أقرَّ النواب، بمباركة الحكومة، القانون الخاص بالتركيبة السكانية، ذا البُعد الدعائي أكثر منه إجراءً عملياً وفنياً لمعالجة التركيبة السكانية التي تعاني اختلالها البلاد.نعلم جيداً أن القانون، الذي أعدَّه في الأساس النائب د. بدر الملا، يستهدف العمالة المصرية، التي عانت هجوماً نيابياً واستغلالاً انتخابياً من طائفة كبيرة من نواب ومرشحين وطالبي شهرة وذوي نَفَس عنصري.
القضية بدأت مع بداية انتشار وباء كورونا في مارس الماضي، عندما عاد بعض الكويتيين والمقيمين من إيران، وكانت اختباراتهم إيجابية لفيروس كورونا، وحدث جدل على الساحة المحلية تجاه ذلك، لكن خلال أيام استطاعت أذرع استخباراتية ذكية تحويل الدفة بهجوم شامل على العمالة المصرية.بالتأكيد للعمالة المصرية إيجابياتها وسلبياتها، لكنها عمالة أساسية ومهمة في البلد على مدى أكثر من ٧٥ عاماً مضت، لذلك نتساءل: ما البديل لها، في ظل عدم رغبة عمالة المغرب العربي في الإقامة بالخليج العربي وتحبيذها الهجرة إلى أوروبا، والمخاطر الأمنية والاستخباراتية للعمالة السورية وجيرانها، في ظل السيطرة الإيرانية هناك، فيما الأردن الشقيق ليس لديه الكوادر الكافية، بل إن معظم مَنْ يعمل في قطاع الإنشاءات بالأردن من العمالة المصرية؟لم يتبقَّ سوى عمالة باكستان وأفغانستان، وهي عمالة لديها محاذير من انتشار الجماعات الأصولية. إذاً لم يتبقَّ سوى العمالة الهندية، لأننا نعلم جيداً نشاطات العمالة البنغلادشية في البلد وسلبياتها.نسأل النائب الملا وزملاءه أصحاب القانون: هل تريدون إغراق البلد بالعمالة الهندية؟! أم ستأتون لنا بعمالة من هولندا وبولندا وألمانيا وفرنسا، إن استطعتم؟! هذا القانون الذي يدغدغ المشاعر، ويركب موجة الاحتكاك مع جالية معينة خطير، خصوصاً أن الحكومة سايرت النواب وأقرَّته.نعم التركيبة السكانية مختلة وخطيرة، لكن حلها ليس بقرارات وقوانين فوقية وانتقائية، بل بتغيير شامل لنمط حياتنا واحتياجاتنا ومخرجات التعليم، بجميع أنواعه، والحوار الصادق والمكشوف دون مواربة، وتخبئة الحقائق حول سياسة استقدام العمالة الأجنبية وبشفافية، كما أستعرض في هذه المقالة.لذا طالبت منذ شهور ألا يُفتح ملف التركيبة السكانية أثناء الموسم الانتخابي، ويُترك حتى نهاية أزمة الوباء، حتى يمكن معرفة الآثار وتقدير الاحتياجات من العمالة التي ستبقى بالكويت في حينه، وخاصة أن هناك أنشطة حساسة، مثل: قطاع بناء السكن الخاص والخدمات الطبية وإدارة المرافق الحيوية، تتأثر بشدة بالقرارات التي تتعلق بالإقامة والعمل في البلاد.لذلك، فإن الحكومة يمكنها التراجع عن القانون، كما فعلت في قانون البصمة الوراثية وخلافه، وأن تنتظر حتى صياغة تصوُّر فني شامل لحل قضية التركيبة السكانية، بعيداً عن دغدغة المشاعر والبرامج الانتخابية قصيرة النظر.
أخر كلام
الملا هل ستأتي لنا بعمالة هولندية؟!
22-10-2020