ماكرون: أتفهّم مشاعر المسلمين... والرسوم ليست «حكومية»
• «ردود الفعل كان مردّها أكاذيب وتحريف كلامي وظن الناس أنني مؤيد للكاريكاتور»
• اعتقال مشتبه فيه ثالث بـ «هجوم نيس»... وتونس تُوقف قياديَيْن في «تنظيم المهدي»
عقب الاستنكار الدولي الذي خلّفه الاعتداء الإرهابي بكنيسة في نيس، دعت فرنسا مواطنيها المقيمين خارج البلاد إلى الحيطة، وعززت تأمين أراضيها، لا سيما أماكن العبادة والمؤسسات التعليمية، في حين أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون أنه يتفهم مشاعر المسلمين إزاء الرسوم الكاريكاتورية المسيئة، معتبراً أنها «ليست مشروعاً حكومياً، بل هي منبثقة من صحف حرة ومستقلة».
بينما لاتزال حالة التأهب القصوى سيدة الموقف في فرنسا التي تعيش فيها أكبر جالية إسلامية في أوروبا، والتي شدّدت إجراءاتها الأمنية لصدّ أي هجمات محتملة، بعد الهجوم الدموي الذي نفّذه التونسي ابراهيم العيساوي داخل كنيسة في مدينة نيس، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه يتفهم مشاعر المسلمين إزاء الرسوم الكاريكاتورية المسيئة.وفي رسالة يبدو أنه أراد من خلالها تهدئة مشاعر الغضب لدى المسلمين في مختلف أنحاء العالم، وغداة رسالة سلام بعثها وزير الخارجية جان إيف لودريان للعالم الاسلامي، قال ماكرون خلال مقابلة مع قناة "الجزيرة"، أمس، إن "الرسوم الكاريكاتورية ليست مشروعا حكوميا، بل هي منبثقة من صحف حرة ومستقلة غير تابعة للحكومة". وأعرب عن اعتقاده بأن "ردود الفعل كان مردّها أكاذيب وتحريف كلامي، ولأن الناس فهموا أنني مؤيد لهذه الرسوم"، قائلا: "ما يُمارس باسم الإسلام هو آفة للمسلمين بالعالم".
وأضاف أن أكثر من 80 بالمئة من ضحايا الإرهاب هم من المسلمين. وتابع: «هناك أناس يحرّفون الإسلام وباسم هذا الدين يدّعون الدفاع عنه».وفي وقت سابق، أمر ماكرون بنشر آلاف الجنود لحماية مواقع مهمة مثل أماكن العبادة والمدارس، كما طلبت السلطات من السفارات الفرنسية تشديد إجراءات الأمن فيها أيضا. وقال وزير الداخلية جيرالد دارمانان: "نخوض حربا ضد عدو في الداخل والخارج، وعلينا أن ندرك أن مثل هذه الهجمات المروعة التي وقعت ستقع أحداث أخرى مثلها".من ناحيته، صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عقب اجتماع لمجلس الدفاع أشرف عليه ماكرون بأنه "جرى بعث رسالة طوارئ هجوم (أعلى مستوى تحذير في خطة الأمن الفرنسية) إلى جميع مواطنينا في الخارج، أينما وجدوا، لأن التهديد في كل مكان".من ناحيته، حذّر رئيس أساقفة مدينة تولوز الفرنسية، روبيرت لو غال، من خطورة نشر الرسوم المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم)، مؤكدا معارضته نشر هذه الرسوم، وقائلا إن "الأمر يعد خطيرا جدا، وبمنزلة صب الزيت على النار".وفيما يتعلق بتصنيف ماكرون لنشر الرسوم بأنه "حرية تعبير"، قال لو غال: "يوجد حدود لحرية التعبير، وينبغي أن ندرك أننا لا نمتلك الحق في إهانة الأديان".
اعتقالات في باريس
في غضون ذلك، أفاد مصدر قضائي فرنسي، أمس، بأن رجلا ثالثاً مقرباً من المشتبه فيه الثاني الذي أوقف مساء أمس الأول، وضع في الحبس على ذمة التحقيق في إطار هجوم نيس.وكان الرجل (33 عاماً) حاضراً خلال تفتيش عناصر الشرطة لمنزل مشتبه فيه ثانٍ كان على تواصل مع العيساوي عشية الهجوم.وأوقف الرجل الثاني (35 عاما) في نيس مساء الجمعة، ووضع في الحبس على ذمة التحقيق.وكان مشتبه فيه أول يبلغ 47 عاما أوقف الخميس بعدما شوهد، من خلال لقطات وفرتها كاميرات مراقبة عشية الهجوم، إلى جانب العيساوي، وهو لا يزال في الحبس على ذمة التحقيق.ويحاول المحققون معرفة ما إذا كان المهاجم استفاد من مساعدة وكيف حصل على الهاتفين اللذين عثر عليهما في حقيبة تحوي مقتنياته الشخصية.... وفي تونس
وأعلنت النيابة التونسية أن "فرقا أمنية تمكنت من القبض على العنصر الإرهابي المسمى وليد السعيدي، الذي ظهر عبر مقطع فيديو وقع تداوله عبر شبكة فيسبوك، وتبنى فيه باسم تنظيم جديد يدعى المهدي بالجنوب التونسي، عملية نيس الإرهابية".وأضافت أنه "ألقي القبض أيضاً على شخص آخر مرافق له، مصور الفيديو، وتمت إحالتهما على الفرقة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب بالعاصمة"ووصفت وسائل إعلام تونسية الرجلين بأنهما "قياديين في تنظيم المهدي".أسرة المهاجم
وفي مدينة صفاقس التونسية، قالت أسرة المهاجم، إنه أجرى اتصال فيديو بهم من أمام الكنيسة قبل 12 ساعة من الهجوم، لكن لم يبد مؤشرات على أنه ينوي ارتكاب أي عنف.وذكرت شقيقته عفاف أنه ذهب إلى كنيسة نوتردام فور وصوله إلى نيس، بحثا عن مكان للنوم.وقال شقيقه الأكبر، ياسين، إنه لم يستطع تفسير سلوك أخيه الذي صار متدينا منذ نحو عامين، بعدما بدأ مشروعا صغيرا لبيع المحروقات بشكل غير قانوني في بلاده. كما أكد ابن عمه، نسيم، في مقابلة مع قناة "الحدث" أن إبراهيم كان يبحث عن عمل في إيطاليا وفرنسا، ولم يكن له أي ارتباطات على حد علم عائلته بمنظمات إرهابية.في حين كشفت والدته، أن ابنها قبل سنتين "كان يشرب الخمر ويتعاطى المخدرات"، مضيفة "كنت أقول له لماذا تنفق أموالك ونحن محتاجون، فكان يجيبني إن هداني الله فسيهديني لروحي".وتفيد عناصر التحقيق الأولى أن العيساوي وهو في الحادية والعشرين وصل إلى نيس عشية الهجوم أو قبل يومين على ذلك آتياً من إيطاليا.ووقع هجوم نيس بعد أقل من أسبوعين على قطع رأس مدرس التاريخ صمويل باتي بضاحية في باريس على يد شاب في الثامنة عشرة من عمره من أصل شيشاني، أغضبه على ما يبدو عرض المدرس رسوما كاريكاتيرية مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، على تلاميذه أثناء درس عن حرية التعبير.مهاتير
الى ذلك، رد رئيس الوزراء الماليزي السابق، مهاتير محمد، على الانتقادات واسعة النطاق التي تعرّض لها بسبب تغريدته المثيرة للجدل التي تحدث فيها عن "حق المسلمين في قتل ملايين الفرنسيين".وأعرب مهاتير، في بيان نشره على موقعه الرسمي أمس، عن "اشمئزازه إزاء محاولات تشويه وإخراج ما كتبه في مدونته الشخصية، من سياقه"، مشيرا إلى أن منتقديه ركزوا على نقطة واحدة فقط من رسالته المؤلفة من سلسلة تغريدات، وهي تنص: "لدى المسلمين الحق في الغضب وقتل ملايين الفرنسيين انتقاما من مجازر الماضي".واتهم رئيس الوزراء الماليزي السابق منتقديه بتجاهل النقطة اللاحقة في رسالته التي تنص على أن "المسلمين بشكل عام لم يعتمدوا قانون العين بالعين، ولا يجب على الفرنسيين اللجوء إليه أيضا، بل تعليم ناسهم على احترام مشاعر الآخرين".ترامب وويدودو
وبينما اتصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون، وعبر خلال الاتصال "عن أعمق تعازيه للهجمات المروعة"، مجدداً تأكيد تضامن الولايات المتحدة مع فرنسا "في محاربة التطرف"، ندد جوكو ويدودو رئيس إندونيسيا أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، أمس، بالهجمات الإرهابية"، لكنه حذر أيضا من أن "تصريحات الرئيس ماكرون أهانت الإسلام وأضرت بوحدة المسلمين في كل مكان".من ناحيته، قال الأمين العام لـ "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله، إن الرسوم المسيئة "عدوان"، وشبّه إصرار باريس على التمسك بها بأنه "إعلان نوع من الحرب".وقد أدان نصر الله هجوم نيس، لكنه قال إن الزعماء الغربيين يتحملون أيضا مسؤولية عن مثل تلك الجرائم بسبب دورهم في صراعات الشرق الأوسط.لقطات خبر فرنسا
بلجيكا تفصل مدرّساً عرض رسماً لـ«شارلي إيبدو»أوقِف مدرّس عن العمل في منطقة مولينبيك ببلجيكا، بسبب عرضه على تلاميذه، وهم في العاشرة، رسماً كاريكاتوريا للنبي محمد (صلى الله عليه وسلّم) نشرته صحيفة "شارلي إيبدو"، في إطار صفّ حول حرّية التعبير بعد شكوى من أولياء أمور. مالبرونو يعيد تصريحاً لشيراك إلى الواجهةنشر الصحافي الفرنسي المعروف جورج مالبرونو تصريحا قديما للرئيس الراحل المحافظ جاك شيراك يعود إلى ٢٠٠٦، قال فيه شيراك تعليقاً على قضية الرسوم الكاريكاتورية: "إذا كانت حرية التعبير من دعائم الجمهورية، فإنها تقوم كذلك على قيم التسامح واحترام جميع المعتقدات. كل ما يمكن أن يجرح قناعات الآخرين، بشكل خاص القناعات الدينية يجب تجنبه. حرية التعبير يجب أن تمارس بروح من المسؤولية".مارلين لوبن: أوقفوا الهجرة!دعت زعيمة "التجمع الوطني" اليميني المتطرّف مارين لوبن إلى وقف فوري للهجرة من بنغلادش وباكستان، بسبب مطالبة التظاهرات المناهضة لفرنسا في هذين البلدين بقطع رأس السفير الفرنسي. كما حضّت على وقف فوري لمنح الجنسية بطريقة تلقائية، مضيفة أن "الجنسية الفرنسية إما تُورث أو تُستحَق".«شارلي إيبدو» تنتقد الصحف الإنكليزيةانتقدت "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، "الصحف الإنغلو ـــ ساكسونية، "التي تعتمد السياسات الهويتاتية"، وخصت بالذكر في رسم كاريكاتوري "نيويورك تايمز"، مضيفة أن "هذه الصحف رفضت اعتبار اغتيال المدرّس صامويل باتي عملاً إرهابياً دينياً، وهي بدلا من ذلك تلقي باللوم على حق التجديف الذي تتبناه العلمانية الفرنسية".
نشر الرسوم صب للزيت على النار رئيس أساقفة تولوز