ترامب... محور الانتخابات
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
ومن نافلة القول، إن الانتخابات لا تحسمها إلى حدٍ كبير البرامج السياسية المطروحة بقدر ما يحسمها تصورات الناخبين، ورغم أن الرعاية الصحية والاقتصاد وتغير المناخ والإجهاض، كلها نقاط شديدة الأهمية، لكنها لن تكون عوامل حاسمة لكثير من الناخبين في نوفمبر المقبل، ونشر «الديمقراطيون» برنامجاً مفصلاً يبسط طريقة تعامل إدارة بايدن مع معظم القضايا التي تواجه البلاد هذا العام لأول مرة فيما تعيه الذاكرة، لكن «الجمهوريين» لم يقدموا أي برنامج، وأشاروا إلى أن «الرئيس سيخوض السباق بناءً على سجله والوعود التي وفى بها». فما الذي يعنيه هذا بالضبط؟ لم يفِ الرئيس ترامب بأبرز وعوده لحملة 2016، فقد وعد بإقامة «جدار كبير جميل» تمول تكلفته المكسيك، وفي السنوات الأربع الماضية، لم يبن إلا بضع مئات من الأميال بتمويل استمده الرئيس من ميزانية البنتاغون، ووعد مراراً بالقضاء على برنامج «أوباماكير» ليحل محله «أعظم نظام للرعاية الصحية في العالم»، وهذا لم يحدث بل أصبح ما يقرب من عشرة ملايين آخرين من الأميركيين من دون تأمين صحي، نتيجة إضعاف إدارته لبنود برنامج أوباماكير. ووعد بـ«تجفيف المستنقع» من جماعات الضغط في الحكومة، لكنه ملأ وزارته والمناصب الإدارية الكبرى بأشخاص من جماعات الضغط الخاصة من أي إدارة في التاريخ، ووعد بإعادة وظائف التعدين والتصنيع إلى أميركا، لكن الذي حدث منذ توليه المنصب، أننا فقدنا ما يقرب من ربع مليون وظيفة في التصنيع وسبعة آلاف في التعدين، وبخلاف إقرار تقليصات كبيرة في الضرائب أفادت الأغنياء وتعيين قضاة محافظين وتخفيف اللوائح الحمائية للصناعة والبيئة، لم يف ترامب إلا بالقليل للغاية من وعوده. وهذه الأفعال لا تفسر بالتأكيد سبب احتفاظه بمثل هذا الدعم القوي وخصوصاً وسط ناخبي الطبقة العاملة، فلماذا مازال يحتفظ بدعمهم؟ هذا بسبب المقتبسين اللذين أشرت لهما في البداية وهو أن ترامب استشف ما يريد الناس تصديقه. وفي مؤتمر الحزب «الجمهوري» عام 2016، أخبر ترامب الناخبين بأن المشكلات التي تواجه أميركا كبيرة للغاية؛ لذا لا يستطيع أحد غيره إصلاحها، فقد شعر كثيرون من الناخبين المستبعدين أنهم بحاجة لتصديق ترامب بأنه سيكون بطلهم ويجعلهم رائعين من جديد، بعد وقوعهم في دوامة التغير الاجتماعي وعدم الأمن المالي والشعور بأن النظام السياسي يتجاهلهم ويعتني بآخرين، وبعد أربع سنوات، ورغم أنهم لم يصبحوا أفضل مما كانوا عليه من قبل، يعز عليهم الاعتراف بأنهم ربما كانوا على خطأ، ولذا واصلوا التصديق؛ لأن البديل مر للغاية، ومثل المشاهدين في قصة «ثياب الإمبراطور الجديدة» لهانز كريستيان أندرسون، ربما يعلم بعض الناخبين أنهم خُدعوا، لكن الاعتراف بهذا صعب عليهم. ما سيتقرر، إذاً، في نوفمبر هو مدى استعداد أغلبية من الناخبين البيض الذين يشعرون بالاغتراب للاستمرار في تصديق دونالد ترامب أو قدرة جو بايدن على الفوز بدعمهم، وإذا أراد بايدن الفوز، يتعين عليه ألا يكتفي بانتقاد الإدارة الحالية، بل يكسب ثقة الناخبين بأنه يفهم طموحاتهم وسيستجيب لها.* رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن