ذهبت قمة نيقوسيا بين قادة دول مصر وقبرص واليونان، أمس، إلى مواقف أكثر تشدداً في مواجهة «الاستفزازات» التركية في منطقة شرق المتوسط، وبينما تواصل العمل بين الدول الثلاث لاستمرار التعاون الاقتصادي خصوصاً في مجال الغاز الطبيعي، ضمن التحالف الإقليمي المعلن بين القاهرة ونيقوسيا وأثينا منذ عام 2014، إذ تعد القمة الأخيرة الثامنة في ست سنوات بما يعكس محورية التحالف بينها.الرئيس السيسي، قال في المؤتمر الصحافي مع الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، إن الدول الثلاث توافقت على استمرار آلية التعاون الثلاثي خصوصاً في ملف الطاقة، بعدما قدمت نموذجاً ناجحاً في ترسيم الحدود البحرية، مع تنسيق المواقف على المستوى الإقليمي والدولي، إذ وقعت الدول الثلاث على اتفاقية تدشين منتدى غاز شرق المتوسط الشهر الماضي.
وشدد السيسي على توافق الدول الثلاث خلال الاجتماعات التي سبقت المؤتمر الصحافي على الاستفزازات التي تشهدها منطقة شرق المتوسط، والمتمثلة في انتهاكات قواعد القانون الدولي، والتهديد باستخدام القوة المسلحة، والتعدي على الحقوق السيادية لدول الجوار، ودعم التطرف والإرهاب، ونقل المقاتلين الأجانب إلى مناطق النزاعات، وأنه تم الاتفاق على التصدي لهذه السياسات التي تزعزع استقرار المنطقة.وأكد دعم جمهورية قبرص الرامية إلى إيجاد تسوية شاملة ودائمة للقضية القبرصية، على نحو يؤدي إلى إعادة توحيد شطري الجزيرة مرة أخرى، ودان الرئيس المصري وجود أي عسكري غير مشروع على الأراضي السورية، أو مساعٍ لتغيير التركيبة السكانية في منطقة الشمال السوري، والتأكيد المشترك على وحدة سورية وسلامتها الإقليمية، مع تكثيف الجهود لمكافحة الإرهاب والدول الداعمة والممولة له.وكان واضحاً أن حديث الرئيس السيسي يشير بوضوح لسياسات تركيا في منطقة شرق المتوسط وسورية، إلا أنه لم يتحدث عنها صراحة، لكن الرئيس القبرصي ورئيس الوزراء اليوناني كانا أكثر وضوحا في اتهام أنقرة بتهديد استقرار المنطقة، إذ دان المسؤول القبرصي، الدولة التركية متهماً إياها بممارسة سياسات غير قانونية تتسبب في زيادة التوتر وتقويض الاستقرار الإقليمي، من خلال التدخل في ليبيا وسورية، وانتهاك الحقوق السيادية للحدود البحرية اليونانية والقبرصية.
ميتسوتاكيس
وشن رئيس الوزراء اليوناني هجوماً حاداً على تركيا خلال المؤتمر الصحافي، قائلاً، إن القمة تعقد بالتزامن مع تهديدات ومخاطر تصنعها القيادة التركية «التي تتخيل مشروعات إمبراطورية توسعية في سورية إلى ليبيا، ومن الصومال إلى قبرص، في بحر إيجة وحتى في بحر قزوين والقوقاز، وتخرج علينا تركيا في بعض الأحيان بخرائط وبعض المذكرات... في إطار استفزازات أحادية في إطار لغة خطابة متطرفة».ولفت ميتسوتاكيس إلى أن السياسات التركية تعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، وتعمل على تقويض الأمن الإقليمي، وأن هذه الانتهاكات تؤدي إلى الاعتداء وإهانة قرارات دولية صادرة عن مجلس الأمن، ومشاكل في حلف شمال الأطلسي، مشيراً إلى مناقشة هذه الممارسات الاستفزازية التركية، فضلاً عن مناقشة المذكرة غير الشرعية بين أنقرة والإدارة في طرابلس (حكومة الوفاق)، التي تعتمد على حدود بحرية غير موجودة.المرتزقة
وكشف رئيس الوزراء اليوناني عن مناقشته مع الرئيسين المصري والقبرصي، ملف نقل المرتزقة السوريين إلى ليبيا، والذي يؤدي إلى تهديد الوضع في شمال إفريقيا والأمن على المستوى الأوروبي، فضلاً عن تقويض والتقليل من شأن الجهد الذي نقوم به لمكافحة الإرهاب، وأن موقف أثينا واضح يقوم على الحل السياسي في ليبيا، داعياً دول الاتحاد الأوروبي إلى عدم بيع أسلحة إلى تركيا، مضيفاً: «لا يعقل أن الجانب الذي يتبنى السلام يقوم بتوريد أسلحة إلى جانب يستخدم هذه الأسلحة ضد دول أوروبية».وتمتلك مصر واليونان وقبرص علاقات سيئة مع تركيا، إذ جرى تبادل سحب السفراء بين القاهرة وأنقرة في نهاية 2013، بسبب تأييد تركيا لجماعة «الإخوان» المصنفة إرهابية في مصر، بينما تحتل تركيا الشطر الشمالي من قبرص منذ عام 1974، وتقيم عليه جمهورية غير معترف بها دولياً، كما تمتلك اليونان وتركيا علاقات ملتهبة حدودياً تعود إلى فترة الحرب العالمية الأولى وما تمخض عنها من اتفاقيات حدودية.