أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني عصام الصقر، أن المجموعة "مازالت تعمل في بيئة تشغيلية استثنائية وسط تداعيات جائحة كورونا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الكويت، وشهد الربع الثالث من العام ظهور بوادر تعافٍ تدريجي مقارنة بالربع الثاني، ومع أن الآفاق المستقبلية لا تزال حافلة بالتحديات، فإنه لدينا تفاؤل حذر بتحسن ظروف الاقتصاد الكلي".

وقال الصقر، على هامش مؤتمر المحللين لنتائج الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، إن الربع الثالث من العام الحالي شهد استمرار استراتيجية التنويع للمجموعة، التي تمنح نموذج أعمال البنك مرونة أكبر في مواجهة الظروف الصعبة.

Ad

ولفت إلى استمرار التركيز على الإسراع بعملية التحول الرقمي للعمليات الأمامية والخلفية، بالتزامن مع ترشيد التكاليف، وستظل هذه الركائز ذات أولوية للفترة المتبقية من العام، وحتى عام 2021.

وأضاف أن الاتجاه الثاني تمثل في الالتزام الثابت تجاه أصحاب المصالح، وتجلى ذلك خصوصاً التركيز على دعم العملاء والموظفين والمجتمع والحكومة في الكويت.

البنوك قوية

وبين الصقر أن تداعيات جائحة كورونا لاتزال تشكل تحدياً كبيراً أمام الاقتصاد الكويتي والإقليمي والعالمي، وفي الكويت، كما الحال في باقي دول مجلس التعاون الخليجي، كان التأثير على النشاط الاقتصادي أكثر حدة بسبب انخفاض أسعار النفط، مما شكل مزيداً من الضغوط على الأوضاع المالية للدولة، ومن المتوقع أن يصل عجز الموازنة لهذا العام إلى أكثر من 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وعلى الرغم من ظروف البيئة التشغيلية الصعبة وتأثيرها الحتمي على أرباح القطاع المصرفي، أشار الصقر إلى أن عمليات بنك الكويت الوطني في جميع المناطق الجغرافية شهدت بوادر تعافٍ جزئي خلال الربع الثالث بالتزامن مع تخفيف قيود الإغلاق والفتح التدريجي للأنشطة الاقتصادية.

وعلى الرغم من انخفاض أرباح المجموعة بنسبة 44.2 في المئة على أساس سنوي، أوضح أن الانخفاض يتناسب مع حجم التحديات والتداعيات التي تواجه القطاع المصرفي والاقتصاد بشكل عام.

وأكد أن البنوك الكويتية أصبحت أقوى بكثير مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، مما يعزز قدرتها على تحمل تأثير هذه الأزمة المزدوجة من تداعيات الجائحة وانخفاض أسعار النفط.

سياسة متحفظة

وفي مواجهة تلك التحديات التشغيلية، أفاد الصقر بأن بنك الكويت الوطني واصل تطبيق سياسته المتحفظ تجاه إدارة المخاطر، واستمر في بناء المخصصات تحسباً لحالة عدم اليقين السائدة وظروف التشغيل الصعبة التي تعانيها العديد من القطاعات، إذ قام البنك بزيادة تكلفة مخصصات خسائر الائتمان وانخفاض القيمة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام بنسبة 98.4 في المئة على أساس سنوي، الذي كان له تأثير سلبي على صافي الأرباح.

وأكد استمرار البنك في مراقبة التكاليف بعناية، مع التركيز المستمر على المبادرات الهادفة إلى خفض التكاليف التي بدأ تنفيذها في وقت سابق من العام. وساعد ذلك في الحفاظ على المصروفات التشغيلية عند المستوى المناسب، مع السعي لتحقيق المزيد من التحسن في المستقبل، إذ يهدف نهج البنك الخاص بإدارة التكاليف إلى تحقيق التوازن بين استراتيجية مبادرات خفض التكاليف ورفع الكفاءة على مستوى المجموعة للحد من تأثير الأزمة على الربحية، وبين مواصلة ضخ الاستثمارات اللازمة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية ومواصلة التوسع في الأسواق الرئيسية التي نعمل بها.

وأضاف الصقر أنه على الرغم من أن الجائحة لم تنته بعد، وأن تداعيات الأزمة الاقتصادية لاتزال قائمة، فإن هناك ثقة كبيرة في قدرة البنك على احتواء تداعيات هذه الأزمة بفضل المركز المالي القوي الذي تم بناؤه على مدار سنوات طويلة، ومرونة نموذج أعمال البنك واستراتيجيته لتحقيق النمو.

ويتمتع البنك بميزانية عمومية قوية جداً، مما ينعكس على نسب رأس المال القوية ومستويات جودة الأصول العالية والسيولة المريحة، الأمر الذي يدعم قدرته على تحمل تداعيات الأزمة، ومواصلة نمو الربحية مع بدء التعافي تدريجياً.

الدين العام

ورداً على سؤال حول قانون الدين العام الجديد، قال الصقر، إن الحكومة لديها خيارات محدودة في حال لم يتم إقرار قانون الدين العام من مجلس الأمة الجديد، إذ سيكون على الحكومة في ذلك الوقت اللجوء إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، وهو الأمر الأكثر صعوبة.

وأشار الصقر إلى أن إقرار قانون الدين العام أصبح قضية سياسية سوف تتحدد اتجاهاتها بعد انتخاب مجلس أمة جديد خلال الأسابيع المقبلة، ووسط ما تفرضه الجائحة من تداعيات اقتصادية وانحسار للحلول والبدائل المتاحة أمام التمويل الحكومي يتوقع أن يتم إقرار القانون من مجلس الأمة الجديد.

توزيعات نقدية

وعن التوزيعات النقدية عن الأرباح السنوية للعام الحالي، أكد الصقر أنه من السابق لأوانه تكوين رؤية واضحة حول التوزيعات. إذ لا تزال هناك 3 أشهر حتى نهاية العام. ومع ذلك، سوف يتبع البنك النهج المعتاد بعد إعلان الأرباح السنوية بنهاية العام. وتكون الأولوية لتدعيم المتطلبات الرأسمالية المستقبلية وبعدها يتم إقرار توزيعات الأرباح، وهو ما سوف يخضع في النهاية لتوصيات مجلس الإدارة وموافقة الجمعية العمومية.

كما أكد الصقر تمتع البنك برأسمال قوي جداً على مستوى جميع النسب الرأسمالية، مع وجود مصدات رأسمالية مريحة تتجاوز كل المتطلبات الرقابية إذ وصل معدل كفاية رأس المال إلى 17 في المئة في نهاية سبتمبر 2020.

وشدد على أن "الوطني" تميز خلال الجائحة وما شهدته من ظروف استثنائية بالنجاح في العمل عن بُعد بشكل كامل وتطبيق خطط الطوارئ وإجراءات التعافي من الأزمات، وتفوق قنواته الرقمية.

وتوجه بالشكر إلى كل موظفي البنك لجهودهم المتواصلة وتفانيهم في القيام بمهامهم، مؤكداً أن موظفي البنك هم أهم موارده وأسباب نجاحه.

من جانبه، قال المراقب المالي لمجموعة بنك الكويت الوطني سوجيت رونغي: "كما نعلم جميعاً أن جائحة كورونا وما تبعها من إغلاق وفرض قيود على السفر وغيرها من إجراءات أثرت سلباً على كل الأنشطة الاقتصادية ومنها البنوك والمؤسسات المالية، ومع تخفيف تلك القيود خلال الربع الثالث شهدت البيئة التشغيلية تحسناً طفيفاً لكن تبقى حالة عدم اليقين في ظل استمرار انتشار الفيروس حتى الآن".

وأشار رونغي إلى أن الأرباح التي تم تحقيقها على الرغم من بيئة الأعمال المليئة بالتحديات، تعكس مرونة نموذج أعمال البنك وسط الانخفاض الكبير في أسعار الفائدة، وضعف النشاط الاقتصادي، الذي ألقى بظلاله على حجم الأعمال وأدى إلى بناء المزيد من المخصصات التي تضاعفت قيمتها خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي.

ورداً على سؤال حول أثر خفض بنك الكويت المركزي الفائدة على أصول البنك بنسبة 0.125 في المئة على إيرادات البنك، أكد رونغي أن الإبقاء على سعر الخصم دون تغيير هو الأهم والأكثر تأثيراً فيما لن يكون هناك تأثير ملحوظ نتيجة التخفيض الطفيف لأسعار الفائدة على الأصول الأخرى.

وعن توقعات التعثر مستقبلاً، أكد رونغي ضرورة الانتظار حتى نهاية برنامج تأجيل قروض الشركات، إذ سيكون هذا هو الوقت الذي ستتضح فيه الصورة بشكل أكبر فيما يخص القروض المتعثرة كما أكد أن الزيادة في نسبة القروض المتعثرة من 1.1 في المئة في ديسمبر إلى 1.89 في المئة ترجع بشكل جزئي إلى تكوين مخصصات احترازية بشكل عاجل، مما تطلب تصنيف قروض معينة ضمن القروض المتعثرة.