يجب أن نقتنع أن فيروس كورونا سيكون معنا لسنين، وقد لا يختفي حتى لو وُجد لقاح ضد الفيروس، والتطعيم ليس حلاً مضموناً للمرض، خصوصا أنه لن يكون إجباريا على الجميع، لذا يجب علينا تغيير سلوكاتنا كأفراد للتعايش مع الجائحة بطريقة آمنة للتقليل من العدوى ومعدلات الإصابة كما يجب تحديد أولوياتنا كمجتمع ودولة.أثبتت الدراسات أن كبار السن والأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة هم الأكثر عرضة للإصابة بالمضاعفات الخطرة في حال العدوى بالفيروس كما تشير الإحصاءات العالمية إلى أن الأطفال أقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا، وبناءً على هذا فإن كبار السن هم من يجب أن يحموا أنفسهم وأن يدعوا الأطفال ليعيشوا حياتهم ويتعلموا، ولكن اليوم أطفالنا في الكويت هم من يدفع ضريبة المرض الأعلى، فهم من توقف تعليمهم وعلقّت حياتهم خوفا من أن يحمل الصغير المرض ويجلبه للبيت ويعدي أباه أو جده أوجدته أو أمه.
فخوف السلطات الصحية ليس على الطفل أو المراهق بل على الأجداد والأهل، وهذا ليس خطأ، لكن الخطأ الأكبر هو أن نسلب الأطفال حياتهم ومستقبلهم، ومن الثابت أن التعليم عن بعد ليس بمستوى التعليم داخل الصفوف، وذلك لانعدام التعامل والتفاعل المباشر بين الطلاب والمعلمين لفترات طويلة جدا مما يحرم الطفل الثمار الإيجابية للتعلم المباشر خصوصا الطلبة في المراحل التعليمية الأولى الذين هم في أمس الحاجة لاكتساب بعض المهارات من معلميهم التي يتعذر على ولي الأمر الإيفاء بها. لذا أجد أنه من الظلم أن يمنح أصحاب القرار وعلى رأسهم الوزراء والنواب في الكويت أنفسهم وكبار السن المعرضين للخطر حرية العيش والتنقل والتسوق والسهر والتجمع، وربما نقل المرض من الديوانية والتجمعات للبيوت، وهم من حرموا الأطفال من العودة لفصولهم واستكمال تعليمهم، كما أنهم يطالبون بتمويل معيشتهم ورفاهيتهم وتسوقهم خلال الأزمة وما بعدها من صندوق الاحتياطي العام الذي أوشك على أن ينفد، وهم بسلوكهم هذا قد سلبوا حقوق الأبناء والأجيال القادمة مرتين: الأولى بالتعدي على حقهم من مدخرات النفط وهو الضمان الوحيد لمستقبل الأجيال القادمة، والثانية بالتعدي على حقهم في التعليم وهو سلاحهم للمستقبل الذي بات مظلما في ظل أزمات الدولة وجائحة كورونا. ومن الواضح أن غاية ما عمله القياديون والمختصون اليوم هو تأجيل مواجهة مشاكلنا، فالهدر والصرف لمقابلة احتجاجات الحاضر مستمر وإغلاق المدارس في الكويت لأجل غير مسمى ولحين اكتشاف لقاح هو الحل الأسهل دون التفكير حتى في وضع خطة للتعليم، وذلك يعكس إخفاقاً كبيراً من السلطات المختصة، وعلى رأسهم الوزراء المختصون لعدم تمثيل من لا صوت لهم ولعدم وضع التعليم كأولوية في خطة العودة الى الحياة الطبيعية بالكويت، والتي يجب أن تسمى "خطة التعايش الآمن مع الوباء". لا يوجد دولة نهضت وتطورت إلا من خلال اهتمامها بالتعليم، فخطورة توقف العملية التعليمية بالمدارس قد تفوق خطورة الوباء نفسه وقد تزيد.
مقالات
فيروس الخوف من التعليم
19-10-2020