منذ استقرار حلف العتوب، المعروف قبل نحو 400 عام تقريباً في الكويت، تقلدت أسرة الصباح الكريمة قيادة الحكم في البلاد، برغبة شعبية واتفاق مع أبناء المجتمع، دون طمع في ثروة (لم يكن توجد ثروة وقتها)، أو رغبة في السيطرة على موارد البلد (لم تكن هناك موارد معلومة وقتها)، أو خطة للاستئثار بشؤون المجتمع وانتزاع حقوقه واستحقاقاته. كان الحكم بسيطاً وعائلياً، وكان كل مواطن يستطيع أن يلتقي الأمير ويخاطبه بما يريد، ويطالبه بحقه، وكان الأمير يعمل مع المواطنين جنباً إلى جنب. عمل أول أمير وثّقه التاريخ الكويتي، وهو صباح الأول، على دعم شعبه البسيط، وتقوية اقتصاد البلد، وإشاعة العدالة، والحفاظ على الأمن والاستقرار، وجاء الأمير الثاني عبدالله بن صباح، وسار على نفس المنهج، وأعقبه ابنه جابر (العيش)، ثم صباح الثاني، ثم عبدالله الثاني، ثم محمد، ثم مبارك، ثم جابر الثالث، ثم سالم، ثم أحمد، ثم عبدالله الثالث، ثم صباح الثالث، ثم جابر، ثم سعد، ثم صباح الرابع.
لقد سار هؤلاء الحكام على النهج نفسه قدر استطاعتهم، وحافظوا على استقرار الكويت ونموها خلال أكثر من 300 سنة بدون انقطاع، وأدوا رسالاتهم كما ينبغي، رغم الصعوبات والمخاطر والتحديات الجسيمة المحيطة بهم. كلنا يعرف ما حدث لكثير من الدول المجاورة والقريبة منا خلال القرون الثلاثة الماضية، فقد تغيرت أحوالها وتعاقبت عليها الكثير من الأنظمة والثورات والانقلابات، مما أعاق تطورها، وزعزع استقرارها، وأهدر ثرواتها، وقوّض أمنها، وشتت جمعها، ودفع مواطنوها للهجرة إلى دول أخرى، أما الكويت فقد نما عدد سكانها، وزادت ثرواتها، وهاجر ليستقر فيها مئات الآلاف من البشر من المناطق المحيطة بها، وتطور اقتصادها حتى أصبحت عملتها من أقوى العملات في العالم، ووثيقة سفرها من وثائق السفر التي تحظى باحترام وتقدير كبيرين في العالم. هذه هي الكويت التي تعاونت على بنائها أسرة الخير مع الشعب الأصيل، وصنعوا بفضل الله تعالى وعونه دولة صغيرة في حجمها، كبيرة في عطائها، صادقة في مواقفها، مستقرة وآمنة في حدودها، مضيافة لكل زوارها، حنونة على وطنها العربي والإسلامي، مبادرة في كل النشاطات الإنسانية العالمية، كل ذلك بقيادة حكيمة، وإدارة سديدة، على يد حكام الكويت من أسرة الصباح، وخلال أكثر من ثلاثة قرون. واليوم، يتولى القيادة حاكم جديد، وهو سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله، ليكمل مسيرة البناء، والعطاء، والنماء، وهو الإنسان الذي عرف بأخلاقه القويمة، ونظافة يده الكريمة، واحترامه لأبناء بلده، واهتمامه باحتياجات شعبه. مرحلة جديدة بدأت مع تولي الأمير السادس عشر لحكم الكويت، مرحلة نسأل الله تعالى أن تكون كما نتوقعها، مليئة بالخير، والأمن، والعدالة، والتمسك بالدستور، والاستقرار، والتطور في جميع أشكاله.
أخر كلام
وثيقة لها تاريخ: نواف الأحمد الأمير السادس عشر لأسرة الصباح خلال 3 قرون
16-10-2020