مع توسع عملية التصويت بالبريد في الانتخابات الرئاسية الأميركية، عبرت أطراف رافضة له عن مخاوفها من تأخّر وصول بطاقات الاقتراع، ثم تأخّر الإعلان عن اسم المرشح الفائز، أياماً عديدة وربما أسابيع، خصوماً مع تلويح الرئيس دونالد ترامب، باحتمال تدخل المحكمة العليا لحسم النتيجة مثلما حدث عام 2000 عندما قررت فوز المرشح الجمهوري والرئيس الأسبق جورج بوش الابن على حساب آل غور.وأكد خبراء، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أن الأميركيين لن يضطروا إلى الانتظار حتى يتم الانتهاء رسمياً من فرز جميع الأصوات، لأن هناك مؤشرات على اسم المرشح الفائز، ربما ليلة الانتخابات، أو بعد أيام قليلة.
وحذر ترامب مراراً من نتائج "كارثية" للاقتراع بالبريد. ووصف وزير عدله وليام بار بأنه "أمر متهور، وخطير، ولعب بالنار ويفتح المجال أمام "التزوير وإجبار الناخبين على الاقتراع".وتقول الأطراف، التي تؤيد الفكرة، ومعظمهم ديمقراطيون، إن الهدف هو الحد من أخطار تفشي فيروس كورونا المستجد، في دولة هي الأكثر تضرراً منه.وجادل المنتقدون بأن التأخير في تسلّم بطاقات البريد، وفرز الأصوات، من شأنه تأخير الإعلان عن نتيجة السباق فترة طويلة وليس يوم الانتخابات كما هو معهود.وهناك مخاوف أيضاً من حدوث تزوير، نظراً إلى أن تسليم أوراق الاقتراع يتم بعيداً عن أعين الجمهور، بالتالي تزداد فرص سرقة هوية الناخبين، كما أن مسار إرسال الناخبين بطاقات الاقتراع لفرزها، ليس بمستوى أمان الاقتراع الشخصي التقليدي.
مشكلات الفرز
وفي تقرير "وول ستريت"، توقع مراقبون أن تستغرق عملية فرز الأصوات مدة طويلة لأنه قد يقدم أكثر من 50 في المئة من الناخبين أصواتهم عبر البريد هذا العام، وذلك ارتفاعاً من 20 في المئة في 2016.وما يعزز أيضاً من احتمالية تأخر النتيجة أن ثماني ولايات ستنتظر حتى يوم الانتخابات (3 نوفمبر) لمراجعة بطاقات الاقتراع التي تصل بالبريد.لكن، بحسب "وول ستريت جورنال"، معظم الولايات تقوم بمراجعة بطاقات الاقتراع قبل يوم الانتخابات، وتبدأ في وضعها على أجهزة المسح الضوئي قبل إغلاق الصناديق.وتخلط العديد من الولايات بطاقات الاقتراع المرسلة بالبريد وأوراق الاقتراع الخاصة بيوم الانتخابات ليتم فرزها معاً، بحيث عندما يتم إعلان نتائج الاقتراع في الدوائر الانتخابية، فالنتيجة بذلك تشمل أصوات الناخبين من الفئتين.ساعات أم أشهر؟
وفي مثل هذه الولايات، قد يتم إعلان نتيجة الاقتراع بعد بضع ساعات من السباق، أي ليلة الانتخابات، وليس بعد أيام، بحسب الصحيفة.وعلى سبيل المثال، يسمح القانون في ولاية فلوريدا، الحاسمة، بأن تقوم المقاطعات بمراجعة التواقيع على بطاقات الاقتراع وإدخالها في أجهزة المسح الضوئي قبل 22 يوماً من يوم الانتخابات.ويطلب القانون من المشرفين على الانتخابات الإبلاغ عن جميع الأصوات المبكرة وعبر البريد خلال 30 دقيقة من إغلاق صناديق الاقتراع.وتظهر دراسات إلى أنه في سباق عام 2016، تم الإعلان عن نتائج التصويت المبكر في فلوريدا بسرعة أكبر من نتائج التصويت في مراكز الاقتراع يوم الانتخابات.لكن تأخر إعلان نتائج السباق يثير قلقاً، بحسب مسؤولي انتخابات، في بعض الولايات الرئيسية، الذين حذروا من أن فرز الأصوات قد يستغرق أياماً نظراً للزيادة المتوقعة بعدد الأصوات المرسلة بالبريد.وفي بعض الولايات، قد تستمر عملية تلقي بطاقات الاقتراع عدة أيام من يوم الانتخابات، مادام تم إرسالها قبل إغلاق صناديق الاقتراع.وبينما تقوم بعض الولايات بعدّ الأصوات فور تسلمها، فإن ولايات أخرى من بينها تلك التي ستحسم نتيجة السباق، مثل ميشيغان وبنسلفانيا، تمنع قوانينها مراجعة بطاقات الاقتراع بالبريد حتى يوم الانتخابات، مما يعني أن الفرز سوف يمتد إلى ما بعد ليلة الانتخابات.وهذا الأمر لا يعني أن وسائل الإعلام لن تستطيع التكهن باسم المرشح الفائز، بحسب وكالة "أسوشييتد برس"، لكن وسط اشتداد المنافسة في سباق 2020، قد تميل إلى تأجيل الإعلان لحين الانتهاء من عد جميع الأصوات.وتشير الوكالة إلى أنه في سباق على مقعد في مجلس الشيوخ بولاية أريزونا، عام 2018، فازت الجمهورية مارثا ماكسالي، بفارق ضئيل في الفرز الأولي للأصوات المسجلة في مراكز الاقتراع وعبر البريد التي وصلت قبل يوم الانتخابات. وبعد فرز جميع الأصوات التي وصلت بالبريد يوم الانتخابات، أعلن فوز منافستها الديمقراطية كيرستن سينيما بأكثر من نقطتين مئويتين.زيادة قياسية
وفي سياق متصل، أظهرت أخر الاحصاءات أن أكثر من تسعة ملايين أميركي صوتوا فعلاً في التصويت الاقتراع المبكر مقارنة مع 430 ألفاً قبل أربع سنوات.وبحسب مسح أجرته شبكة "سي إن إن" ومؤسسة "إيديسون ريسيرش" في 36 ولاية فإن 4.3 ملايين صوت من هذه الأصوات جاءت من 12 ولاية "من أكثر الولايات تنافسية في السباق"، مشيرة إلى أن الديمقراطيين يتقدمون على الجمهوريين في ست منها.ولا تنبئ هذه البيانات بنتيجة أي من السباقات، إذ تظهر استطلاعات الرأي أن الجمهوريين يفضلون التصويت شخصياً في يوم الانتخابات وليس مبكراً.وقالت الشبكة، إن عدد طلبات الاقتراع وتسلمها شهد زيادة "قياسية" في بعض الولايات. وتجاوز عدد الطلبات في 38 ولاية، سواء عن طريق البريد أو من خلال التصويت الشخصي المبكر، 35 مليون طلب هذا الأسبوع.مؤامرة ميشيغان
في الأثناء، لا تزال قضية محاولة خطف حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمير، تثير الكثير من الجدل. وفي جديدها كشفت النائبة العامة للولاية دانا نيسيل أنها كانت تعلم بآخر التطورات والمستجدات الخاصة باستهدافها من تشكيل عصابي كان يسعى لجمع أكثر من 200 رجل لاقتحام مبنى الحكومة واحتجاز رهائن.وأوضحت نيسيل، لقناة "سي بي إس" أن الحاكمة وعائلتها كان يجري نقلهم في بعض الأحيان من مكان إلى آخر جراء علم سلطات إنفاذ القانون بوجود أنشطة مشبوهة تستهدفها، مؤكداً أن المتهمين الـ13 اقتربوا كثيراً من تنفيذ خطتهم، وهو ما اضطر الشرطة إلى التدخل "قبل أن يفقد أي أحد حياته".ويوم الخميس المنصرم، أوضح مكتب التحقيقات الفدرالي أن مصدراً سرياً حضر في ولاية أوهايو اجتماعاً عقد في شهر يونيو، وفيه ناقش أعضاء التشكيل العصابي بميشيغان، فكرة إطاحة حكومات الولايات "التي تنتهك الدستور"، مبيناً أن التحقيقات أوضحت أنهم في حال فشل تحركهم، فإن الخطة البديلة كانت تستدعي مهاجمة الحاكمة في منزلها.مناعة وإصابة
إلى ذلك، ومع دخول السباق مع منافسه الديمقراطي جو بايدن أسابيعه الأخيرة الحاسمة، عاد ترامب إلى تجمعاته الانتخابية في الولايات الرئيسية المتأرجحة صاماً أذنيه عن التحذيرات الصحية، وأجرى تجمعاً في فلوريدا أمس، قبل بنسلفانيا وأيوا من أجل تحفيز قاعدته.وبعد تصريحاته المثيرة للجدل عن تمتعه بمناعة ربما إلى مدى الحياة، ألمح ترامب لاحتمال أن يكون خصمه بايدن البالغ 77 عاماً مريضاً. وقال: "إذا نظرتم إلى جو، كان يسعل بشكل فظيع السبت، ثم يمسك بكمامته، ثم يسعل، ولا أعرف ماذا كان كل ذلك لكنه لم يحظ بكثير من التغطية الإعلامية".المناظرة الثانية
وإذ انتقد بايدن تعاطي ترامب مع فيروس كورونا واتهمه بأنه "أسوأ قائد ممكن للتعامل مع أزمة صحة عامة"، اشترطت حملته المشاركة في المناظرة الثانية والأخيرة المقررة في 22 أكتوبر في حال "اتباع جميع بروتوكولات السلامة وعدم حمل ترامب لفيروس كورونا".وقال الرئيس المشارك بحملة المرشح الديمقراطي يدريك ريتشموند، لقناة "إيه بي سي"، إن بايدن "سوف يستمع إلى الخبراء والعلماء الأميركيين الذين وضعوا بروتوكولات السلامة، وإذا كان ترامب لا يحمل الفيروس، وتم وضع بروتوكولات الصحة لحماية، ليس فقط جو بايدن، ولكن الجميع، فسوف نرغب في عقد هذه المناظرة التي نود أن تكون على شكل ندوة".