احتضار المجلات الثقافية –2
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
الصديق العزيز الدكتور سعيد يقطين كتب مقالاً في جريدة "القدس" بتاريخ 3 مارس 2020، بمناسبة إغلاق مجلة "الإمارات الثقافية"، والتي كنتُ أحد كتابها، أبدى فيه تحسراً على إغلاق مجلات عربية ثقافية، وقال: "مجلة "إسبيري" الفرنسية، التي بدأت الصدور سنة 1932، ولا تزال مستمرة إلى الآن؟ ويضم موقعها في الفضاء الشبكي كل الأعداد لمن يريد الحصول عليها. نعم يا صديقي، هذا مثال رائع لمجلة ثقافية استطاعت بتميّز أن تسير وفق عجلة رتم العصر، واستطاعت بقدرة مشهودة أن تلبس ثياب عصرها. فالمجلة قدمت لقارئها في ثلاثينيات وأربعينيات وخمسينيات القرن الماضي المادة الثقافية والإنسانية التي كانت تتماشى وطبيعة تلك اللحظة، فكرياً وفنياً وثقافياً وإعلامياً، وهي اليوم تحولت إلى الرقمية، ووفّرت أعدادها السابقة للباحثين والطلبة الدارسين، للاستفادة منها، بينما هي تقدم مادة جديدة ومتجددة. فلا جامع بين ما تقدمه اليوم وما قدمتها طوال تاريخها إلا أن المادة تصدر عن المجلة ذاتها، وهذا هو مقتل المجلات العربية. فبعضها ما زال يصدر في القرن الواحد والعشرين، على شاكلة ما كان يقدمه قبل خمسين عاماً!عزيزي دكتور سعيد، مجلة "الناشونال جيوغرافيك - National Geographic" صدر عددها الأول عام 1888، وما زالت آسرة فيما تقدمه من مادة علمية متجددة وعصرية، كما أنها متحركة في هيئة تحريرها حيث أعداد المجلة القديمة، التي يُنظر إليها اليوم بوصفها أحد مصادر التاريخ والمعرفة البشرية، متوفرة بصيغ "بي دي أف-PDF" وبصيغ رقمية، كما أن موقع المجلة من الجمال والفن بحيث يضمن لأي زائر التمتع بكل مادة نشرتها أو تنشرها المجلة! أنا عاشق للمجلة الثقافية العربية، على شرط أن تكون لسان حال اللحظة الراهنة، بشكلها ومحتواها، ترتكز على تاريخها العريق، وتقدّر متطلبات التطور الفكري والاجتماعي الإنساني، وذلك على أساس فهمها للعلاقة الجدلية بين القارئ ومادة القراءة، والشكل الذي تُقدم به تلك المادة!