كل كويتي مخلص يرجو أن يزهو وطنه وتعود أمجاده، كل كويتي صادق يتألم لما وصل إليه البلد في جميع المستويات، كل كويتي عاشق لتراب الكويت يتفكر ليل نهار كيف يصحح مسار الوطن ويخلصه من الجراثيم التي تغلغلت في مفاصله.استقلت الكويت فاجتمع فيها الناس من كل حدب وصوب، وصارت قبلة للباحثين عن الأمان والعمل والحياة الطيبة وأصبحت بلاد العرب في الستينيات، ونمت الكويت وتطورت في العلم والأدب والثقافة والاقتصاد والسياسة والرياضة، فسحرت أنظار من حولها وأصبحت جوهرة الخليج في السبعينيات، وارتقت الكويت وأبدعت وتألقت بإنجازات أبنائها وبناتها في كل موقع ومجال، فبلغت العصر الذهبي في الثمانينيات، وتعرضت الكويت للغدر والخيانة بالإرهاب الجبان والغزو الخبيث، ثم نهضت وقاومت وقامت على أركانها وبسواعد رجالها ونسائها من جديد، فصارت أيقونة الحرية والتحرير والبناء والتعمير في التسعينيات.
ثم جاءتنا عقود من الخلاف والاختلاف والتحزب والصراع والأثرة والاستئثار وغياب مشروع الوطن والمجتمع وتمدد مشاريع المصالح والأشخاص، فتآكلت الكويت ومرضت، وأنهكت واستهلكت فصارت بيئتها السياسية والتشريعية والإدارية مستنقعاً للفساد والتنازع والتخلف والعودة للوراء، وبدأ غول الفساد يلتهم الأشياء الجميلة في وطني، وتوالت انتهاكات البلد: اختلاسات وهدر وتلاعب ورشا سياسية وشق الوحدة الوطنية، وتقهقر إداري وخسائر مالية وجمود التنمية ومحاربة للمخلصين، حتى صار سؤالنا اليومي في كل محفل ولقاء: هل هذا ما تتمناه لوطنك؟ أو هل هذا هو الوطن الذي تتمناه؟هي ليست رسالة تشاؤمية ولا مقالة للإحباط إنما دعوة للنهوض والاستيقاظ ورسالة للصحوة والانتفاض، فرغم هول الفضائح المتوالية لقصص الفساد العميق في مختلف قطاعات الدولة ومؤسساتها، وبقدر الحزن والصدمة لحال الوطن، فإن الإنسان العاقل لا ينهزم بالإحباط والتشاؤم بل يتمسك بالصبر والجد والاجتهاد لحماية ما بقي من الضمائر المخلصة، وإحياء جذوة الأمانة والصدق في المجتمع، فإن الشر لا يدفع إلا بالخير، وسؤالي لكل كويتي وكويتية، مع وطنك أنت في أي صف؟ مع الشر أم مع الخير؟ والله الموفق.رسالة خاصة: بعد هذا المقال أتوقف عن الكتابة في "الجريدة" مؤقتاً لرغبتي في خوض الانتخابات النيابية الحالية، وشكراً لأسرة تحرير "الجريدة" لاستضافتهم الراقية، وشكراً لكل القراء الأوفياء لمتابعتهم الجميلة، مع تمنياتي للوطن بالتوفيق.
مقالات
من أجل الوطن الذي نتمناه
27-10-2020