ولادة متعثرة لـ «هدنة بوتين» بين أرمينيا وأذربيجان

إشارات متضاربة من باكو بشأن وقف إطلاق النار... ودعم فرنسي وإيراني للمبادرة الروسية

نشر في 11-10-2020
آخر تحديث 11-10-2020 | 00:05
لبنانيتان أرمنيتان تتظاهران دعماً لكاراباخ في بيروت مساء أمس الأول          (أ ف ب)
لبنانيتان أرمنيتان تتظاهران دعماً لكاراباخ في بيروت مساء أمس الأول (أ ف ب)
على وقع الاتهامات المتبادلة واستمرار الهجمات وإن بشكل محدود، بدا أن مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير قد وضعت أزمة ناغورني كاراباخ على سكة التفاوض، لكنّ التعقيدات كبيرة نظراً لأمرين، الأول تفاؤل باكو بقدرتها على تحقيق مكاسب ميدانية أوسع، والثاني مساعي أنقرة لعدم حصر العملية السياسية بمجموعة مينسك.
تبادلت أرمينيا وأذربيجان، أمس، اتهامات بشنّ هجمات جديدة، لكن محدودة في إقليم ناغورني كاراباخ، بعد دخول وقف إطلاق النار إنساني لتبادل الأسرى والجثث، حيز التنفيذ، في مؤشر على التعقيدات التي تنتظر المبادرة الروسية التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً وتنال دعماً فرنسياً وإيرانياً.

خروقات

فبعد صباح من القتال، ساد الهدوء لفترة وجيزة عندما دخل وقف النار حيز التنفيذ، قبل أن يتبادل الجانبان الاتهامات.

وأعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية أن «أرمينيا تنتهك بشكل صارخ وقف إطلاق النار، وتحاول الهجوم باتجاه فيزولي جبرائيل وأغدام تيرتر» في ناغورني كاراباخ.

وقال مساعد رئيس أذربيجان للسياسة الخارجية، حكمت حاجييف: «لم تلتزم أرمينيا بوقف إطلاق النار المؤقت، يتعين أن ترد أذربيجان على الاستفزاز». وأضاف أن بلاده ستواصل كفاحها «من أجل التحرير الكامل للمناطق المحتلة».

في المقابل، أفادت وزارة الدفاع الأرمنية بأن «القوات الأذربيجانية شنت هجوما عند الساعة 12:05»، أي بعد 5 دقائق من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، منددة بـ «كذب» باكو حيال الهجمات الأرمنية.

من جهتها، اتهمت وزارة الخارجية التابعبة لجمهورية ارتساخ المعلنة من جانب واحد في كاراباخ أذربيجان بأنها اتخذت من محادثات وقف إطلاق النار ستارا للتجهيز لعمل عسكري. وأضافت أن السبيل الوحيد لتحقيق سلام حقيقي هو اعتراف المجتمع الدولي بالإقليم جمهورية مستقلة.

مفاوضات 10 ساعات

وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار بعد مفاوضات بين وزير خارجية أرمينيا زوهراب مناتساكانيان ونظيره الأذربيجاني جيهون بايراموف، أمس الأول، في موسكو استمرت أكثر من 10 ساعات، بدعوة شخصية من الرئيس الروسي.

وأعلن وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف عن وقف لإطلاق النار لأهداف إنسانيّة.

وتابع أن البلدين اتفقا على بدء «مفاوضات جوهريّة للتوصّل بسرعة إلى حلّ سلمي للنزاع بوساطة من رؤساء مجموعة مينسك» التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وتعد «مجموعة مينسك» التي تترأسها روسيا والولايات المتحدة وفرنسا منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، الوسيط الدولي الرئيسي في هذا النزاع.

وكان بوتين الذي يلعب دور الحكم في المنطقة حذّر بأنه في حال امتدت المعارك إلى خارج كاراباخ لتطول أرمينيا، فإن موسكو ستفي بـ «التزاماتها» بموجب تحالفها العسكري مع يريفان.

مناتساكانيان

وأشاد وزير خارجية أرمينيا، مناتساكانيان، بمجموعة مينسك، وقال إن الاتفاق يثبت أنها يجب أن تضطلع بدور الوساطة بينما تطالب أذربيجان بإدخال تركيا الى العملية السياسية.

وقال إن سقف أي عملية سياسية تدخل فيها يرفان هو «حق مواطني شعب أرتساخ (تسمية كاراباخ بالأرمنية) في تقرير مصيرهم بحرية اذا كانوا يريدون دولة مستقلة».

في المقابل، أعلن وزير خارجية أذربيجان جيهون بايراموف أن وقف إطلاق النار في الصراع سيستمر فقط خلال الفترة التي يستغرقها الصليب الأحمر في ترتيب تبادل الجثث، وأضاف أن الوضع الراهن على الأرض في الجيب الجبلي لا يناسب بلاده التي تتوقع أن تسيطر على المزيد من الأراضي بمرور الوقت.

وكان رئيس أذربيجان إلهام علييف قال في وقت سابق إن «المرحلة العسكرية أو جزؤها الأول انتهى، وتوصلنا الآن إلى تسوية سياسية ستضمن أننا سنصل إلى نهاية الأمر، وسنحصل على ما هو تابع لنا حسب القانون».

تركيا

بدورها، شددت وزارة الخارجية التركية على أن «وقف النار لأسباب إنسانية خطوة أولى مهمة، لكنه لن يكون بديلا لحل دائم». وأضافت: «أكدت تركيا أنها ستدعم أي حل توافق عليه أذربيجان، وستواصل الوقوف إلى جانب باكو في الميدان وعلى طاولة التفاوض».

ولفتت الى أن «أذربيجان منحت أرمينيا فرصة أخيرة للانسحاب من أراضيها المحتلة».

ورحبت وزارة الخارجية الفرنسية بإعلان وقف النار ودعت الى تنفيذه والتقيد به بشكل كامل «من أجل تهيئة الظروف الكفيلة بوقف دائم للأعمال القتالية بين البلدين».

وشددت على «ضرورة استئناف المحادثات الجوهرية، التي التزم بها الطرفان تحت رعاية الرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك، من دون شروط مسبقة».

ظريف

وفي طهران، أشاد الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بجهود روسيا للتوصل إلى وقف إطلاق النار .

وأكد روحاني ضرورة تطبيقه واستمراره، معربا عن استعداد طهران لتقديم أي مساعدة في هذا الصدد.

وشدد على أن «حل قضية كاراباخ ليس عسكرياً»، وحذّر من مغبة تدخل أطراف ثالثة في الأزمة، مشيرا إلى أن ذلك سيؤدي إلى اتساع رقعة الحرب وإطالة أمدها ولن يكون لمصلحة المنطقة.

كما عبّر روحاني عن قلق طهران إزاء مشاركة بعض الجماعات الإرهابية في النزاع، وشدد على ضرورة الحفاظ على أمن الحدود الإيرانية.

كما رحب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بوقف النار، ووصفه بالخطوة نحو السلام، داعياً طرفي النزاع الى الانخراط في حوار جدي يقوم على احترام القانون الدولي ووحدة الأراضي.

وفي أوتاوا التي علقت تصدير بعض تقنيات الطائرات المسيرة إلى تركيا للتحقيق في مزاعم أن قوات أذربيجان استخدمتها، قال وزير الخارجية الكندي فرانسوا شامبين إن بلاده أوضحت لتركيا أنه ينبغي لها والدول الأخرى عدم التدخل في الصراع في كاراباخ.

back to top