إن الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020 لا مثيل لها في الذاكرة الحية، كانت المنافسات الماضية حاقدة وتم وصف بعضها بعبارات وجودية، ولكن لم يواجه الأميركيون أبدا، على الأقل في الآونة الأخيرة، احتمال رفض الرئيس المنتهية ولايته النتيجة، ونادرا ما تخاطر الانقسامات الحزبية بالتصعيد إلى صراع مسلح.

لدينا في مجموعة الأزمات الدولية تفويض لإنهاء ومنع وتخفيف النزاعات العنيفة أينما ظهرت، ففي كثير من البلدان، غالبا ما تكون الانتخابات مصحوبة بخطر إراقة الدماء، بسبب عوامل مثل الاستقطاب السياسي الشديد، ومجازفة الفائز بكل شيء، وانتشار الأسلحة في أيدي الجماعات المسلحة ذات الأجندات السياسية، والعمليات الانتخابية المعيبة التي تترك الكثيرين يشككون في النتائج، وفي ظل هذه الظروف، يمكن أن تكون الانتخابات خطيرة بشكل خاص عندما يكون لكل مرشح قاعدة دعم كبيرة وملتزمة.

Ad

عوامل الخطر هذه كلها موجودة إلى حد ما في الولايات المتحدة اليوم، لكن الأخطر هو رفض الرئيس الحالي الالتزام باحترام إرادة الناخبين، فهو الإصرار على أن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يخسر بها هي إذا تم تزوير الانتخابات، ولا يزال عليه أن يدعو مؤيديه إلى الامتناع عن العنف.

إذا نظر العالم إلى الولايات المتحدة بالطريقة التي تنظر بها هذه الأخيرة إلى الديمقراطيات الأصغر والأقل قوة في جميع أنحاء العالم، فسيرى بلدا لا يزال يعاني الإرث الدائم للرق والحرب الأهلية والقتل خارج نطاق القانون والفصل العنصري والصراع العمالي والتطهير العرقي للشعوب الأصلية.

قد يمتعض العالم من التمييز العنصري، وعدم المساواة الاقتصادية، ووحشية الشرطة التي تشكل مصادر مزمنة للتوتر في الولايات المتحدة، وتتحول بشكل دوري إلى مظاهرات في الشوارع، وفي بعض الأحيان، اضطرابات مدنية، ويلاحظ أن العديد من المدن الأميركية الكبرى لديها قوات شرطة ذات عسكرة شديدة تنشر أسلحة وتكتيكات مماثلة لتلك التي يستخدمها الجنود الأميركيون في مناطق الحروب والتدخلات في الخارج. قد ترى أن الأحزاب السياسية المهيمنة على خلاف حول أسئلة عميقة عن الهوية الوطنية، حيث يصور العديد من الديمقراطيين الانتخابات على أنها لحظة حاسمة للديمقراطية، ويرى العديد من الجمهوريين على أن ترامب حصن ضد التغيرات الثقافية والديموغرافية في البلاد.

باختصار، تجري الانتخابات الأميركية لعام 2020 تحت سحابة جائحة قاتلة، ومن المرجح أن تؤدي الزيادة الهائلة في التصويت عبر البريد إلى خلق فرص لترامب للطعن في النتيجة، وبالنظر إلى المخاطر المتصورة، يمكن توقع خوض كلا الجانبين بضراوة في نزاع حول النتيجة، وبالنظر إلى مدى تعقيد قوانين الانتخابات الأميركية، فإن النتيجة المتنازع عليها أو غير الحاسمة قد تؤدي إلى شهور من التردد المتوتر.

ومما يثير القلق بالقدر نفسه التهديد الجماعي الذي تشكله الخلايا اليمينية المتطرفة المسلحة، مثل الرجال الثلاثة عشر الذين تم اعتقالهم مؤخرا بتهمة التآمر لاختطاف حاكم ميشيغان الديمقراطي، غريتشين ويتمير، فقد تحاول هذه المجموعات تخويف الناخبين في صناديق الاقتراع، ويمكن أن تثير المشاكل إذا كانت النتيجة محل خلاف. إذا نزلوا إلى الشوارع، فمن المرجح أن يتم تحديهم من قبل نشطاء من اليسار؛ يمكن لممثلي الأطراف العنيفة الانضمام إلى هذا المزيج، مما يزيد من خطر إراقة الدماء.

ومن المؤكد أن الولايات المتحدة لديها فرصة عادلة لتجاوز هذه اللحظة الصعبة دون تصاعد العنف، ولا يزال لديها مزايا تفتقر إليها البلدان الأخرى التي درستها مجموعة الأزمات الدولية، بما في ذلك الجيش غير السياسي، والصحافة النابضة بالحياة، والمجتمع المدني المتطور.

ومع ذلك، فإن الوضع يتطلب احتياطات غير عادية، وينبغي على المسؤولين الحكوميين والمحليين، جنبا إلى جنب مع مجموعات المجتمع المدني ذات الصلة، أن يكونوا على دراية بالأدوات القانونية المتاحة لهم وأن يستعدوا لاستخدامها لضمان إجراء التصويت وفرز الأصوات دون انقطاع. يجب على وسائل الإعلام التي لم تفعل ذلك بعد أن تضع سياسات لتجنب إعلان الفائز قبل الأوان، وستحتاج منصات وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسة إلى جميع الوسائل لضبط المعلومات المضللة.

ولرؤساء الدول والحكومات الأجنبية دور مهم يؤدونه، فقد يحاول ترامب إعلان النصر مسبقا في 3 نوفمبر، مدعيا أن الأصوات التي تمت جدولتها في ذلك اليوم هي فقط التي يجب أن تُحسب، والضغط على نظرائه الأجانب للاعتراف بنجاحه المزعوم. يجب أن يعارضوا القيام بذلك، حتى يقر أحد المرشحين أو تنتهي العملية بالكامل، على المسؤولين الأجانب الامتناع عن إجراء أي مكالمات تهنئة، وإذا سارت الأمور نحو الأسوأ، فعلى الذين لديهم قنوات مباشرة مع ترامب ودائرته الداخلية بعث رسالة واضحة: "إذا تدخلت في فرز الأصوات أو رفضت قبول انتقال سلمي للسلطة، فستكون بمفردك".

مع الحظ، وربما القليل من المساعدة من أصدقائها، يمكن للولايات المتحدة تفادي رصاصة انتخابات 2020 والبدء بإصلاح الانقسامات الاجتماعية التي ساهمت في الوصول إلى هذه الهاوية الخطيرة، ولكي يحدث ذلك ستحتاج إلى تطبيق بعض الدروس التي توزعها كثيرا على الآخرين.

* روبرت مالي، عضو مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس باراك أوباما والرئيس بيل كلينتون، والمدير التنفيذي لمجموعة الأزمات الدولية

*ستيفن بومبر، عضو في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس باراك أوباما، ومدير أول للسياسة في مجموعة الأزمات الدولية.