قالت نائبة الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني شيخة البحر إن الاقتصاد العالمي مازال يواجه ظروفاً استثنائية وحالة من عدم اليقين أدت إلى توقع صندوق النقد الدولي انكماش الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 4.4 في المئة هذا العام، ورغم ظهور بوادر تعافٍ بالربع الثالث فإن الموجة الثانية من تفشي الوباء قد تمحو تلك المؤشرات الإيجابية. وأشارت البحر، خلال مقابلة مع قناة بلومبيرغ العالمية تعقيباً على النتائج المالية لـ "الوطني" عن الأشهر التسعة الأولى من 2020، إلى أن ذلك التعافي بالربع الثالث انعكس على العمليات التشغيلية للبنك في ظل رفع القيود والفتح التدريجي للأنشطة الاقتصادية، في وقت لا تزال تداعيات الجائحة تلقي بظلالها على النشاط الاقتصادي، لكن "الوطني" قادر على تخطيها بفضل صلابة المركز المالي الذي تم بناؤه على مدار سنوات ومرونة نموذج أعماله واستراتيجيته القادرة على التكيف بسهولة مع المتغيرات.
تحديات تشغيلية
ورغم انخفاض الأرباح على أساس سنوي، أكدت البحر أن نتائج البنك تعتبر قوية جداً، في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها الاقتصادات بشكل عام والقطاع المصرفي بشكل خاص. وقالت إن التحدي الرئيسي، إلى جانب تأثر الأنشطة التشغيلية، تمثل في زيادة تكلفة مخصصات خسائر الائتمان وانخفاض القيمة التي زادت بأكثر من 98.4 في المئة مقارنة بالعام الماضي في ظل حالة عدم اليقين التي تحيط بالتعافي الاقتصادي في جميع أنحاء العالم، مما دفع إلى تكوين مخصصات لمواجهة المخاطر المستقبلية والحفاظ على مستويات جودة الأصول وفقاً لنهج البنك المتحفظ في إدارة المخاطر.في المقابل، سعى البنك إلى خفض تأثير تلك العوامل على الربحية من خلال تنفيذ مبادرات لخفض التكاليف والتي ساعدت في الحفاظ على ثبات المصروفات التشغيلية على أساس سنوي مع العمل على المزيد من التحسينات في المستقبل.ميزانية قوية
وأشارت البحر إلى أن اتجاهات نمو الأصول بنهاية سبتمبر كانت صحية جداً، حيث ركزت على الأنشطة المصرفية الأساسية واتسمت بالتنوع في طبيعتها بما يتماشى مع استراتيجية البنك، حيث جاء التحسن مدفوعاً بشكل أساسي بنمو محفظة القروض بما يقارب 8 في المئة على أساس سنوي وسط استمرار دعم التركيبة السكانية في الكويت لاتجاهات النمو القوية في الإقراض الاستهلاكي إضافة إلى موقع البنك الريادي الذي يضمن له دوراً رائداً في الصفقات الكبيرة وقروض المشاريع التنموية.وبينت أن وضع السيولة القوي الذي تتمتع به المجموعة وعلامتها التجارية الرائدة محلياً ودولياً ساهما في نمو المركز المالي، حيث نمت الودائع بنسبة 10.8 في المئة بنهاية سبتمبر على أساس سنوي.التحول الرقمي
وأوضحت أن الأزمة أبرزت أهمية الخدمات المصرفية الرقمية ووسائل الدفع الإلكترونية لمستقبل القطاع المصرفي. وهو ما يثبت نجاح رؤية الوطني الثاقبة والاستباقية في تطبيقه لاستراتيجية التحول الرقمي وتطوير خدماته المصرفية الرقمية في السنوات الأخيرة، مما أضاف لنهج البنك مرونة أكبر ساهمت في إثراء التجربة المصرفية للعملاء وتلبية احتياجاتهم المصرفية المتنوعة. وقد مكنت البنية التحتية الرقمية الهائلة تقديم البنك لخدمات استثنائية لعملائه خلال مراحل مختلفة من فترة الإغلاق بمستوى خدمة مرضٍ للغاية. ويهدف البنك إلى استغلال هذه المستويات من رضا العملاء والاستفادة بشكل أكبر من القدرات والمنصات الرقمية لمواصلة النمو وزيادة الحصة السوقية في الكويت بالإضافة للأسواق التي يستهدف نمو أعمال المجموعة فيها.وأكدت البحر تركيز البنك على استمرار رحلة التحول الرقمي التي بدأها منذ سنوات والتي تشهد تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة من نجاح كبير في تلبية احتياجات العملاء بتقديم خدمات رقمية متميزة خلال فترة الإغلاق والتحسينات المتواصلة لبرنامج خدمة "الوطني" عبر الموبايل وتطوير الفروع لتتكامل مع القنوات الإلكترونية بهدف إثراء تجربة العملاء والتي كان آخرها افتتاح فرع البنك الجديد كلياً في مجمع الأفنيوز.تنوع استراتيجي
وعن رؤية البنك لبعض الفرص الاستثمارية التي قد تتيحها الأزمة، أكدت البحر أن البنك يركز في الوقت الحالي على التوسع بالأسواق الرئيسية التي تعمل بها المجموعة بهدف تعزيز الحصة السوقية وتحقيق مزيد من النمو والتكامل بين العمليات الدولية في إطار استراتيجية "الوطني" لتنويع مصادر الدخل والاستفادة من ريادته في تقديم الخدمات المصرفية الرقمية.وأوضحت أن تنوع مصادر الدخل جغرافياً وقطاعياً يمثل ركيزة أساسية في استراتيجية "الوطني" لتحقيق نمو مستدام، حيث ساهمت العمليات الدولية في زيادة حجم أعمال المجموعة، في الوقت الذي يتم فيه التركيز على النمو بالأسواق الرئيسية في السعودية ومصر، إضافة إلى مواصلة النمو في السوق الكويتي، حيث يتم دعم أنشطة شركة إدارة الثروات بالمملكة وربطها بمنصة البنك العالمية لإدارة الثروات تزامناً مع السعي لزيادة المنتجات والخدمات المصرفية التجارية لبيع منتجات وخدمات المجموعة لعملاء البنك في المملكة. فيما يهدف البنك في مصر إلى التوسع بسوق التجزئة، عن طريق التركيز على تعزيز اكتساب العملاء وتسهيل إتمام معاملاتهم والاستثمار في الخدمات المصرفية الرقمية.وأشارت البحر إلى أن نهج "الوطني" الرائد بشأن التوسع الجغرافي أثبت نجاحه على مدار سنوات طويلة حيث يعتمد على تقييم السوق والكيان المستهدف وفقاً للقيمة المضافة التي سيحققها الاستحواذ لمساهمي البنك ومدى مساهمته في إثراء التكامل بين عمليات المجموعة وهو النهج الذي سوف يستخدمه في حالة ظهور أي فرص استثمارية في المستقبل.جاهزية مصرفية
وقالت إن الجائحة أثبتت أن البنوك الكويتية أصبحت اليوم أقوى مما كانت عليه قبل عقد من الزمن عندما وقعت الأزمة المالية العالمية، مما يعطي آمالاً كبيرة بقدرتها على تحمل تأثير الأزمة التي تزامنت مع تراجع أسعار النفط. فالبنوك اليوم ليست من يصنع الأزمة بل تحولت لجزء رئيسي من الحل وهو ما تأكد أخيراً في دعمها لجميع مبادرات الحكومة وبنك الكويت المركزي لدعم القطاعات المتضررة.وبينت البحر أن ذلك التحول الإيجابي نتيجة استراتيجية البنوك التي تبنتها على مدار 10 سنوات بقيادة بنك الكويت المركزي والتي أثمرت اليوم عن تمتعها برسملة جيدة، وميزانية عمومية قوية من مستويات سيولة مريحة ومعايير جودة أصول قوية.دعم حكومي
وأكدت أن الدعم الحكومي الذي تلقته البنوك منذ بداية الأزمة تجسد في الدور الحيوي الذي قام به بنك الكويت المركزي من تخفيف بعض المتطلبات الرقابية التي سمحت بزيادة قدرة البنوك على الإقراض مع بدء التعافي ومساعدة الاقتصاد على معاودة النمو مرة أخرى.وفيما يخص الإنفاق الحكومي، أشارت البحر إلى ضرورة عودة وتيرة ترسية المشروعات تدريجياً خلال الفترة المقبلة وزيادة الإنفاق الاستثماري لدعم الأنشطة الاقتصادية وهو ما سوف يستفيد منه القطاع المصرفي الذي يتمتع بمستويات سيولة مريحة ومركز مالي قوي.