أولاً وأخيراً: قانون مشبوه
حالة من اللغط والجدل تسيطر على المجتمع الكويتي سواء بين النخبة السياسية أو المواطنين، وذلك بشأن قانون دعم وضمان تمويل البنوك المحلية للعملاء المتضررين من تداعيات "كورونا" أو ما يطلق عليه "الضمان المالي"، حيث تباينت الآراء حول الهدف من هذا القانون، ففي حين يرى المؤيدون له أنه سيكون بمثابة طوق النجاة للاقتصاد الوطني في ظل انتشار جائحة كورونا في البلاد وتداعياتها السلبية على القطاع الخاص، ولاسيما المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يرى المعارضون للقانون أنه شُرع لخدمة البنوك وإرضاء مجموعة من التجار ومساعدة فئة صغيرة جداً من المواطنين، وأنه كان يجب الاكتفاء بما قدمته الحكومة لـ١٣٠٠ مواطن تم دعمهم بمبلغ ٢٥٠ مليون دينار عن طريق صندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة.وفي الواقع فإن مشروع قانون الضمان المالي يحتاج إلى مزيد من الدراسة، فهو يتحدث عن مبلغ ٣ مليارات دينار يوجه منها ٥٠٠ مليون دينار لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذين تضرر نشاطهم جزئياً أو كلياً جراء أزمة كورونا، و2.5 مليار دينار للعملاء الآخرين وهم الأفراد والشركات والكيانات الاقتصادية الأخرى في القطاع الخاص، ولا يوجد سقف لتمويل هؤلاء، وهنا بيت الداء، حيث إن هناك خلافاً كبيراً على مصطلح العملاء الآخرين، لأنه مطاطي ويترك باب التأويل على مصراعيه ويجعل شكوك الكثيرين حول حصول كبار التجار على نصيب الأسد من هذا المبلغ الكبير لها ما يبررها، خصوصاً أن البنك المانح سيقوم بتحديد قيمة التمويل وسيطلب ضمانات من العملاء وهؤلاء التجار هم الأكثر قدرة على تقديم أي ضمانات سيتم طلبها، كما أن عدم التحديد الدقيق للمستفيدين من القانون يؤكد أنه تم تقديمه بطريقة متسرعة ولا توجد دراسة جدية من الحكومة له.
ويربط الكثيرون بين هذا القانون الذي تصر الحكومة على إقراره من مجلس الأمة وتطبيقه سريعاً وبين مطالبات المواطنين منذ سنوات بإسقاط القروض التي أثقلت كواهلهم، حيث يقول لسان حال هؤلاء طالما أن الحكومة لديها أموال كثيرة وخصصت مبلغ 3 مليارات لتعويض المتضررين من كورونا، رغم حديثها عن عجز الميزانية، فلتساهم معنا في إزاحة هذا الهم الجاثم على صدور المواطنين أو على الأقل الموافقة على تأجيل سداد الأقساط 6 أشهر أخرى أسوة بما قامت به الكثير من الدول الأخرى التي لا تملك اقتصادات غنية مثل حال الكويت، الأمر الذي يجعل أصحاب القروض يشعرون بالغضب من الحكومة التي تتجاهل مطالبهم على مدار سنوات ثم تسارع لتلبية مطالب فئة أخرى من المواطنين. نحن وغيرنا لا نعترض على إصدار القوانين التي تساعد المواطنين ولا نرفض دعم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ولكن ليس بهذا القانون الذي تحوم حوله الكثيىر من الشبهات، والذي يثير الفتنة بين أبناء الوطن، ويرسخ لدى البعض عدم عدالة الحكومة مع مواطنيها، فتعمل على دعم البعض وتترك البعض الآخر يئن من القروض والأقساط ومن غلاء المعيشة، لذا يجب على الحكومة أن يكون لديها استراتيجية مدروسة ودراسات دقيقة لما يقدم من قوانين أو يتخذ من قرارات، بحيث تصب في مصلحة الوطن والمواطنين جميعاً لا فئة بعينها... والله ثم الوطن من وراء القصد والسبيل.