الصين دخلت كل بيت عربي بـ«القوة الناعمة»
قمة البراعة العسكرية، بالفكر الصيني المتأصل، ليست في تحقيق مئة انتصار في مئة معركة، بل في تحقيق الانتصار على الجيش المعادي دون قتال! وبالعودة إلى الجذور، تجد أن الصينيين كانوا تاريخياً في موقف الدفاع عن النفس، ولهذا بنوا «سور الصين» كجدار دفاعي لحماية أنفسهم من الغزوات.
![حمزة عليان](https://www.aljarida.com/uploads/authors/249_1666551729.jpg)
قمة البراعة العسكرية، بالفكر الصيني المتأصل، ليس في تحقيق مئة انتصار في مئة معركة، بل في تحقيق الانتصار على الجيش المعادي دون قتال! وبالعودة إلى الجذور، تجد أن الصينيين كانوا تاريخياً في موقف الدفاع عن النفس، ولهذا بنوا "سور الصين" كجدار دفاعي لحماية أنفسهم من الغزوات التي تعرضت إليها بلادهم من قبل اليابانيين والأوروبيين. أساتذة التاريخ يقولون إن الصين لم تكن يوماً في موقف الهجوم والتوسع، وأنها لم تحتل بالقوة العسكرية أراضي دول أخرى مجاورة أو بعيدة! يمتاز الكتاب بتحديد مفهومه للحرب وفق مبدأ واضح وهو أن الطريق، إما إلى بقاء الدولة أو زوالها، أي أنها ليست حالة طارئة، معتبراً أن مهاجمة المدن أسوأ استراتيجية، ومشدداً على حسمها بأسرع وقت لأن الدول لا تستفيد من الحروب الطويلة بل تفقر شعوبها وتعرضها للخطر. وفي الجوهر، فإن نصوص هذا الكتاب مازالت باقية حتى أيامنا هذه بل متداولة، وعلى من يرغب أو لديه الفضول بمعرفة الفكر الصيني قراءة هذا التراث والفصول "الثلاثة عشر" منه. قد لا تعتريك مفارقة عندما تقرأ هذا النص، وتترجمه إلى واقع نعيشه من خلال "الحرب الاقتصادية" الكبرى التي تقودها الصين في مصارعة أميركا، وفي عدة جبهات ومسارح دولية، فالصيني اليوم تجده في طهران والخرطوم والكويت وعلى مسافة قريبة منا، لكنه "متخفٍّ" أي بمعنى أنه ينأى بنفسه عن الظهور العلني والاستعراض، لكنه على الأرض يحفر بيديه، فإلى جانب دخوله "الناعم" ومن خلال المشاريع التجارية والبناء والمقاولات، هناك قرقعة للسلاح الصيني إلى جانب ورشة البناء التي يديرها، فالعين الصينية تزحف على خصمها ببطء وثبات ودون ضجيج، وهذا ما نراه على أرض الواقع.