على الرغم من وجود أوقات قد تلجأ الحكومة فيها في بعض الأحيان إلى رفع كتاب عدم التعاون فإن النهج العام لم يتغير، وظل الوضع العام على ما هو عليه، نواب مع الحكومة على الحلوة والمرة ونواب ضدها، ونواب يقفون في المنطقة الرمادية توجههم المصالح وإملاءات الكبار.سبق أن تطرقت في أكثر من مقال إلى صعوبة تحميل تبعات حسن الاختيار وتركها على كاهل الناخب في ظل وجود المسارات ذاتها التي فرضت عليه منذ بداية الحياة البرلمانية، وبعد أن ساهمت الحكومات المتعاقبة في تحويل مهام النائب التي نص عليها الدستور إلى ما هي عليه الآن.
المجلس الحالي يستحق ترشيحه لجائزة أوسكار لتجسيده دور الكومبارس وقدرته على التمثيل على الشعب، ودوره في وأد القوانين التي تهم المواطنين، لذلك لم يكن من المستغرب حجم التذمر الكبير من أداء مجلس الأمة الحالي.رغم هذا التذمر الشعبي فإن سياسة الأمر الواقع تفرض نفسها وقوتها مرةً أخرى، وما سنشهده من تغيير لن يخرج عن المعتاد وسيظل تغييراً كمياً ليس إلا وبالأسماء فقط حتى لو تجاوز نسبة الـ50%.سأذكر مجموعة من تلك العوامل التي كرسها النهج الذي مضى عليه مجلس الأمة، والتي لا تسمح بالتغيير النوعي الشامل لمخرجات صناديق الاقتراع ومنها على سبيل المثال لا الحصر:1- نظام توزيع الدوائر السابق والحالي كرس مفهوم الانتماء القبلي والمذهبي والحزبي والطبقي.2- رغم وضوح مهام النواب والقوة التي أعطاها الدستور الكويتي لهم فإنهم لم يقدروا قيمة وأهمية وظيفتهم التشريعية والرقابية.3- علاقة الناخب بالنائب مبنية على المصالح المشتركة وتقييمه لأداء النائب يقوم عليها، والمحاسبة الفعلية الوطنية آخر اهتماماته.4- لا يوجد نظام رقابي مالي وإداري فاعل يحاسب ويكشف تجاوزات النائب. 5- عزوف الكثير من المواطنين عن المشاركة في الانتخابات ظناً منهم بعدم جدوى التغيير، وهؤلاء أكثر سلبية من غيرهم فهم شركاء في بقاء الوضع على ما هو عليه.لا أرغب في المبالغة كثيراً في التشاؤم لما ستكون عليه مخرجات الانتخابات القادمة، وفي الوقت ذاته لا أريد أن أفقد الأمل في التغيير النوعي رغم صعوبته، وسأكتفي بفوز بعض المرشحين من أصحاب المبادئ والفكر لإيماني بأهمية دورهم في إحداث بعض النقلات النوعية في أداء المجلس، ووجود مثل هؤلاء سيعيد الأمل ويبعث بعض الروح لمجلس حسبناه في عداد الموتى.الانتخابات القادمة ستكون مفصلية في تاريخ الديمقراطية الكويتية، والمأمول من المواطنين حسن الاختيار، وألا يكرروا الأخطاء نفسها، وليكن للكفاءات نصيب من أصواتنا، وأن نبتعد عن الولاءات العصبية والمنفعة الشخصية، فضررهما أكبر من نفعهما. "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ". (سورة الرعد).ودمتم سالمين.
مقالات
«بيدي لا بيد عمرو»... الناخب والمجلس
27-10-2020