● ما الرؤى النقدية التي خلصت إليها في كتابكم الصادر حديثا: "التأويل السيميائي والتلقي الجمالي: مقاربات في الشعر العربي الحديث والمعاصر"؟

Ad

- فيما يتعلق بالرؤى النقدية التي خلص إليها كتابنا الأخير (التأويل السيميائي والتلقي الجمالي)، احتفاؤه بتجارب شعرية عربية مختلفة وثرية وغالبها لم تسلط عليها الأضواء، وهي تجارب باذخة تستحق الدراسة، وتمثل بيئة خصبة للتأويل السيميائي، والتلقي الجمالي. فالنص الشعري بأنساقه المختلفة يحمل شفرات تحتاج من القارئ إلى فكها وتأويلها، واكتشاف طبقات الدلالة وصناعة المعنى والوصول للجمالية.

الأدب النسوي

● احتفيت بتجارب نسائية عدة منها الشاعرة الفلسطينية هيام مصطفى قبلان، والليبية كوثر نجم، برأيك هل هناك خصوصية للأدب النسائي؟

- الأدب النسوي أو الأنثوي أو أدب المرأة، هو كل أدب تناول قضايا المرأة، لا تختلف مقومات التجارب الشعرية عند الشعراء والشاعرات، ولكن لكل شاعر وشاعرة القاموس اللغوي الخاص والقدرات الخيالية والتصور في تناول القضايا الاجتماعية والإنسانية، ولكن ما تميزت به التجارب الشعرية النسوية التي تناولتها بالدراسة قوة العواطف الجياشة، وسعة الخيال، وحضور الذات المبدعة واندغامها مع الآخر، ووضوح المواقف في مناصرة القضايا الوطنية والإنسانية العادلة.

قصيدة النثر

● ما رؤيتك لقصيدة النثر؟ وهل بها ما يطور الشعر العربي؟

- قصيدة النثر جمعت بين لونين أدبيين هما: الشعر والنثر، فهي مزيج منهما، ولا أرى أنها نهضت وطوّرت الشعر العربي بل فتحت الباب على مصراعيه لكل من هب ودب أن يكتب فيها، لعدم وجود معايير صارمة تحدد معالم كتابتها، وربما جاءت استجابة للموضة، ومحاولة لمسايرة الأوضاع العامة التي يعيشها وطننا العربي ومبدعوها يجدون فيها مساحة كافية للتعبير عن آرائهم ومواقفهم، ولنكن منصفين، فهي عند كتّابها الناضجين إبداع له مقوماته الفنية والدلالية والجمالية.

مرتكزات نقدية

● كيف تفسر رواج النجاح الذي حققه كتابكم النقدي الأول الموسوم بـ"جمالية التلقي في الكتابة الشعرية العربية من العتبات إلى النص"، عن "دار مقاربات" في المغرب؟

- يكمن رواج أي كتاب بسلاسة أسلوبه، وقوة طرحه في معالجة القضايا، ودراسة النصوص وما يقدمه من جديد، وهو ما حاولت القيام به في الكتاب فقد عالجت نصوصا شعرية عربية بنظرية نقدية غربية وبسط مفاهيمها، ومرتكزاتها، وبسّطها ليتسنى للقارئ فهمها، وعند نشر الكتاب تناقلته مواقع إخبارية عديدة وتلقيت رسائل واتصالات من بعض الباحثين للحصول عليه، وقد أرسلت لهم نسخا منه، وأتمنى أن يكون الجميع استفاد منه، كما تلقيت من البعض رسائل أشادت بالكتاب وأثنت عليه، وهو ما أعطاني حافزا لمواصلة الكتابة.

وقد نشرت الكتاب في منتصف هذا العام على أثناء الحجر الصحي على الشبكة العنكبوتية، كمساهمة متواضعة ليستغل القارئ وقته في القراءة، ورأيت إقبالا كبيرا على تحميله. إن القصد والأصل من تأليق كتاب ما هو حصول المعرفة والاستفادة, وهو ما أتمناه.

أطروحات متطورة

● "النقد الأدبي"... إلى أين يتجه؟ وهل الوفاق بين أفراد الجماعات الأدبية يؤدي إلى إنتاج نقدي متطور؟

- النقد الأدبي يتجه إلى تطوير حقله من خلال استلهام التجارب، والأطروحات النقدية الحديثة، ويحاول مواكبة العصر بتقنياته المختلفة، وأرى أننا بحاجة إلى جهة مؤسسية جامعة تجمع شتات كل المحاولات والرؤى، وتنسق كل الجهود من أجل إحداث نقلة نوعية في النقد العربي المعاصر.

محافل إبداعية

● كيف تصف المشهد الثقافي العربي الراهن؟ هل بالفعل في حالة غياب؟

- المشهد الثقافي العربي يعاني حالة من التراجع، ولا نقول غيابا، فهو حاضر باستحياء في المحافل الوطنية والدولية، ولم يحقق المستوى المنشود، وطموحات الأمة، وهو رغم الظروف الصعبة يحاول أن يتمسك بضوئه الخافت علّه يصل إلى نهاية الطريق، ويصعد سلم الريادة، وهذا الأمر يحتاج إلى اهتمام ورعاية من قبل الحكومات العربية، وتشجيع الإبداع والمبدعين، وتهيئة الظروف للمبدعين، والأدباء والنقاد.

قراءة تكاملية

● هل تثق بأن النقد مكمل للإبداع أم ان العلاقة بينهما لم تكتمل حتى الآن؟

- النقد إبداع، وعلى سبيل المثال عند قراءة الناقد لنص أدبي فإنه ينتج نصا جديدا ويولد إبداعا جديدا، ويمكن أن تكون هناك مجموعة من القراءات لنص واحد تتمخض عنها نصوص جديدة، فالعلاقة بين النقد والإبداع علاقة ترابطية تكاملية.

حراك ثقافي

● برأيك ما السمات التي تميز المشهد الثقافي الأدبي اليمني العربي الحالي في ظل الأحداث والتطورات التي تشهدها الساحة السياسية؟

- لاشك أن الأحداث والتطورات السياسية في الساحة العربية أثرت إلى حد كبير على المشهد الثقافي، كما لعبت جائحة "كورونا" دورا بالغا في تجميد الحراك الثقافي، وتوقيف حركة معارض الكتاب، وشلل المواسم الثقافية والندوات والمؤتمرات العلمية والأدبية، التي كانت تسهم في تحريك عجلة الثورة الثقافية, وكل ذلك أضر بالمشهد الثقافي العربي. أما في اليمن فإن الاضطراب السياسي قد أثر بشكل سلبي كبير على المستوى الثقافي، فهاجرت العقول وتوقفت بعض الأقلام، ولا يعني ذلك أنها تجمدت بل هناك أقلام متوهجة تضيء سماوات الفكر والأدب والإبداع، وكمثال واضح فوز اليمن بسهمين بجائزة "كتارا". فقد فاز في فئة الدراسات النقدية الصديق الناقد علوي الملجمي، وفي فئة الروايات غير المنشورة الزميل نجيب نصر، فضلا عن توالي المؤلفات والموسوعات الكبيرة في شتى حقول المعرفة، فاليمن مازال ينهض بالإبداع في ظل محيطه العربي، وما يهمنا ليس وصف المشهد الثقافي العربي بصفة عامة أو اليمني بصفة خاصة، ولكن كيفية تطويره والنهوض به، ولن يتأتى ذلك إلا بالاستقرار السياسي، وتوحيد الجهود وتوفير الدعم المالي، وتشجيع المبدعين.

● ما رؤيتك لدور الناقد في زمن الماديات والعولمة وصراع الحضارات؟

- دور الناقد يتجلى في إبراز قيم الإبداع الإنساني والانتصار للأدب مهما كان لونه ومذهبه، والإسهام في تبسيط المعرفة النقدية في حقولها المختلفة، والاستفادة من تجارب الآخرين الرائدة، ما يجعل الإبداع الحقيقي أو الأدب النموذجي أمميا وعالميا يخترق جدار الزمان والمكان، ولا يعترف بأسوار تقيّده وتأسره خدمته للمعرفة الإنسانية، وانتصاره لقيم الحق والعدل والجمال.

● ماذا عن كتاباتك النقدية إذا ما أردنا وضعها في سياق من الرؤية والنظر؟

- من سيضعها في سياقها هو القارئ، ولكنني أصف كتاباتي بأنها مازالت في بداية مشوارها وأسعى إلى صقلها، وتطويرها، وترسيخها من خلال تكثيف الاطلاع والقراءة، وتتبع كل جديد، وهدفي تبني مشروع نقدي يكتب له التميز، والريادة.

●... وماذا عن مشاريعكم المستقبلية؟

- نعمل على التنسيق مع فريق من الزملاء النقاد في بلداننا العربية، لوضع أسس وقواعد لمشروع نقدي ينهض بالدراسات النقدية، ويوحد المسار، وخصوصا ما يتعلق بالدراسات النقدية السيميائية الغائبة عن واقعنا النقدي، وأدعو النقاد المهتمين والجهات الداعمة لمساندتنا.