وسط حديث عن "رياح إقليمية مؤاتية"، تبدو المكونات السياسية اللبنانية كلّها عازمة على إنجاح مساعي تأليف الحكومة التي انطلقت بتكليف الرئيس سعد الحريري الخميس الماضي. ومن المتوقع أن يخضع الاستحقاق الحكومي إلى امتحان حقيقي في الساعات القليلة المقبلة التي تعتبر مفصلية وحاسمة في تحديد المنحى الذي ستسلكه عملية "التشكيل".
وقالت مصادر سياسية متابعة لـ "الجريدة" أمس، إن "الحريري أدرك أن تجاوز الأحزاب والكتل النيابية غير ممكن، وأنه يحتاج إلى العبور في ممرّها، للفوز بتوقيع رئيس الجمهورية ميشال عون وثقة المجلس النيابي". وأضافت المصادر: "وافق الرئيس المكلف على إعطاء وزارة المال للطائفة الشيعية، كما تواصل مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ووقف على خاطره درزياً، وارتضى توسيع حكومته من 14 إلى 20 وزيراً، في خطوة ترضي بعبدا والثنائي الشيعي في آن معاً". واعتبرت المصادر أن "العقدة الأساسية تكمن في مبدأ المداورة في الحقائب بعد التسليم بوزارة المالية لحركة أمل". وتساءلت: "هل سيتصلّب الفريق المسيحي ازاءه مطالباً أن تكون المداورة مطبّقة في الحقائب كلّها بما فيها المالية وإلا فلتسقط عن الوزارات كلّها، أي يبقى القديم على قدمه في التوزيع؟". ورأت أنه "إذا تمسّك رئيس الجمهورية بالمداورة الشاملة، وأرادها الحريري على الجميع باستثناء الثنائي الشيعي، قد تتأخّر ولادة الحكومة مجدداً". ورجحت المصادر أن يكون "الحريري تفاهم مع معظم القوى السياسية على أن يختار هو وزراء الحكومة من الاختصاصيين غير الحزبيين، لكن من ضمن أسماء تطرحها هي عليه أو ينسّق معها لحسمها"، لافتة إلى أن "الرئيس المكلف يتواصل بعيدا عن الإعلام مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ويحصر تواصله مسيحياً مع الرئيس عون وهو متكتم جداً ولا يفصح عن تطورات المشاورات".في سياق منفصل، نفى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أمس، "كل ما يحكى عن تسلح القوات"، مشيراً إلى أن "لا أحد يستطيع أن يتسلح بالسرّ ومن لديه أي معطيات فليضعها على الطاولة وكل ما عدا ذلك افتراء واضح". ودعت الدائرة الإعلامية في الحزب، أمس، "النيابة العامة إلى استدعاء النائب السابق نجاح واكيم والتحقيق معه لاسيما أن ما قاله يثير الفتنة ويعكر صفو السلم الأهلي". وكان واكيم تحدث في مقابلة تلفزيونية، أمس الأول، عن "تعتيم على مخزن الصواريخ جرى كشفه منذ ثلاثة أسابيع في بشرّي". وجاء تصريح واكيم بعد نشر صحيفة "الأخبار" قبل أسبوعين تقريراً نقلته عن مصادر يفيد أن جعجع قال خلال عشاء مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط أن "القوات لديها 15 ألف مسلح مدرب لمواجهة حزب الله". في موازاة ذلك، وبانتظار الجولة الجديدة من مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، كان لافتاً في أجواء "التطبيع" التي تجتاح المنطقة، موقف ابنة رئيس الجمهورية كلودين عون التي قالت إنها تؤيد السلام مع إسرائيل إذا حلت جميع "المشكلات المستعصية" بين الطرفين ومنها "مشكلة ترسيم الحدود، ومشكلة اللاجئين الفلسطينيين". وأضافت: "أنا أدافع أولاً عن مصالح بلدي لبنان. هل المطلوب أن نبقى في حالة حرب؟ أنا ليس لدي خلاف عقائدي مع أحد، لكن خلافي سياسي".
دوليات
لبنان: الحكومة «واقفة» عند «المداورة»... و«القوات» ينفي التسلح
27-10-2020