منظور فرنسا!
لا شك أن ما تقوم به فرنسا هو تصرف عنصري بامتياز يستتر خلف حجة حرية التعبير، وهو ليس كراهية فحسب، بل هو خبث متمثل بإعادة تدوير مقاطع فيديو قديمة تبين المسلمين بصورة سلبية، وكذلك تعمد استفزازهم بالرسومات المسيئة بدلاً من أخذ العظة والعبرة من أحداث شبيهة سابقة، وبالطبع فقد تم رفع البضاعات الفرنسية من أرفف الأسواق التجارية بين مؤيد ومعارض وغير مكترث. المدهش في الأمر أن الإساءة للعرب والمسلمين تعتبر حرية رأي، في حين لا يمكن لأي كان انتقاد الكيان الصهيوني برسومات كاريكاتيرية أو غيرها دون أن يُتهم بمعاداة السامية ويدفع الثمن غالياً.لكن لنتوقف قليلاً ونضع أنفسنا في منظور فرنسا، بل لنضع أنفسنا مكان العالم الغربي أجمع، ولنتساءل: لماذا يهاجم الغرب المسلمين والعرب بالذات دون الأديان أو الأعراق الأخرى؟ وكيف ساهمنا نحن في خلق هذه الصورة السلبية للغاية، والتي جعلت فرنسا– وغيرها- تعتمد سياسة الاستفزاز والتطفيش على الرغم من إنعاش العرب والمسلمين لاقتصاد فرنسا وأوروبا بالكامل عن طريق السياحة الخليجية والاستيراد والأيدي العاملة الرخيصة من المهاجرين؟كلنا نلاحظ سلوكيات بعض المسافرين من العرب والمسلمين، وذلك من إلقاء المخلفات في الشارع إلى صيد الطيور كنوع من المزاح البغيض، ناهيك عن الصوت العالي والأسلوب الفظ المنفر والتباهي بالسيارات الفارهة والملابس الفخمة بصورة استفزازية وغيرها من السلوكيات المتخلفة، يبدو أننا نفسد أي مكان نحل فيه، حتى أن العرب أنفسهم يتجنبون أماكن وجود العرب بكثرة! ومن المثير للدهشة– والإحراج- أن فرنسا وضعت لوائح بالعربية في شوارعها مفادها أن «فرنسا بلد متقدم يرفض تلويث شوارعه بالقمامة»!
أما إذا أخذنا المهاجرين العرب والمسلمين فإن نسب الجرائم والسرقات والفساد انتشرت في أوروبا بعد ازدياد أعدادهم، فالعرب يحتالون على القانون وينزلقون في ثغراته، ويطالبون البلد بأن يغير ثقافته على هواهم، كحادثة الشابين في اليونان اللذين حملا لافتة تحث السيدات على عدم ارتداء زي البحر في رمضان. السؤال هو: ماذا يفعل هذان على الشاطئ في رمضان؟!ومما يزيد الطين بلّة عدم وجود أي نتاج علمي أو ثقافي يُذكر من العالم العربي المسلم، فكيف للدول الأخرى أن تحترمنا ونحن مجرد سوق استهلاكي ضخم لا ينفك عن إلقاء اللوم على المستعمر والحروب والغيبيات؟ «هذا ليس الإسلام الحقيقي!» عبارة نسمعها كثيراً كلما صادفنا مسلماً يتصرف بشكل سيئ– وهم كُثُر- والعالم يسألنا مجدداً: «إذا ما الإسلام الحقيقي؟»، يبدو لي أن هنالك حاجة مُلحة للاجتهاد الديني لتفسير النصوص المقدسة بعيداً عن التطرف والتزمت واعتماد هذه التفاسير السمحة كمنهاج للدول المسلمة يكفل كرامة وحرية الجميع. هل أثبتنا أننا دين السلام عندما تم قتل الرسامين المسيئين في حادثة «شارلي إيبدو» سابقاً؟ وإن كان القائمون منتسبين إلى تنظيم القاعدة، فإن هذا التنظيم الإرهابي ما هو إلا نتاج التطرف الديني سالف الذكر، وللأسف، فإن الكثير من المسلمين «المعتدلين» رحبوا بمقتل الرسامين.هذا ليس جلداً للذات، بل مجرد دعوة لإعادة النظر في تصرفاتنا وسياساتنا.