلس الأمة المنتخب قبل أن يمارس دوره كعضو في المؤسسة التشريعية أي مجلس الأمة، وعندما يقول العضو المنتخب "أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور وقوانين الدولة"، فإنه بذلك ملزم بهذا القسم فيحترم الدستور الذي يعتبر أبا القوانين. فالدستور الذي صدر عن المجلس التأسيسي عام 1962صدّق عليه المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح، أمير البلاد الذي يعتبر أبا الدستور، وفِي خطابه بهذه المناسبة، قال رحمه الله، الآتي: "بِسْم الله الرحمن الرحيم، نحن عبدالله السالم الصباح أمير دولة الكويت، رغبة في استكمال أسباب الحكم الديمقراطي لوطننا العزيز، وإيمانا بدور هذا الوطن في ركب القومية العربية وخدمة السلام العالمي والحضارة الإنسانية، وسعيا نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية ويفيء على المواطنين مزيدا كذلك من الحرية السياسية والمساواة والعدالة الاجتماعية، ويرسي دعائم ما جبلت عليه النفس العربية من اعتزاز بكرامة الفرد، وحرص على صالح المجموع، وشورى في الحكم مع الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره. وبعد الاطلاع على القانون رقم 1 لسنة 1962الخاص بالنظام الأساسي للحكم في فترة الانتقال، وبناء على ما قرره المجلس التأسيسي، صدقنا على هذا الدستور وأصدرناه". هذا الدستور الذي يتكون من 183 مادة يتحدث عن الدولة ونظام الحكم والمقومات الأساسية للمجتمع الكويتي والحقوق والواجبات، والسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية والفصل بينها مع التعاون بين هذه السلطات.
نأتي إلى القوانين التي تصدر من مجلس الأمة حسب ما نص عليه الدستور، وقيام العضو المنتخب بالقسم الذي يلزمه باحترام القوانين وتنفيذها وعدم مخالفتها، لأن القسم بالله عظيم لا يجوز مخالفته، ونأتي للمرشح للانتخابات القادمة بأنه يجب عليه أن يلتزم ويفي بقسمه بعد فوزه، وأن يحترم الدستور بجميع مواده التي تنظم شكل الدولة ونظامها السياسي وكذلك الحقوق والواجبات، ولكن للأسف الشديد لاحظنا أن هناك في المجالس السابقة عدداً من الأعضاء لا يحترمون ولا يلتزمون بالقسم العظيم الذي يؤدونه، فنجدهم يخالفون مواد الدستور وأيضاً يكسرونها ولا يحترمونها، سواء بتدخلهم عن طريق الواسطات ويضربون بالقانون عرض الحائط، وبعملهم هذا فإنهم يلتفون على القوانين وإخضاعها لمصلحتهم ومصلحة ناخبيهم فقط دون اعتبار لمصلحة عموم الشعب. الانتخابات البرلمانية تتطلب اختيار وانتخاب من يفي بالقسم عند انتخابه لا من يدغدغ عواطف الناس أو يقدم لهم الوعود المعسولة للوصول إلى مجلس الأمة والجلوس علي كرسي النيابة، فاحذروا هؤلاء وحاسبوهم على عملهم البرلماني السابق، وهل فعلا أوفوا بالقسم العظيم باحترام الدستور وقوانين الدولة أم لا؟ فكفى عبثا بالدستور وكفى عبثا بكسر القوانين وتجييرها للمصلحة الشخصية لا باحترام الدستور والقوانين لمصلحة الشعب ككل. أخي الناخب أختي الناخبة قبل أن تدليا بصوتكما في صناديق الانتخاب ضعا مصلحة الكويت وشعبها أمام ناظريكم وابتعدا عن العاطفة في اختيار أعضاء مجلس الأمة القادم، ولأننا دخلنا في عهد سياسي جديد في الحكم فيجب أن ندخل عهدا جديدا في المجال التشريعي والرقابي ألا وهو مجلس الأمة. أسأل العلي القدير أن يحفظ هذه الأرض الطيبة الكويت من كل سوء، ويجعلها من الدول المتقدمة التي تحترم الدستور وتطبق القوانين على الجميع بدون تفرقة، وتعاقب كل من تسول له نفسه كسر القوانين أو تخطيها أيا كان، لأن الدستور هو عماد القوانين كلها فيجب أن يُحترم ويصان.