قبل أقل من 3 أسابيع من الانتخابات الأميركية، تواجه شركات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي تدقيقاً وضغطاً شديدين، من أجل بذل المزيد من الجهد، بهدف الحيلولة دون تحول منصاتها الإلكترونية إلى ناقلات للمعلومات المضللة، والتدخل في ترجيح كفة الرئيس دونالد ترامب أو منافسه الديمقراطي جو بايدن.

وعلى مدار الشهرين الماضيين، قام عمالقة مواقع التواصل الاجتماعي ممثلة في "فيسبوك" ومنافسه "تويتر"، بطرح سياسات جديدة استعداداً ليلة انتخابات معقدة، وربما فوضوية، إذ من المحتمل أن تكون نتائجها غير واضحة أو متأخرة.

Ad

ولا يمكن إغفال ما يمكن أن يحدث من تأجيل في إعلان نتيجة الانتخابات لأسباب مختلفة، قد يحتاج حسمها إلى اللجوء للقضاء، وما سيصاحب ذلك من احتجاجات ومواجهات من جانب أنصار المرشحين الجمهوري والديمقراطي.

وقامت الشركتان، "فيسبوك"، و"تويتر"، بتحديث قواعدهما هذا الأسبوع، في إشارة إلى أنهما مازالا يقومان بضبط استراتيجياتهما قبل أقل من شهر من إجراء الانتخابات.

وذكرت وكالة "بلومبرغ"، أن الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك"، مارك زوكربرغ، شأنه شأن الكثير من الأميركيين، يتوقع أن تتسم ليلة إجراء الانتخابات في 3 نوفمبر، بالارتباك، كما يخشى أن تتسم بالعنف أيضاً.

ومن المحتمل أن يتسبب أي تأخير في الإعلان الرسمي عن الفائز ليلة 3 نوفمبر في إرباك الناخبين، ويمكن أن يوفر فرصة للكثيرين، ومن بينهم المرشحون أنفسهم، لنشر معلومات غير كاملة أو غير دقيقة على الإنترنت، بحسب "بلومبرغ".

ويشعر بعض المراقبين بالقلق من أن يؤدي عدم وجود إجابات واضحة، أو تضارب المعلومات بشأن نتائج التصويت، إلى حدوث أعمال شغب أو احتجاجات، كما حذر آخرون من حدوث تخويف محتمل في أماكن الاقتراع، أو من أن المعلومات الخاطئة بشأن كيفية إجراء التصويت أو موعده، قد تعني عدم تصويت المواطنين نهائياً.

إجراءات جديدة

ومن بين الإجراءات الجديدة استعداداً لليلة الانتخابات، قامت شركة "فيسبوك"، بإضافة قيود على الدعاية السياسية بهدف منع المرشحين من الترويج للادعاءات المضللة من خلال الدعاية في الساعات التي تسبق أو تلي عملية التصويت.

وستقوم المنصة بوضع رمز على المنشورات الصادرة عن المرشحين الذين يزعمون أنهم قد فازوا في الانتخابات قبل إعلان النتائج، كما ستمنع أي دعاية تتضمن نفس ذلك المحتوى، بحسب "بلومبرغ".

وسيقوم "فيسبوك" بوضع تنبيه فوق كل منشور خاص بمستخدمي "فيسبوك" و"انستغرام"، بمجرد غلق صناديق التصويت، لتوجيه المواطنين إلى مركز المعلومات الخاص بالتصويت.

بدوره، اعتبر موقع "تويتر" أن المنشورات التي تقدم معلومات خاطئة عن نتائج الانتخابات، تمثل انتهاكاً لسياسته وسيضع رمزاً عليها، وأن تلك التي "تعمل على إضعاف الثقة" في عملية التصويت، مثل الإيحاء أن النتائج مزورة، تتعارض أيضاً مع القواعد المعتمدة لديه، وسيتم وضع رمز عليها أو إزالتها.

ويشار إلى أن "تويتر"، شأنه شأن "فيسبوك"، لديه مركز معلومات خاص بعملية التصويت، سيتم تحديثه طوال ليلة إجراء الانتخابات من خلال تغريدات صادرة عن المؤسسات الإخبارية الرئيسية.

وفي كثير من الحالات، سيتم وضع رموز على المعلومات المضللة التي سيتم نشرها على الخدمتين، ولكن لن تتم إزالتها، مما يطرح تساؤلاً لدى بعض مراقبي الانتخابات عن مدى فعالية هذه الاستراتيجية.

ويعتبر التحدي الوحيد بالنسبة لجميع الخدمات المتاحة عبر الإنترنت، هو "السرعة"، فحتى إذا قامت شركات مواقع التواصل الاجتماعي بوضع رموز على المنشورات الصادرة عن سياسيين مخالفين، فإنه يمكن أن تصل تلك الرسائل للمستخدمين على نطاق واسع جداً في غضون دقائق معدودة.

وبعد أن نشر الرئيس دونالد ترامب، تغريدة في وقت سابق من الأسبوع الجاري تشير إلى أن مرضه بفيروس كورونا، لم يكن أسوأ من الإنفلونزا، أخفى "تويتر" المنشور وراء ملصق تحذيري، ولكن ذلك بعد أن حاز المنشور أكثر من 180 ألف إعجاب، بالإضافة إلى إعادة نشر التغريدة أكثر من 43 ألف مرة.

أول تجمع

قبل 22 يوماً من مواجهته بايدن، عقد الرئيس الأميركي، أمس الأول، في فلوريدا أول مهرجان انتخابي من أربعة من المقرر أن تجرى هذا الأسبوع، بعد إصابته بكورونا الذي ارغمه على تجميد حملته عشرة أيام، مؤكدا لأنصاره أنه "قوي".

وهتف للحشود المتجمعة في سانفورد بولاية فلوريدا عازماً إثبات عودته الصاخبة إلى السباق "لقد تخطيته والآن يقولون إن لدي مناعة" ضد الفيروس. وأضاف وسط ضحك أنصاره "يمكنني أن أسير وسط هذا الحشد، وأقبّل الحضور أجمعين من الرجال والنساء الجميلات".

وبعد أسبوع فقط من خروجه من المستشفى، بدا ترامب مفعماً بالنشاط لدى إلقائه خطابه الذي استغرق أكثر من ساعة، ولم يوفّر فيه أياً من أهدافه الانتخابية المعتادة إلا وهاجمه، من "المحتالة هيلاري" كلينتون إلى الصحافة "الفاسدة"، مع إطلاق تحذيرات شديدة من مخاطر "اليسار الراديكالي" والكابوس الاشتراكي".

وبعد فلوريدا، زار ترامب أمس بنسلفانيا، وهي أيضاً من الولايات الأساسية، ثم أيوا اليوم، على أن يواصل مهرجاناته بشكل مكثف طوال الأسابيع الثلاثة المقبلة.

وغير آبه باستطلاعات رأي تتوقع كلها هزيمته أمام بايدن في هذه الولاية الحاسمة، هتف ترامب: "أحب فلوريدا!"، مؤكداً أنه "قبل أربع سنوات، كانوا يقولون إننا سنخسر فلوريدا، لكن بعد 22 يوماً سنفوز بها وبأربع سنوات إضافية في البيت الأبيض!".

وحاول في خطابه استنهاض قاعدته الناخبة، مشيدا باختياره القاضية إيمي كوني باريت لشغل مقعد في المحكمة العليا. وقال ترامب: "ستكون قاضية رائعة".

وحذر ترامب سكان فلوريداً من أن بايدن، الذي سخر منه، "عاشق كبير" لدكتاتورية فيدل كاسترو الشيوعية، مؤكداً أن رئيسه السابق باراك "أوباما أعطى الكوكب كله لكاسترو، لكنني رفضت ذلك وقلت لا، شكراً لك، نحن لا نفعل ذلك".

وذكّر الجمهور، الذي ألقى عليه الكمامات عند دخوله المؤتمر في مطار سانفورد، أنه ألغى تنازلات قدمها بايدن وأوباما لراؤول شقيق كاسترو قبل مغادرتهما البيت الأبيض. وقال: "الإدارة الأخيرة أبرمت صفقة مثيرة للشفقة من جانب واحد مع دكتاتورية كاسترو، الذي خان الشعب الكوبي، وأثرت النظام الشيوعي لكنها أفقرت الشعب".

واتهم ترامب بايدن "بدعم الشيوعيين في أميركا اللاتينية، وتكريس المزيد من الأفكار الاشتراكية في الولايات المتحدة، ومعاقبة الطبقة الوسطى، ومحو كل أثر للقيم التقليدية، واستبدال الحلم الأميركي بكابوس اشتراكي إذا انتخب رئيساً".

بايدن

بعد ساعات من كلمة لنائب الرئيس الجمهوري مايك بنس، ظهر بايدن لأول مرة في مؤتمرين انتخابيين في أوهايو، التي صوتت بشدة لمصلحة ترامب قبل أربع سنوات، لكن استطلاعات الرأي أظهرت الآن تعادلهما تقريباً.

وانتقد في كلمة بمدينة سينسيناتي ترامب للتهوين من خطر الفيروس، وسخر من تصريحات قال فيها إنه لا يريد إصابة الأميركيين بالذعر والهلع.

وقال بايدن، في مؤتمر سابق في توليدو لعمال السيارات النقابيين، إنه لعب مع أوباما دوراً رئيسياً في جعل صناعة السيارات الأميركية تقف على قدميها أثناء الأزمة المالية والركود قبل أكثر من عشر سنوات.

بايدن يقلص الفارق في ميشيغان

بينما توقعت صحيفة "بوليتيكو" فوزه بالانتخابات الأميركية، أظهر استطلاع نشرته "نيويورك تايمز" أن المرشح الديمقراطي بايدن يواصل تقدمه بنحو 10 نقاط على الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، في متوسط استطلاعات الرأي الوطنية، وعزز تفوقه في نوايا الأصوات بالولايات الحاسمة.

ووفق الاستطلاع، قلص بايدن الفارق مع ترامب في ميشيغان من 8 إلى 5 في المئة خلال شهر، ووسعه في ويسكانسن إلى نحو 11 في المئة من نحو 6 في المئة في يونيو.

وأشارت الصحيفة إلى إمكانية أن ترسل كارولينا الجنوبية أول ديمقراطي منها إلى مجلس الشيوخ، في حال تغلب كايمي هاريسون على السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام في نوفمبر.