الطريق طويل وشاق
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
في تلك الأيام كانت أجهزة مكافحة الفساد ذاتها بسنغافورة فاسدة، ولكن ذلك لم يمنع الإرادة السياسية الصلبة عند "هو" من بتر رؤوس الفساد المهيمنة بالدولة، ومثال ذلك أنه في 14 ديسمبر 1986 قام "تيه شان وان" وزير التنمية حينها بإنهاء حياته، بعد أن حققت معه الأجهزة الأمنية، مدة ست عشرة ساعة متواصلة.ماذا، لا قدر الله، لو أن كل مسؤول فاسد قرر الانتحار في مثل واقعنا بعد التحقيق معه؟ كم مسؤولاً سيظل حياً في دولة "إن حبتك عيني ما ضامك الدهر"... هذا افتراض غير متصور، فشتان بين تحقيق واستجواب منهك استمر ساعات طويلة في سنغافورة، وتحقيق آخر في دولة "يا دهينة لا تنكتين"، يتم خلاله تلقين المشتبه به الكلام حتى تسقط بالتالي أسباب الإدانة... وتنتهي الحكاية بختمة "... شعليكم، لقيتها بكبت أمي". الطريق طويل وشاق، وأي كلام ووعود عن إنهاء واقع الفساد يبقى مجرد آمال يصعب تحقيقها في دولة قامت أسس اقتصادها على الريع والعطايا وشراء الولاءات... مسألة ليست سهلة، الفساد متغلغل في عظام الدولة، هو فساد منهجي كبير، وظروف التحدي الاقتصادي الحالية تتطلب تضحيات كبيرة من الإدارة السياسية ومن الناس. ويستحيل الشروع في مكافحة الفساد والإصلاح الاقتصادي وما يتطلبه من تضحيات ضخمة بينما تظل رموز إدارات سياسية سابقة موجودة في مكانها، راسخة كالجبال... لننتظر.