الإنجيليون، تلك الجماعة المسيحية المؤثرة بشكل خاص في الولايات المتحدة، ترى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو من اختاره الله للحكم، ونظرا لذلك، فإن عناصرها لا يألون جهدا في تنفيذ استراتيجية تمكنهم من تعزيز نفوذهم في المجتمع لتحقيق هدفهم.

لكن ما الذي يقرّب هذه الجماعة الدينية التي يتزايد أتباعها في العالم بشكل مذهل، من ترامب؟ وما وزنها الانتخابي؟ وما حقيقتها من الناحية الدينية؟ ولماذا تحتل إسرائيل مكانة مركزية لديها؟ وما استراتيجيتها لإعادة انتخاب ترامب؟

Ad

للإجابة عن هذه الأسئلة، قابل لوك شاتيل الكاتب في صحيفة "لوموند" الفرنسية، آندري غاني مؤلف كتاب "إنجيليون خلف ترامب.. الهيمنة والشيطانيات ونهاية العالم"، أستاذ علم اللاهوت في جامعة كونكورديا في مونتريـال بكندا.

وعن وزن هذه الجماعة الانتخابي، يقول غاني إن التقديرات تشير إلى أن هناك ما يقرب من 95 مليون إنجيلي في الولايات المتحدة من جميع الأطياف، يشكل مؤيدو ترامب منهم ما بين 12 و15 بالمئة، ومن بينهم من يؤيد الديمقراطيين، خصوصا ذوي الأصول الإفريقية.

والإنجيليون من الناحية الدينية مجموعة يصعب تحديدها بشكل دقيق، غير أنهم يدّعون أنهم يجعلون من الكتاب المقدّس مصدر سلطتهم الرئيسي في مسائل الإيمان والممارسة.

وبحسب استطلاع للرأي عام 2017، فإن 80 بالمئة من الإنجيليين الأميركيين يؤمنون بالعودة الوشيكة للمسيح، وهم مقتنعون بأن إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 هو من المبشرات بذلك. ولضمان أن تحل البركة الإلهية على الولايات المتحدة، فإن عليها أن تحافظ على علاقات جيدة مع إسرائيل.

وهناك مرجع كتابي آخر يبرز في كثير من الأحيان لإضفاء الشرعية على ترامب في نظرهم، إذ يرون فيه شخصية الملك الفارسي كورش، الذي يقول الكتاب المقدس إنه أنقذ اليهود وأعادهم إلى الأرض التي طردهم منها ملك بابل نبوخذنصر الثاني عام 587 قبل الميلاد.

وقد قرر الإنجيليون دعم ترامب في الانتخابات السابقة، بعدما حثّهم على ذلك رجل الأعمال المسيحي لانس والناو، الذي يعتبرونه نبيا، لأنه - بحسب زعمه - قبل فترة وجيزة من الانتخابات الرئاسية عام 2016 "أوحي إليه" أن ترامب هو من سيفوز، كما أنه ربط ذلك بكون الفصل 45 من كتاب إشعياء يتحدث عن مهمة الملك كورش التي يتعيّن على ترامب إنجازها بصفته الرئيس 45 للولايات المتحدة، حسبما يقول والناو.

ويركز الإنجيليون في عملهم الانتخابي وغيره على اختراق المؤسسات الاجتماعية والثقافية والسياسية للمجتمع، وللقيام بذلك فإنهم يطبقون إستراتيجية يسمونها "احتلال الجبال السبعة"، وتمثّل هذه الجبال السبعة مناطق النفوذ: الدين والتعليم والاقتصاد والسياسة والفنون والإعلام والأسرة.

ولاختراق هذه المجالات الثقافية السبعة والسيطرة عليها، يعيدون إنتاج نماذج التأثير الموجودة في المجتمع، ومن ثم غرس القيم المسيحية فيها.

والهدف هو تسلّق المراتب لتجد نفسك في قمة "الجبل"، وبالتالي تصبح الأقوى والأكثر نفوذا في مجالك، وقد حققوا مكاسب لا يستهان بها، والمؤكد هو أن من أيد منهم ترامب عام 2016 سيؤيده اليوم، وفق الكاتب.