يبدو أنه وبعد قراءة متأنية لتجربة مضى عليها 59 عاماً من الانتخابات النيابية، يتضح أن الحكومة غير قادرة على إدارة الانتخابات، سواء كان ذلك عن قصد للتأثير على نتائجها، أو عن قلة كفاءة.حول هذا الأمر أكدت مؤخراً مصادر "عليمة"، وتبعتها شقيقتها "مطّلعة"، أن "الحكومة ماضية في تأسيس اللجنة الوطنية العليا للانتخابات، ضماناً لتحقيق مزيد من الشفافية والنزاهة وطمأنة المجتمع إلى صحة نتائج الانتخابات، وأن تلك اللجنة سيتم إصدار قانونها بمرسوم ضرورة"، بعد أن رحل المجلس إلى غير رجعة.
لا بأس، للمسألة تاريخها، حيث أصدرت الحكومة في 2012 قانون اللجنة المستقلة للانتخابات بمرسوم ضرورة خلال غياب المجلس، وألغته المحكمة الدستورية نظراً لعدم وجود ضرورة، وبقيت الحكومة ثماني سنوات دون تحريك ساكن أو حتى إبداء رغبة في تأسيس لجنة الانتخابات، وها هي الفكرة ذاتها تعود حتى لو على سبيل المزاح، فهل فعلاً هناك نية لذلك، تكراراً لنفس المشكلة السابقة، ومن ثم الإلغاء للمرة الثانية، أم أنها مجرد تصريحات في الوقت الضائع؟الانتخابات بكل ضجيجها ليست إلا جزءاً من العملية السياسية، كما أنها ركن ركين من الديمقراطية، إلا أنها لكي تستقيم لا بدّ أن تخرج من الإدارة الحكومية، والمسألة لا علاقة لها بالنوايا، ولكن لا يمكن أن تكون الخصم والحكم في الوقت ذاته.فالوزراء، باستثناء "المحلل"، هم أيضاً نواب في مجلس الأمة بالتعيين، وهم الحزب الوحيد الموجود داخل المجلس، فكيف يتولى حزب سياسي، ينازع النواب الأفراد الآخرين بالقرار، الإشراف على الانتخابات؟ هذه واحدة، أما الثانية فقد اتضح عبر دراسات شملت سنوات طوالاً أن سجل أو قيد الناخبين، تكتنفه الفوضى والغموض، والأخطاء بالعناوين والأسماء، حيث يرد منزل في قطعة غير موجودة، أو تذكر قطعة بلا شارع، أو يحدد منزل فيه عشرات الأشخاص وهو غير مسكون. بل إن بعض النواب كانوا يسجلون ناخبين غير مسموح لهم بالتصويت، فإن خسر الانتخابات قام بالطعن في النتائج، وهو يعلم بعدم أهليتهم لكونهم عسكريين مثلاً، وعمليات نقل أصوات للتأثير على نتائج الانتخابات، وغير ذلك من الأخطاء، التي نتج بعضها عن قصد، وبتوجيه، والبعض الآخر عن فوضى وقلة كفاءة، وفي كلا الحالتين فإنه طالما استمرت الحكومة في إدارة الانتخابات، فليس من الوارد اطمئنان المجتمع لصحة نتائج الانتخابات، أو كما قال المصدر الحكومي المطلع أو العليم.
أخر كلام
هل تستطيع الحكومة إدارة الانتخابات؟
28-10-2020