توحي كل المعطيات في لبنان أن طريق تأليف الحكومة الجديدة سالكة وآمنة من دون حواجز، وتشي بأن عملية ولادتها وشيكة وباتت في خواتيمها. لكن ما يسرب من معلومات يبدو غير متطابق مع المسار الحقيقي الذي تسلكه الأمور إذ لا تتردّد بعض الأوساط في ربط "التأنّي" الذي ذكره رئيس الجمهورية ميشال عون في بيانه، أمس الأول، برغبة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي يصرّ على أن يمرّ الاتفاق الحكوميّ من خلاله.

وإذا كان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري يستند إلى ما سبق أن سمعه من باسيل خلال لقائه في الاستشارات النيابية غير الملزمة في مجلس النواب، من أنّه سيسير "سلفاً" بأيّ اتفاقٍ يعقده مع الرئيس عون، فإنّ هناك من يشير إلى أنّ الأخير دعا الحريري صراحةً أكثر من مرّة إلى "التشاور مع الكتل" لحسم بعض النقاط العالقة، والمقصود بـ "الكتل" في هذا المضمار ليس سوى باسيل نفسه. وقالت مصادر متابعة، إن "بوادر العقدة المسيحية بدأت بالظهور، وإن كان مستبعداً أن تطيح الأجواء التفاؤلية"، مشيرة إلى "عودة العوامل الشخصية، معطوفةً على النكايات السياسية، للتحكّم باللعبة ككلّ، خصوصاً وسط انعدام التواصل بين الحريري وباسيل".

Ad

في سياق منفصل، انطلقت لليوم الثاني على التوالي، أمس، الجولة الثالثة من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية غير المباشرة، في مقر القوات الدولية العاملة في لبنان "يونيفيل" عند "رأس الناقورة" (جنوب لبنان)، بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي، برعاية الأمم المتحدة، وبواسطة أميركية. وهي المرّة الأولى التي يعقد فيها اجتماعان في يومين متتالين في إشارة إلى الجديّة والسرعة في الوصول إلى اتفاق. وأشارت مصادر متابعة، أمس، إلى أن "المفاوضات تسير بأجواء إيجابية، على الرغم من التباعد في وجهات النظر، خصوصاً حول النقطة البرية التي ينطلق منها تحديد المساحة البحرية"، مضيفة: "هناك قرار بتسريع الاجتماعات والمفاوضات للوصول إلى الاتفاق النهائي قبل نهاية هذا العام". ودخل الوفدان غرفة الاجتماعات كل على حدة، وحمل الوفد اللبناني خرائط ووثائق دامغة تظهر نقاط الخلاف. وضم الوفد اللبناني المفاوض نائب رئيس الأركان للعمليات العميد الركن بسام ياسين رئيساً، العقيد البحري مازن بصبوص، والخبير في نزاعات الحدود بين الدول د. نجيب مسيحي، وعضو هيئة إدارة قطاع البترول وسام شباط، فيما يترأس المفاوضات أحد مساعدي المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في حضور الوسيط الأميركي السفير جان ديروشر.

وكان الوفد اللبناني قد وصل الى الناقورة على متن طوافة حطت في مهبط المروحيات "نيو لاند" في مقر "يونيفيل" إلى الشرق من مكان عقد الاجتماعات الذي يبعد مئات الأمتار. وشهدت طريق الساحل بين البياضة والناقورة، انتشاراً مكثفاً للجيش اللبناني و"يونيفيل"، وأقيمت حواجز ثابتو للجيش ودوريات مكثفة لـ"يونيفيل" براً وبحراً.