بعد أيام على اتفاق غير مسبوق بين رئيس الحكومة العراقية وإقليم كردستان العراق بشأن النفط، وعقب تصريحات لوزير الخارجية السابق، القيادي الأبرز في الحزب الكردي هوشيار زيباري، اعتبرت مسيئة لـ «الحشد الشعبي»، هاجم المئات من أنصار الفصائل المتحالفة مع إيران والمنضوية في «الحشد» مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد، وأضرموا النار به.واقتحم أنصار «الحشد» مقر الحزب، التابع للزعيم الكردي مسعود البارزاني، ودمروا محتوياته بعد أن تمكنوا من عبور الأسلاك الشائكة التي وضعتها قوات حفظ القانون عند المدخل الفرعي لمقر الفرع الخامس. وأحرق المحتجون مقر الحزب، على الرغم من الوجود الأمني الكبير بمحيط المبنى.
ولم تتمكن القوات الأمنية من ردع المهاجمين الذين استجابوا لدعوة أتباع «الحشد»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى التجمع أمام مقر الحزب.وأقدم المحتجون على حرق علم إقليم كردستان، وكذلك صور البارزاني، وزيباري.ووسط أعمدة من الدخان الأسود، لوّح المتظاهرون بأعلام «الحشد» وصور قائد «فيلق القدس» الإيراني الراحل قاسم سليماني، ومساعده العراقي الأبرز أبومهدي المهندس، مؤسس «كتائب حزب الله - العراق» اللذين قتلا في غارة أميركية، مطلع العام الحالي.وتداولت حسابات مقرّبة من «الحشد»، الذي يضم فصائل شديدة الصلة بطهران ويتبع شكلياً القوات المسلحة العراقية، تسجيلات فيديو تظهر ترجّل أشخاص يرتدون الملابس السوداء من حافلات في شارع 42 بحي الكرادة في بغداد قرب مقر الحزب الكردي، وقاموا بعدها بقطع الشارع وبدأوا بترديد شعارات تؤيد «الحشد»، وتستنكر تصريحات زيباري.وجاء تلك التطورات بعد حملة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي تضمنت التحريض ضد الحزب الكردي والدعوة للتظاهر أمام مقره وإحراقه. ومن أبرز المجاميع التي هددت بحرق مقر الحزب «ربع الله» و«فرقة أحباب الله»، وغيرها من المسميات، التي قامت بحرق مقار العديد من القنوات الفضائية وتدمير محتوياتها في وقت سابق.
«الحشد» وزيباري
من جهتها، دعت هيئة «الحشد» أتباعها إلى «الحفاظ على هيبة الدولة والسلم المجتمعي واحترام رجال الأمن في هذا الظرف الحساس».وقال بيان للهيئة: «نتفهم مشاعر العراقيين والمحبين والحريصين على تضحيات ودماء أبناء الحشد الشعبي، كما ندعم حرية الرأي والاحتجاج والتظاهر السلمي بما نص عليه الدستور، لكننا نرفض استخدام العنف والتخريب بأي شكل من الأشكال».وكان زيباري قد دعا قبل أسبوعين الحكومة الاتحادية في بغداد إلى «تنظيف المنطقة الخضراء من الوجود الميليشياوي الحشدي»، ووصف «الحشد الشعبي» بأنه «قوة خارجة على القانون».ووجّه زيباري عبر «تويتر» اتهاماً مباشراً لفصائل في «الحشد» بالوقوف وراء القصف الأخير على مطار أربيل بعاصمة الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي.وتسببت تعليقات زيباري في مشادات داخل البرلمان، الأربعاء الماضي، بين نواب بتحالف «الفتح» المؤيد لـ «الحشد» ونواب عن «الديمقراطي الكردستاني»، مما أدى إلى تعليق جلسته حتى إشعار آخر.واتهمت قوات مكافحة الإرهاب في كردستان عناصر بـ «الحشد» بإطلاق صواريخ على مطار أربيل، حيث يتمركز جنود أميركيون، مطلع الشهر الجاري، في سياق هجمات منسقة ضد الوجود الأميركي تشنها فصائل يعتقد أنها مرتطبة بإيران.تهديد السلم
في المقابل، استنكرت رئاسة إقليم كردستان، الاعتداء. وقال رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، في بيان، إن مجموعة خارجة على القانون، أقدمت على «إحراق الفرع الخامس للحزب الديمقراطي، وعلم كوردستان ورفع علم الحشد فوق المقر».وقد دان بارزاني الهجوم ووصفه بـ «العمل التخريبي». وقال إن «الهجوم هو اعتداء على التاريخ النضالي المشترك للأكراد والقوى العراقية الثائرة للقضاء على الظلم والدكتاتورية». ورأى أن الاعتداء «يمس التعايش السلمي والسلم المجتمعي والسياسي، ولا يتفق مع مبادئ الدستور والديمقراطية وحقوق الإنسان».وشدد رئيس الإقليم على أن «قوات البيشمركة والحشد الشعبي والقوات المسلحة العراقية سطرت تاريخاً مشتركاً جديداً في الحرب على داعش، ونأمل أن تؤدي هذه الشراكة إلى المزيد من التعاون السياسي في سبيل إنقاذ كل شعب العراق من الأوضاع المتدهورة».وأكد أنه: لا ينبغي لأي تصريحات أو سجالات في أي مجال أن تخرب الشراكة الجديدة بين قوميات ومكونات العراق، ويجب أن تستخدم كل الأطراف الشراكة النضالية الماضية في مساعدة الحكومة الاتحادية على إقامة إدارة أفضل».واختتم بيانه بمطالبة جميع الأطراف بالتعامل بهدوء مع الحادث، وأن «تباشر المؤسسات المعنية في الحكومة الاتحادية بالتحقيقات والإجراءات القانونية بصورة جدية وبسرعة وتقدم المخربين للقانون».في موازاة ذلك، دان الزعيم التاريخي للأكراد مسعود البارزاني «العمل غير القانوني والإساءة إلى علم كردستان المقدس وعلم الحزب».واعتبر في بيان أن «مثل هذه الهجمات الجبانة والاعتداءات لا تقلل من شأن الأكراد والقيم العليا للشعب الكردي، وهذا يفصح لجميع الأطراف عن مدى تخلّف ولا أخلاقية ولا ثقافة هذا الطاقم الشرير».ودعا حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية ضد المعتدين، لكنه أكد أن من يريدون مهاجمة الحزب «الديمقراطي» والإساءة إلى مقدسات الشعب الكردي «سيدفعون ضريبة عملهم».وقارن مراقبون بين ما جرى في بغداد أمس، وبين محاولة انصار «الحشد» اقتحام السفارة الأميركية، الأمر الذي تبعه مباشرة تصفية قاسم سليماني. كما دانت رئيسة كتلة الحزب النيابية، فيان صبري، الاعتداء. وقالت إن «ثقافة الحرق والسحل مازالت موجودة لدى البعض»، مشيرة إلى حرق سفارات وحوادث مماثلة غيرها.جريمة الفرحاتية
وطالب محافظ «صلاح الدين» الحكومة العراقية بالتحقيق الفوري في جريمة الفرحاتية، حيث قتل 12 شخصاً من بلدة سنية وسط اتهامات لفصائل موالية لإيران بتصفيتهم.فتوى السيستاني
إلى ذلك، أكد المرجع الأعلى في النجف، السيد علي السيستاني، في فتوى صادرة عن مكتبه أمس، أنه «لا ترخيص في التعامل بالمنتوجات الإسرائيلية ومنتوجات الشركات التي يثبت بصورة مؤكدة أنها تدعم الكيان الإسرائيلي دعماً مؤثراً».