شي جينبينغ يطالب بزيادة التركيز على الحرب المقاوِمة للعدوان الأميركي!
بدأت الصين تدعم حملتها الدعائية المرتبطة بالحرب الكورية منذ عام 2018، عندما راحت إدارة ترامب تفرض العقوبات على الواردات الصينية، لكن رغم خلفية الأحداث هذه، كان حضور أقوى ثمانية رجال في الصين للمعرض في 19 أكتوبر مؤشراً سياسياً قوياً على الأهمية التي يعطيها القادة الصينيون لإعادة إحياء ذكرى ذلك الصراع.
في 19 أكتوبر 1950، انتقل "جيش متطوعي الشعب الصيني" إلى كوريا الشمالية لمجابهة القوات التي كانت بقيادة الولايات المتحدة وبدأت تتجه نحو الحدود الصينية.وبعد مرور سبعين سنة، حضر الرئيس شي جينبينغ معرضاً عن مشاركة الصين في الحرب الكورية، ووفق تعبير وكالة أنباء "شينخوا" الحكومية، يعكس ذلك المعرض "روح البطولة والشجاعة لدى جنود "جيش متطوعي الشعب الصيني" ووطنية الشعب الصيني وتصميم الأمة الصينية كلها على تحدّي الهيمنة والحفاظ على السلام".كان لافتاً أن ينضمّ إلى الرئيس الصيني الأعضاء الستة الآخرون من اللجنة الدائمة للمكتب السياسي في الحزب الشيوعي الصيني، وهم يمثلون أعلى مراتب السلطة السياسية في الصين، بالإضافة إلى نائب الرئيس وانغ كيشان، وهو عضو سابق في تلك اللجنة.
قال شي جينبينغ في خطابه خلال المعرض: "كان الانتصار في الحرب الرامية إلى مقاومة العدوان الأميركي ومساعدة كوريا انتصاراً للعدالة والسلام والشعب"، ثم أضاف أن الروح التي طبعت تلك الحرب "ستُلهِم الشعب الصيني والأمة الصينية كلها للتغلب على المصاعب والعقبات والتفوق على جميع الأعداء".لم يذكر الرئيس الصيني بوضوح "الأعداء" الذين تواجههم الصين اليوم، بل ركّز على المعركة الرمزية في سبيل "تجديد الأمة الصينية بقوة"، لكن اتّضح المعنى الضمني لكلامه في خلفية تصريحاته الحرفية، إذ يبدو أن الولايات المتحدة، العدوّة القديمة، أصبحت الجهة الشريرة مجدداً اليوم، وفي خضم أسوأ تراجع في العلاقات الأميركية الصينية منذ عام 1989 على الأقل أو منذ نشوء تلك الروابط للمرة الأولى في عام 1979، كان لافتاً أن يقرر شي جينبينغ تسليط الضوء على الحرب الحقيقية الوحيدة بين الطرفَين. ذكر وويو ليو وجو رينوارد في مقالة سابقة في صحيفة "دبلومات" أن الصراع الكوري وفق الخطاب الصيني الرسمي "لم يكن مجرّد حرب بسيطة، بل كان اختباراً محورياً لجمهورية الصين الشعبية الجديدة وشكّل في نهاية المطاف "انتصاراً" ضد عدو متفوق تكنولوجياً". بعبارة أخرى، "تُعتبر الحرب الكورية في الصين اليوم رمزاً معروفاً عالمياً للوحدة الوطنية ضد العدائية الأميركية"، وهذا ما يعطي الحرب الكورية رمزية واضحة في الظروف الراهنة.اعتبر شي جينبينغ "قرار الصين التاريخي" بالمشاركة في الحرب الكورية إلى جانب كوريا الشمالية خطوة "لحفظ السلام ومقاومة العدوان"، وهذا المفهوم ليس جديداً، مع أنه يغفل عن حقيقة أخرى مفادها أن كوريا الشمالية هي التي أجّجت الحرب عبر غزو كوريا الجنوبية، وفي النهاية تستعمل الصين عبارة "حرب مقاوَمة العدوان الأميركي ومساعدة كوريا" لوصف ذلك الصراع، لكن تتماشى فكرة "حفظ السلام ومقاومة العدوان" أيضاً مع خطاب الصين الراهن الذي يعتبر بكين المدافعة الحقيقية عن النظام الدولي والتعاون المتعدد الأطراف والسلام الذي يقف في وجه التأثير الأميركي التخريبي.بدأت الصين تدعم حملتها الدعائية المرتبطة بالحرب الكورية منذ عام 2018، عندما راحت إدارة ترامب تفرض العقوبات على الواردات الصينية، لكن رغم خلفية الأحداث هذه، كان حضور أقوى ثمانية رجال في الصين للمعرض في 19 أكتوبر مؤشراً سياسياً قوياً على الأهمية التي يعطيها القادة الصينيون لإعادة إحياء ذكرى ذلك الصراع.في هذا السياق ذكر كارل مينزر، أستاذ في جامعة "فوردهام" وخبير في نظام الحُكم الصيني، على "تويتر" أن زيارة شي جينبينغ ستكون على الأرجح بداية (لا نهاية) دفعة جديدة من التغطية الإعلامية الصينية التي تُركّز على آخر مواجهة بين الولايات المتحدة والصين في حربٍ فعلية. وفي إشارةٍ إلى تغطية صحيفة "بيبولز ديلي" لزيارة الرئيس الصيني في 20 أكتوبر كتب مينزر: "ظهر الآن أمامكم كبار المسؤولين من الحزب الحاكم كي تتكلموا عنهم في الصفحات الإخبارية الأولى والتقارير التلفزيونية المشابهة... مع تكرار التسمية الصينية الرسمية للحرب الكورية". (اسمها الحرفي هو "حرب مقاومة العدوان الأميركي ومساعدة كوريا).وفق وكالة الأنباء "شينخوا"، "طالب شي جينبينغ بإجراء دراسة عميقة للأعمال البطولية والروح الثورية التي تمتّع بها عناصر جيش متطوعي الشعب الصيني والترويج لها"، كما تنتشر اليوم دعوة رسمية للأكاديميين الصينيين ومنافذ الإعلام الصينية كي يحوّلوا تركيزهم إلى "الحرب المقاوِمة للعدوان الأميركي" في حين تصرّ إدارة ترامب على متابعة حملتها ضد الحزب الشيوعي الصيني.*شانون تيزي
في أسوأ تراجع في العلاقات الأميركية- الصينية منذ عام 1989 أصبحت واشنطن العدوّة القديمة هي الجهة الشريرة مجدداً