حبة الرمل التي تعطل المصنع
هناك أمور تبدو بسيطة جداً إلا أنها تنطوي على خطورة كخطورة حبة الرمل التي تعطل مصنعا كاملا، نعم فهي تعطل منظومة وجهازا ضخما ويعرف خبراء التعطيل من الأشرار أين يضعون حبة الرمل. فمثلاً إسفلت مواقف الجمعيات التعاونية بوضعه الحالي الخشن المُدَبَّب الذي لا تستطيع معه أن تتحرك بعربة حمل المشتريات فتضطر أن تترك العامل يدفعها لك، الأمر الذي يعني عدم التخلص من آلاف العمال الهامشيين الذين يعيشون على هذا الوضع الشاذ، طبعا ناهيكم عن عدم الالتزام حتى في ذروة الحظر بوجوب قيام المواطن أو المستهلك بتعبئة مشترياته بيده وعدم السماح للعمال بذلك لخطورة نقل المرض، ومع ذلك لم يتم هذا الشيء لإبقاء الحاجة للعمال واستمرار الشركات والمستفيدين من هؤلاء العمال.لو كانت الجمعيات التعاونية جادة لوضعت المستهلكين أمام خيار واحد وعبدت الطريق للعربات، أنا شخصيا أشتري مثلا من أسواق مجمع ٣٦٠ وأدفع العربة للمواقف حتى لو كانت في مبنى التوسعة الجديد بكل سهولة لأن الأرضية مستوية وناعمة.
فالمطلوب من وزارة الأشغال إعادة سفلتة المواقف وتنعيم كل مسارات العربات وبعدها إنهاء الجمعيات التعاونية كل عقود العمالة وإلزام مستخدم العربة بإرجاعها لمحلها فنتخلص من آلاف العمال، ولابد من وضع المستهلك أمام خيار واحد في تعبئة احتياجاته وتوصيلها لسيارته. قس على ذلك كل الأسواق في القطاع الخاص وفي سوق المباركية مثلاً وسوق السمك ومحلات السوبر ماركت، وعندما تذهب للجمعيات ترى مندوبي الشركات بين الرفوف لتصفيف وإبراز بضاعاتها، ولا نجد كثافة هذا الوجود في الأسواق الضخمة لا في الكويت ولا خارجها.لابد من وضع سياسات وترتيبات يلتزم بها السوق في العرض ويقوم عماله بهذا الترتيب دون تدخل الشركات ونتخلص من جيوش المندوبين، وما الداعي للطباعة أثناء إنجاز المعاملات في خدمة المواطن التابعة لوزارة الداخلية، فكل هذه حبات رمل معطلة تحفظ مصالح البعض ويترتب عليها جيوش من العمالة التي لا داعي لها.أما الجلمود الأخطر الذي يسد ويعطل الإصلاح والتطور والرفاهية فيتمثل في رفض البعض للخصخصة الأمر الذي يسعد المتمصلحين من وراء إدارة الدولة لمرافق الخدمات الصحية والتعليمية ومحطات الكهرباء والماء والموانئ والهاتف الثابت والبريد،، هؤلاء لا يعلمون أنهم برفضهم يمدون في عمر مؤسسات شرسة تنخر في التنمية وتمخر في الثروة الوطنية البشرية والمادية وتدمر المستقبل وتدفع المياه إلى طواحين المتنفذين وأفسد التجار، إن رفضهم هذا يرقص له فلول الاستفادة من المناقصات بكل أشكالها ودهاقنة استغلال توزيع المناصب والميزات والواسطات للإخضاع السياسي وتفرح له كل الطفيليات التي تعيش على استغلال مراكزها وصلاحياتها للابتزاز وابتلاع المنافع من الناس والشركات.فرفض الخصخصة انتحار وعوضا عن ذلك لابد أن يتركز جهد المعارضة والإصلاح على صيانة وتحصين الخصخصة بحيث تباع أصول الدولة بثمن عادل في أحسن الظروف وبشروط لا تضر المواطن مع ربطها بالتكويت ومظلة المنافسة الحرة وكل الضمانات التي تجعلها تحقق أرباحا معقولة وتدفع الضرائب.