نعم لمقاطعة بضائع الفرنجة... ولا للطرح غير العلمي في المجلس
* أعتقد أن على كل مسلم محب لنبيه أن يقاطع البضائع الفرنسية ليس غضباً على الحملة الصليبية الجديدة والاعتداء الذي مارسه الرئيس ماكرون وإعلام الفرنجة (كما تسميهم الكتب التاريخية) على نبينا الكريم فقط، إنما لأنه إجراء عملي انتصاراً للنبي صلى الله عليه وسلم، فبيانات الاستنكار لم يعد لها أي فائدة ما لم يصاحبها عمل فعّال يوجع الذين اعتدوا على رمز عقائدي لمليار ونصف إنسان مسلم.ولأن فرنسا لا تأبه ولا تقيم وزناً للقادة المسلمين وبياناتهم وقرارات مؤتمراتهم فقد جاء دور الشعوب المسلمة ومؤسساتهم لتقول كلمتها بإجراء شرعي وسلمي بسيط، ولكنه ذو تأثير كبير على مصالح الشركات الفرنسية التي لها دور مهم في السياسة والانتخابات الفرنسية، ولا شك أن هذه الشركات يهمها ألا تخسر ملايين المستهلكين الغيورين على دينهم.والشعوب الإسلامية لن تخسر شيئاً، فجميع المنتجات والماركات الفرنسية يوجد لها بدائل أجمل وأفضل منها في أسواق العالم، ولكن المقاطعة للبضائع الفرنسية ستكون مفيدة جداً لأنها ستحمل عدة رسائل لأصحاب القرار ومجاميع الضغط الفرنسية فهي ستقول: "كيف تريدون أن نشتري بضاعتكم وأنتم تنشرون الإهانات لديننا ونبينا"، وستنادي أصحاب الضمائر قائلة: "منعتم بقانون أي تقليل من حجم مذبحة الهولوكوست كما منعتم بقانون أي إنكار لما زعمتم من مذابح الأتراك للأرمن في حين شجعتم وباركتم الاعتداء على نبي الإسلام"، وستصرخ في وجه متخذي القرار: "إن القرارات الدولية تمنع العقوبات الجماعية فلمِ تعاقبون ملياراً ونصف المليار مسلم بسبب شخص واحد ارتكب جريمة قتل لمدرس".
إن المتابع للحالات المشابهة ليلاحظ أن الإدانة والمقاطعة الشعبية في مناطق أخرى من العالم أدت إلى تراجعات واعتذارات عن إساءات إعلامية عنصرية وسياسية بغيضة وقعت في كثير من دول العالم عندما كانت المقاطعة حازمة ومستمرة وذات نفس طويل، فهل ستفعلها الشعوب المسلمة؟ * في الجلسة الأخيرة أراد بعض النواب تغيير قانون الصوت الواحد إلى صوتين، ومع اتفاقي مع ضرورة تعديل قانون الانتخاب إلا أن طرحه في آخر جلسة لم يكن علمياً ولا موفقاً بالمرة، بسبب خطورة أي تعديل لهذا القانون الذي سيشكل المجالس القادمة، خاصة مع استمرار الدوائر الخمس التي بينت الممارسة أن لها عيوبا خطيرة، حيث عززت القبلية والطائفية والفئوية وهمشت علاقة الناخب بالنائب، وأضعفت الطرح العلمي والمناقشات الفنية بسبب غلبة الإشاعات والطرح الشعبوي المدمر، ويخطئ من يظن أن الوضع سيتغير كثيراً بنظام الصوتين، فقد ذكر لي أحد كبار التجار أنه لا يمكن أن يترشح الآن لأن ترشحه سيعني أنه سيتقاسم الأصوات مع التاجر الفائز حالياً، ولو تغير النظام إلى صوتين فإنه سيترشح بلا تردد، وسيكون لهذه الفئة مقعدان بدلاً من مقعد واحد، وهكذا أيضاً ستسعى باقي الفئات التي فازت في المجلس الحالي للتصويت لاثنين من الفئة نفسها بدلاً من واحد، وسيستمر الوضع الحالي، كما ستسعى الفئات والتكتلات الكبيرة إلى التحالف لإخراج الفئات الصغيرة.إن الإصلاح يحتاج إلى دراسة زيادة عدد الدوائر بالإضافة إلى نظام التصويت في دراسة معمقة لا في جلسة وداعية، وذلك لكي يتم تلافي عيوب أنظمة الانتخاب السابقة من أجل الوصول إلى مجلس إصلاحي فعلي يحقق المصلحة العامة للكويت لا المصلحة الخاصة لبعض الناخبين والمرشحين.وبمثل هذا الإجراء المستعجل وافق مجلس الأمة على قانون التركيبة السكانية في الجلسة الأخيرة، وأقل ما يقال عنه أنه غير علمي ولا يصلح أن يكون قانوناً، إنما هو عبارة عن إجراءات توجيهية للحكومة كان بالإمكان تضمينها بالرد على برنامج الحكومة، ولا يخفى أن الخطط الخمسية التي صدرت بقانون نصت على إجراءات مماثلة من أجل تعديل التركيبة السكانية ولكنها لم تنفذ، وأظن أن هذا القانون الذي أقر في الجلسة الأخيرة لن يؤدي إلى التعديل المطلوب لأن التعديل يحتاج الى قوانين وإجراءات دقيقة تنبع من الواقع وقد تكون غير شعبية، لذلك لم يجرؤ هذا المجلس على إقرارها، وهي تتعلق بالتعليم مع ربطه بسوق العمل ونظام الرواتب والبعثات، وكذلك إلى درجات معينة من الإلزام في الأعمال التي لا يقبل عليها الكويتيون، وأيضاً إلى مزيد من الضبط والربط في الوظائف العامة، وإجراءات أخرى قد تكون مكلفة على القطاع الخاص والمستهلك على السواء، لذلك فقد كان هذا الموضوع أيضاً يحتاج إلى دراسات واقعية معمقة لا مجرد قانون يرفع العتب عن النواب أمام الناس في الجلسة الوداعية، ولن يحقق أي شيء في النهاية.