دمشق: رفضنا صفقة مع دونالد ترامب وطالبناه بالانسحاب
مسؤولان أميركيان زارا العاصمة السورية وعرضا إطلاق أميركيين مقابل رفع العقوبات
أكدت مصادر سورية صحة ما نشر أخيراً في صحيفة «وول ستريت جورنال» عن زيارة مسؤولَين أميركيّين رفيعين العاصمة دمشق بهدف البحث في عدة ملفات، منها ملف «الرهائن الأميركيين»، والعقوبات الأميركية على البلد العربي الذي تمسكت حكومته بضرورة أن تسحب واشنطن جنودها من على أراضيه.
مع استمرار تعليق الولايات المتحدة أنشطة سفارتها في البلد العربي الغارق بنزاع دموي وتدخلات خارجية منذ عام 2011، أيدت مصادر سورية واسعة الإطلاع، في تقرير شبه رسمي، صحة ما تم نشره، أمس الأول، بصحيفة "وول ستريت جورنال" بأن مسؤولَين أميركيّين رفيعين زارا العاصمة دمشق بهدف البحث في عدة ملفات، منها "الرهائن الأميركيين"، والعقوبات الأميركية على سورية.وكشفت المصادر، التي تحدثت لصحيفة "الوطن" السورية، أن كلاً من المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لشؤون المخطوفين روجر كارستينس، ومساعد الرئيس الأميركي مدير مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض كاش باتل زارا دمشق في أغسطس الماضي واجتمعا برئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك في مكتبه بدمشق وناقشا سلة واسعة من المسائل حملت جملة من العروض والطلبات.وأشارت المصادر، التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها، إلى أن "هذه ليست الزيارة الأولى لمسؤولين أميركيين بهذا المستوى الرفيع وأنه سبقتها ثلاث زيارات مشابهة إلى دمشق خلال الأشهر والسنوات الماضية".
وأفادت الصحيفة، المقربة من دوائر صنع القرار في دمشق، أن المسؤولَين الأميركيين فوجئا بذات الموقف السوري الذي يقوم على "مبدأ أنه لا نقاش ولا تعاون مع واشنطن قبل البحث بملف انسحاب القوات الأميركية المحتلة من شرقي سورية وظهور بوادر حقيقية لهذا الانسحاب على الأرض". وأوضحت أن دمشق رفضت "مناقشة رفع العقوبات الأميركية على سورية قبل مناقشة ملف الانسحاب الأميركي من الأراضي السورية".وحاول المسؤولان الأميركيان كسب تعاون دمشق مع واشنطن في ملف "الرهائن الأميركيين"، كما تسميهم واشنطن، في سورية وعلى رأسهم الضابط الأميركي السابق الصحافي المستقل أوستين تايس، لكن دمشق بقيت متمسكة بمطلب الانسحاب الأميركي قبل البحث في أي مسألة أخرى.
توجس سوري
المصادر التي تحدثت لـ"الوطن" أشارت إلى أن دمشق حذرة من نمط هذه الزيارات الأميركية لجهة أنها "لا تثق بها أو بنتائجها المحتملة، لاسيما أن القيادة السورية تدرك تأثير اللوبيات الأميركية على الرؤساء الأميركيين وقراراتهم وسياساتهم العامة".رحلة وتضارب
وكانت "وول ستريت" ذكرت أن كاش باتل سافر إلى دمشق سعياً لصفقة بهدف الإفراج عن مواطنين أميركيين اثنين على الأقل تعتقد واشنطن أن حكومة الرئيس بشار الأسد تحتجزهما.وقالت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب وآخرين مطلعين على المفاوضات، إن رحلة باتل كانت أول مناسبة يلتقي فيها مسؤول أميركي كبير بمسؤولين في حكومة دمشق في سورية خلال أكثر من عشر سنوات.وذكرت أن المسؤولين الأميركيين عبروا عن أملهم في إبرام اتفاق مع الأسد يسمح بإطلاق تايس، وماجد كمالماز، وهو طبيب سوري ـ أميركي اختفى بعدما أوقفته السلطات عند نقطة تفتيش تابعة للحكومة عام 2017.وأضافت الصحيفة أن السلطات الأميركية تعتقد أن الحكومة السورية تحتجز أربعة أميركيين آخرين على الأقل لكنها أوضحت أنه لا يُعرف عنهم سوى القليل.وكانت الولايات المتحدة أوقفت عملياتها في سفارتها بدمشق في فبراير عام 2012 بعدما أطلق الرئيس السوري حملة قمع ضد المحتجين الذين طالبوا بإنهاء حكمه، ما أطلق شرارة الحرب الأهلية.ومنذ ذلك الحين بذلت السلطات الأميركية بقيادة الرئيس السابق، باراك أوباما، وخلفه ترامب جهوداً كبيرة لعزل الحكومة السورية في الساحة الدولية وفرضت عقوبات واسعة على السلطات في دمشق. لكن على الرغم من ذلك توجه ترامب مراراً في تصريحاته إلى حكومة الأسد بطلب الإفراج عن المحتجزين الأميركيين.وفي أغسطس الماضي، أكد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أن ترامب بعث في مارس برسالة إلى الأسد بشأن مصير الصحافي أوستين.في المقابل، تؤكد المعلومات في دمشق أن أوستين تايس، ليس صحافياً وإنما عميل متعاقد مع الاستخبارات الأميركية دخل الأراضي السورية بطريقة التهريب عام 2012 وزار مناطق عديدة كانت قد خرجت حينها عن سيطرة الجيش السوري النظامي، ووصل إلى منطقة الغوطة الشرقية مكلّفاً مهمة تجهيز وإعداد "متشددين" لمحاربة القوات السورية، لكنه اختفى في الغوطة بظروف غامضة ولم يُعرف مصيره حتى الآن، وترجح المعلومات أن يكون اختفاؤه ناجماً عن صراع جماعات متطرفة كانت قد نشأت حديثاً في الغوطة الشرقية.وساطة لبنانية
في السياق، نقلت الصحيفة الأميركية عن مصادر مطلعة أن مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم التقى قبل أيام بمستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين في البيت الأبيض لبحث قضية الأميركيين المحتجزين في سورية. وذكرت نقلاً عن المصادر أن المحادثات لم تحرز تقدماً يذكر، مشيرة إلى أن دمشق تطالب واشنطن بسحب كل قواتها من البلاد.وسبق لإبراهيم أن عمل وسيطاً بين الولايات المتحدة وسورية في العام الماضي، عندما ساعد في تأمين الإفراج عن سام غودوين، المغامر الأميركي الذي احتجز لأكثر من شهرين أثناء زيارته لسورية كجزء من محاولته زيارة كل دول العالم.وكان باتل قد ساعد الأسبوع الماضي في التوسط في صفقة أدت إلى إطلاق سراح أميركيين اثنين، احتجزتهما قوات جماعة "أنصار الله" الحوثية المدعومة من إيران في اليمن، مقابل عودة 240 عالقاً حوثياً، أغلبهم جرحى حرب كانوا يتلقون العلاج بالخارج منذ قرابة عامين.
واشنطن تستطلع وساطة لبنانية لإطلاق مواطنيها من سورية