من سنجار أقصى الشمال حتى شط دجلة في بغداد، تتوالى التنازلات من الفصائل الموالية لإيران، بعد أيام من تلميح أميركي بإغلاق سفارة واشنطن في بغداد، والانتقال إلى عمليات تستهدف خصوم البيت الأبيض، وسط تشديد غير مسبوق للعقوبات المفروضة على طهران.وقد لاحظ المراقبون أن نحو ست ليالٍ مرت على البغداديين دون أن يسمعوا انفجارات صواريخ الكاتيوشا المعتادة في قلب العاصمة، والتي تطلقها جماعات مقربة من طهران ضد السفارات الأجنبية وبنحو متتابع منذ شهور، أعقب ذلك نهار أمس إعلان مفاجئ من كتائب "حزب الله" العراقية لهدنة تتوقف بموجبها الهجمات ضد الأهداف الأميركية في العراق.
وقالت الفصائل إن هذه الهدنة مشروطة بوضع جدول زمني لانسحاب أميركا من العراق، في وقت ترد بغداد وواشنطن بأن الجدول الزمني موجود ومشروط باكتمال تأهيل القوات العراقية، وأن ذلك لن يكون خضوعاً لضغط أجنبي أو ميليشياوي.وكانت مصادر تحدثت عن اكتمال تحقيقات عراقية موثقة بكاميرات مراقبة من مئات المواقع في مختلف المدن، أعدها جهاز المخابرات، تثبت تورط كتائب حزب الله في قصف السفارة الأميركية والمطارات المدنية والعسكرية، في حين أكدت أن ممثلة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت عرضت بعض هذه الوثائق خلال لقائها قيادات فصائل الحشد الشعبي في بغداد الأسبوع الماضي، موضحة لهم أن الأدلة يمكن أن توضع على طاولة مجلس الأمن لأنها تمس سيادة العراق ومحاولات حكومة مصطفى الكاظمي بسط الأمن.والأسبوع الماضي طلب وزير خارجية العراق فؤاد حسين، خلال زيارة لطهران، أن تقطع إيران علاقتها بالميليشيات لأن بقاءها يعقد مهمة الدولة العراقية، ويخرب علاقاتها مع العالم، كما يعرقل محاولات بغداد إنعاش التنمية الاقتصادية، وسيكون لمصلحة إيران المحاصرة والباحثة عن متنفس داخل أسواق العراق إنهاء تلك العلاقة.وفي الوقت نفسه يبدو أن إيران تخلت عن فكرة الممر البري عبر منطقة سنجار في نينوى والذي يربط طهران بدمشق، إذ لم تعد الإمدادات إلى هناك تذكر، قياساً بما يصل إلى غرب الأنبار وسط العراق مثلاً.وبموجب اتفاق حول إعادة ترتيب الأوضاع الأمنية والإدارية في غرب نينوى شمال العراق، أُبرم أمس الأول، فإن الفصائل الموالية لطهران تخسر جزءاً من نفوذها لأطراف عديدة، في حين ستكون الشرطة المحلية، مثلاً، لاعباً جديداً بعد أعوام من سيطرة الميليشيات على غرب محافظة نينوى ومدينة الموصل، كما أن نفوذ العمليات المشتركة صار أوسع، وكذلك قوات البيشمركة الكردية، وهؤلاء كلهم خصوم مباشرون للفصائل.ويمكن القول إن الكاظمي حقق نصراً استراتيجياً في ضبط الأمن بمنطقة سنجار، وفي محاصرة الفصائل وإجبارها على إعلان وقف هجمات الكاتيوشا ضد السفارات والمطارات المدنية والعسكرية، دونما حاجة إلى مواجهة مسلحة معها، رغم أن المواجهة قد تحين في أي لحظة لجهة التسخين والتصعيد السياسي بين أجواء حركة احتجاج أكتوبر التي تستعد لانتخابات مبكرة قد تغير أوزان القوى في البرلمان المقبل، والفصائل الموالية لطهران والمتهمة بقتل ناشطي أكتوبر وقادة حراكه.
أخبار الأولى
تنازلات إيران متتابعة من الموصل حتى بغداد
12-10-2020