● كيف أسهمت نشأتك بقرية السواني الساحلية ذات الطبيعة الساحرة في عشقك للرسم والفن التشكيلي؟

-في الواقع القرية لاتزال تلهمني حتى الآن، والمناظر التي أراها أمامي والتفاصيل كلها كانت تجعل رسمتي أكثر واقعية مقارنة بزملائي في المدرسة، وكنت دائماً أحاول أن أقترب من الواقع بشكل أفضل، رغم قلّة معلوماتي عن الرسم في ذلك الوقت وأنا طفل صغير، ولم أكن أجد من يساعدني، لأن المعلمين في المدرسة لم يكونوا فنانين تشكيليين أو رسامين محترفين، لكنني تابعت مسيرتي ومعرفتي، واعتمدت على ما أراه في محيطي من حيوانات وحشرات ونباتات وأمواج.

Ad

● ما الفلسفة التي تنطلق منها أعمالك الفنية؟ وهل ثمة رسالة تسعى لتوصيلها عبر فنك؟

-الفن التشكيلي فلسفة صامتة، تنبع من أعماق روح الفنان وعقله وتتسلل إلى أعماق المتلقي بصمت، وتجعله يبحر في ما لا نهاية، ويعني هذا أنني قد أتكلم مع العالم من دون أن تصدر عني أي كلمة، وهناك رسائل وتلميحات عِدة، لكن الرسالة التي أريد توصيلها هي أن الفن لا حدود له ولا نهاية، والرسم هو أبو الفنون الحقيقي، لأن بدايته كانت مع بداية البشر، ورأينا ذلك في المغارات والكهوف منذ ملايين السنين، فمجتمع بلا فن مجتمع محدود ومهدد بالانقراض.

الشعر والسرد

● ماذا يعني لك اللون؟ وبرأيك هل يمكن أن ينافس الرسم فنونا إبداعية أخرى كالشعر والسرد؟

-اللون هو نعمة من نعم الله، وبالنسبة إليّ الألوان وحدها علم كبير، وأعتبرُ الرسم والشعر والسرد توائم لبعضها البعض، فكلها أحاسيس تخرج في صورة إلقاءٍ أو تُشكّل تشكيلاً، وفي النهاية يختار المبدع من بين هذه الفنون يتقنه ويعبر من خلاله عن مشاعره وأحاسيسه.

النتيجة رائعة

● حدثني عن تجربتك في الرسم على الجدران في الشوارع، وكيف كان رد فعل السكان بعد انتهائك من وضع لمساتك الفنية على المكان؟

-كانت التجربة تقلقني في مرحلتها الأولى، فقد كنتُ أخجل لأنه لم تكن لديّ تجارب مماثلة في السابق، إلى جانب أنني كنت متردداً في البدء في هذه التجربة خشية أن ينتقدني الناس أو لا أتقن الرسمة، لكن ذلك الشعور لم يَدُم طويلاً وتشجعت وبدأت العمل وأنجزته، وكانت النتيجة رائعة، وما زاد تشجيعي هو الناس، حين كانوا يمرون وينظرون إلى أعمالي ويعجبون بها ويتكلمون عنها ويلتقطون صوراً معها.

تطوير المادة

● ما حكاية رسمك بالقهوة والمِلح؟

-الرسم بالقهوة والملح والمواد الغذائية عموماً جاء بحكم أنني كنت في ذلك الوقت أعمل في مقهى بأحد الفنادق، وكنت فقط أستمتع بهذه الهواية مع نفسي كنوع من التسلية، ثم بدأت أشكل بالقهوة وغيرها أشكالاً بديعة، وأرسم بها بورتريهات أصورها، وأنشر صورها على صفحتي على موقع "فيسبوك"، ولاحظت إعجاب الأصدقاء بما أقدمه من أعمال ويرسلونها لبعضهم البعض، ما زادني شغفاً بإنجاز المزيد وتطوير المادة التي أستخدمها لأجعلها ثابتة، واكشفتُ أن القهوة أفضل هذه الخامات من حيث اللون، كما أن طبعاتها لا تزول بسهولة، فبدأت أرسم بها لوحات وبورتريهات لكثير من الشخصيات العامة في مهرجانات محلية ودولية وإهدائها لهم.

المشهد التشكيلي

● كيف ترى واقع الفن التشكيلي في المغرب؟

-واقع مؤلم، ليس في المغرب فقط بل تقريبا في كل الدول العربية، وهذا خطير على أي مجتمع، لأن الفن هو التاريخ والحضارة والمستقبل، فكم من أمم هلكت وبقيت فنونها، وللأسف الفن التشكيلي في المغرب يعيش حالة من الصدمة، خصوصاً أن الإقبال عليه ضعيف جداً مقارنة بالدول الغربية. وأظن أن السبب يرجع إلى تقوقع بعض الفنانين وهيمنة سماسرة الفن على المشهد التشكيلي، إلى جانب القيود التي تضعها المراكز الثقافية أمام الفنانين، وعدم تشجيع واستقطاب إلا قلة مهيمنة، حتى إن كان فنهم بلا روح، رغم أن هناك مبدعين وفنانين في قمة الروعة إلا أنهم منبوذون.

المدارس الحكومية

● كيف يمكن تجاوز هذه المشكلة من وجهة نظرك؟

-يكمن الحل في أن تفتح المراكز الثقافية أبوابها أمام الفنانين الموهوبين والعمل على تشجيعهم على إظهار إبداعاتهم، إلى جانب تنظيم مسابقات فنية للجميع، ووضع حد للمحسوبية والقضاء على سماسرة الفن، ومن المهم أيضاً تدريس الفنون في المدارس الحكومية، وفتح أبواب المعاهد الثقافية من دون شروط خيالية وتعقيدات.

الرسم والتشكيل

● ما المشروع الفني الذي تعمل عليه حالياً أو تخطط له مستقبلاً؟

-مشروعي الحالي، الذي أود أن أنجزه وأنا قيد التجهيز له، إنشاء ورشة لتعليم الرسم داخل مؤسسة تعليمية حكومية لتعليم الأطفال الرسم والتشكيل، بحيث لا يحرم هؤلاء الصغار مما حُرمتُ منه سابقاً مدة سنوات.