تواصلت ردود الفعل العربية والإسلامية المنددة بالإساءة إلى الأديان بعد تمسك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد صلّى الله عليه وسلم، ونشر هذه الرسوم على مبانٍ حكومية، بعد مقتل المدرّس صامويل باتي وقطع رأسه على يد لاجئ شيشاني في إحدى ضواحي باريس لنشره الرسوم خلال حصة للنقاش حول حرية التعبير. ودانت وزارة الخارجية الأردنية في بيان أمس، «استمرار نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة تحت ذريعة حرية التعبير»، منددة في الوقت نفسه بـ «أي محاولة لربط الإسلام بالإرهاب».
وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة، إن «هذه الممارسات التي تمثل إيذاء لمشاعر ما يقارب من ملياري مسلم تشكل استهدافاً واضحاً للرموز والمعتقدات والمقدسات الدينية وخرقاً فاضحاً لمبادئ احترام الآخر ومعتقداته».وأمس الأول، قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، إن «تصريحات ماكرون غير المسؤولة، تزيد من نشر ثقافة الكراهية بين الشعوب، ولا تخدم العلاقات القوية بين الشعوب الإسلامية وشعب فرنسا الصديق». وأضاف أن «الظرف يتطلب بذل الجهود لتعزيز ثقافة التسامح والحوار بين الثقافات والأديان بدلاً من الخروج بمثل هذه التصريحات المرفوضة والدعوة للاستمرار في نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم».ودعا الحجرف إلى «احترام مشاعر المسلمين في كل أنحاء العالم، بدلاً من الوقوع في أسر الإِسلاموفوبيا الذي تتبناه المجموعات المتطرفة».كما دانت منظمة التعاون الإسلامي «استمرار هجوم فرنسا المنظم على مشاعر المسلمين بالإساءة إلى الرموز الدينية».واستغربت الأمانة العامة للمنظمة من «الخطاب السياسي الرسمي الصادر عن بعض المسؤولين الفرنسيين الذي يسيء للعلاقات الفرنسية - الإسلامية ويغذي مشاعر الكراهية من أجل مكاسب سياسية حزبية».وشجبت المنظمة «ربط الإسلام والمسلمين بالإرهاب»، وحثت على مراجعة «السياسات التمييزية التي تستهدف المجتمعات الإسلامية وتسيء لمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم».
حماس
وفي غزة، اعتبرت حركة حماس أمس، أن «التصريحات الرسمية وغير الرسمية في فرنسا التي تبرر وتدعم نشر الرسوم المسيئة تحت حجة حرية التعبير عن الرأي، تدفع نحو الصدام بين الشعوب والدول، وتعزز ثقافة الكراهية والشقاق بين البشر». وحذرت من «تداعيات استمرار هذا السلوك، وخاصة من المستوى الرسمي في فرنسا، الجمهورية التي بنيت ثورتها على قيم «الإخاء والحريّة والتسامح».إردوغان
وهاجم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، الرئيس الفرنسي، قائلاً إنه «بحاجة لاختبار قدراته العقلية»، ليضاف ذلك على قائمة الخلافات العديدة بين الرجلين.وفي كلمة له خلال مؤتمر لـ»حزب العدالة والتنمية» الحاكم، في ولاية قيصري تساءل إردوغان: «ما مشكلة المدعو ماكرون مع الإسلام؟ كيف لرئيس دولة أن يعامل الملايين من أتباع ديانة مختلفة في بلاده بهذه الطريقة؟». وأكد أن «ماكرون بحاجة لاختبار عقلي». واعتبر الرئيس التركي، أن «السياسات الأوروبية ضد الدين الإسلامي غير مفهومة»، واعتبر أن اقتحام الشرطة الألمانية لمسجد في برلين، هو «دليل على انتقال الفاشية في الدول الأوروبية إلى مرحلة جديدة».وشنت الشرطة الألمانية والادعاء العام الأربعاء الماضي حملة تفتيش على عدة شركات ومسجد ببرلين للاشتباه في التحايل للحصول على إعانات مخصصة لمواجهة أزمة جائحة «كورونا». وشارك في الحملة نحو 150 ضابطاً دخلوا المسجد بأحذيتهم.ماكرون
وكان ماكرون قال قبل أيام خلال الحفل الذي أقيم في «جامعة السوربون» لتأبين المدرس، إن «صامويل باتي قتل لأن الإسلاميين يريدون الاستحواذ على مستقبلنا ويعرفون أنهم لن يحصلوا على مرادهم بوجود أبطال مطمئني النفس مثله». وأضاف ماكرون: «لن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتورات وإن تقهقر البعض، سنقدم كل الفرص التي يجب على الجمهورية أن تقدمها لشبابها من دون تمييز وتهميش». ووصف ماكرون الإسلام هذا الشهر بأنه ديانة تعيش «أزمة» حول العالم. وأشعلت كلمة الرئيس الفرنسي خلال تأبين المدرّس غضباً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وطالب مستخدمون عرب ومسلمين بمقاطعة المنتجات الفرنسية.محاكمة طالبة
إلى ذلك، حكمت محكمة في مدينة بيزانسون الفرنسية بالسجن 4 أشهر مع وقف التنفيذ على طالبة تدرس البيولوجيا وتبلغ من العمر 19 عاماً، بعد إدانتها بتهمة «تمجيد الإرهاب» لأنها كتبت على «فيسبوك» أن أستاذ التاريخ الذي قتل بقطع رأسه، كان «يستحق» الموت.وسيترتب على الشابة الخضوع لدورة مواطنة لمدة 6 أشهر.وكانت الطالبة علقت على مقال نشرته صحيفة «ليست ريبوبليكان» على صفحتها على «فيسبوك» وأعلن عن مسيرة لتكريم ذكرى المعلم، أنه «لا يستحق أن يقطع رأسه، لكن أن يموت، نعم».وقالت الطالبة في المحكمة، «آسف لكتابة هذا التعليق وأعتذر وأنا أعارض ما كتبته»، مؤكدة أنها «حذفت مساء اليوم نفسه التعليق الذي كتبته بتسرع ومن دون تفكير». وتنتمي الشابة إلى عائلة مسلمة فرت من العنف في الجزائر.وقالت المدعية العامة مارغريت باريتي التي طلبت عقوبة السجن 6 أشهر مع وقف التنفيذ و180 ساعة من خدمة المجتمع «نحن في وضعلا يمكننا فيه كتابة أو قول أي شيء بلا تفكير». ووصفت محامية المتهمة كارولين إسبوتشي موكلتها بأنها «امرأة شابة مندمجة في المجتمع بشكل جيد لا تشاهد الأخبار كثيراً ولا تعرف الكثير عن صمويل باتي». وقالت إنها عثرت على «تسجيل فيديو لأهل أحد الطلاب يدين استخدام الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم من مدرس التاريخ والجغرافيا خلال دورة لطلاب السنة الرابعة حول حرية التعبير».وقالت المحامية، إن موكلتها فهمت أن الأمر يتعلق «بسخرية من المسلمين».لوبن
على المستوى السياسي، أصدر حزب «التجمع الوطني»، بزعامة مارين لوبن، كراسة تحت عنوان «ضد البربرية، اختاروا العمل». وفي كلمة مصورة نشرتها على حسابها على «تويتر» شددت لوبن على انها ضد «الجبن السياسي»، داعية إلى «عدم الاستسلام إلى الهمجية الإسلامية».هولاند
بدوره، قال الرئيس الفرنسي السابق الاشتراكي فرانسوا هولاند، إنه «من الضروري ضرب الأوساط السلفية التي تتحمل على الأقل مسؤولية اخلاقية» لكنه نبّه من أن بعض استجابات وزير الداخلية جيرالد دارمانان للأزمة، أثار توتراً لدى شرائح في اليسار.ورداً على انتقادات درامانان المحسوب على يمين الوسط، لرفوف الأطعمة الحلال في المتاجر قائلاً، إن «الطائفية تبدأ على الرفوف»، أجاب هولاند: «الشعبوية تبدأ على رفوف الخلط وبازار التشويش» وتابع: «للشركات الحرية بأن تقدم لعملائها أطعمة تتوافق مع معتقداتهم الدينية».ترحيل عائلة
وفي سياق متصل، أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، أمس، ترحيل خمسة أفراد من عائلة شابة بوسنية مسلمة بعد أن قصوا شعرها، لأنها أحبت شابا صربياً مسيحياً.وتابع دارمانان أن الهيئات الفرنسية العاملة في الخدمة الاجتماعية ستتولى الاعتناء بأمر الشابة، لكنه لم يدل بتفاصيل أدق عن عمر الفتاة، ولا أي تفاصيل أخرى.