أمام جمع من الأطفال والشباب والكبار جلس نقيب المنشدين الدينيين في مصر الشيخ محمود التهامي على أريكة خشبية يختبر الحضور في فن المقامات الموسيقية، وما يحفظونه من أناشيد... إنها مدرسة الإنشاد الديني، التي تأسست للحفاظ على تراث الآباء والأجداد وتحويله إلى فن معاصر.

وكان الحضور يجلسون في فناء واسع داخل قصر الأمير طاز وسط القاهرة، حيث نفحات التاريخ الإسلامي تفوح من الجدران والأعمدة والأبواب.

Ad

ولم يكن التهامي يعتمر عمامته الشهيرة وجلبابه الصعيدي الفضفاض، بل كان ممسكاً بعوده الخشبي يداعب أوتاره ويؤدي الأناشيد الدينية، مرتدياً قميصاً صيفياً وسروالاً قصيراً من الجينز وقبعة ونظارة شمسية.

وقال في تصريحات صحافية في إشارة إلى ملابسه "لا أستطيع الذهاب إلى الصعيد بهذا الزي. لابد أن أرتدي العمة والجلباب".

وأضاف "لكن هنا في مدرسة الإنشاد أنا وسط أولادي وشباب المنشدين، ومن الممكن أن يرهبوا العمة والجلباب بعض الشيء، ما قد يؤثر على التجاوب والتفاعل".

وتابع إنه من "محبي الصوفية، ونشأت بالفعل في بيت صوفي، ولكن لا أدّعي أنني صوفي لأنها مسؤولية".

وتابع أن التصوف الآن يلعب "دورا كبيرا في تصحيح العقائد والأفكار في زمن التطرف والعنف والإرهاب".

وفي السنوات الأخيرة سعى التهامي من الإنشاد والمدرسة إلى أن يطبق فكرا جديدا يحافظ على التراث والأصالة، وتقديمهما بطريقة حديثة من خلال المزج بألوان فنية وثقافية متنوعة.

واستطرد "مزجت بين فن الإنشاد الديني بالأسلوب التقليدي وألوان الموسيقى الأخرى الغربية والشرقية".

وكان عام 2017 بداية تجربة التهامي المعاصرة عندما قدّم ثلاثة أناشيد في الألبوم الغنائي الأميركي "أوريغن"، الذي حصد إحدى جوائز "غلوبال ميوزيك اوورد".

ويقول التهامي "بعد 2017 بدأت انطلق إلى المهرجانات الفنية الدولية، ليس الدينية فحسب، حتى يصبح الإنشاد فنا إنسانيا مرة أخرى".

ومن بين مظاهر تجديد التهامي في فن الإنشاد، مشروع تعاون مازال مستمرا بينه وبين الموسيقي المصري الحائز "غرايمي أوورد" فتحي سلامة، تحت اسم "الصوفية مقابل الحداثة"، ومنهم من يلتحق بمسابقات لا تتعلق بالإنشاد الديني قائلا "على سبيل المثال هناك أربعة من تلاميذي شرفونا في البرنامج الغنائي ذا فويس كيدز".

وتضم الأوركسترا حتى الآن 40 منشدا، و25 موسيقيا، ولكن لم تعمل بطاقتها الكاملة بعد بسبب جائحة كوفيد-19، التي أوقفت الكثير من الحفلات والعروض.