يتوقع أن تدور مشاورات حاسمة بشأن مصير ومستقبل مفاوضات "سد النهضة"، بين مصر والسودان وإثيوبيا، اليوم، لاحتواء الخلافات التي أدت إلى تعثرها، أغسطس الماضي، وتحذير الرئيس الأميركي دونالد ترامب من احتمال قيام القاهرة بتحرك عسكري ضد السد في حال لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع أديس أبابا.ويأتي الترقب للمنعطف المهم في المفاوضات غداة إعلان وزارة المياه الإثيوبية، أن اجتماع وزراء شؤون المياه في مصر والسودان وإثيوبيا، أمس الأول، الذي شهد حضور المراقبين من مكتب الاتحاد الإفريقي، ناقش باستفاضة خطة العمل في الأيام المقبلة بناء على توجيهات وزير العلاقات الدولية والتعاون بجمهورية جنوب إفريقيا، والتفاهم الذي توصل إليه وزراء الخارجية ووزراء شؤون المياه في الاجتماع الذي عقد في 27 أكتوبر الماضي.
وأشارت إلى أن الدول الثلاث اتفقت على تكليف 6 خبراء، اثنان من كل دولة من الدول الثلاث، لمواصلة المناقشة وتقديم تقرير إلى الوزراء حول كيفية إعادة المفاوضات المتعثرة ودور خبراء الاتحاد الإفريقي في دفع العملية إلى الأمام.وأوضح البيان أن الخبراء سيجتمعون ويقدمون تقريرهم إلى الاجتماع الوزاري الثلاثي المقرر عقده اليوم.
هجوم إثيوبي
ولم يترشح أي تطور إيجابي عن المفاوضات بعد، إذ أكد مصدر مصري مطلع على مسار المفاوضات، لـ "الجريدة" أن القاهرة متمسكة بمطلبها الأساسي بأن تكون الاتفاقية النهائية ملزمة للجانب الإثيوبي، وبها إشارة واضحة لحماية الحقوق المائية لدولتي المصب، مصر والسودان، في مواجهة التعنت الإثيوبي المتمسك بتوقيع اتفاقية غير ملزمة.وبينما أبدى عدد من خبراء المياه في مصر امتعاضهم من قيادة الاتحاد الإفريقي غير الحازمة للمفاوضات، والتي لم تنجح في "إدانة التعنت الإثيوبي"، كالت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية المديح للاتحاد القاري أمس.ونقلت الوكالة الرسمية عن الخبير القانوني في جامعة ولوو الإثيوبية، ديجين يميني، إشادته البالغة بالاتحاد الإفريقي، ثم هجومه العنيف على مصر والولايات المتحدة الأميركية، قائلا إن "مصر لا تتفاوض بحسن نية، لأن الهدف الرئيسي لها هو الحفاظ على الهيمنة المائية على نهر النيل"، على حد زعمه.وذهب الخبير الإثيوبي إلى أن سد النهضة "سد سيادي، ولا يوجد مبدأ أو قاعدة تجبر البلدان التي تبني سدا أو سدودا على مياه عابرة للحدود، للتفاوض حول كيفية الملء والتشغيل. وزعم أنه يساء فهم حسن النية التي أبدته إثيوبيا، فأصبح السد رهينة جيوسياسية مع التدخل غير المخلص من مصر والولايات المتحدة"، داعيا إلى "تحرير السد حتى ولو أدى ذلك إلى عدم توقيع أي اتفاق يضحي بمصالح أديس أبابا".وحث الخبير القانوني الإثيوبي، الذي يعبر عن صوت بلاده، على إزالة واشنطن من وضع المراقب في المفاوضات بزعم أن الرئيس الأميركي "لديه أعمال في الشرق الأوسط ومصر، ولذلك يقف بجوار القاهرة ويضغط على إثيوبيا لتوقيع صفقة غير عادلة".في غضون ذلك، تفقد رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، عدداً من المشروعات التنموية والسياحية بإثيوبيا أمس.وقال أحمد إن الشعبين الإثيوبي والسوداني يتمتعان بعلاقات قوية متجذرة في الثقافة والتاريخ.وأوضح عبر "تويتر": "أجرينا زيارات برفقة رئيس مجلس السيادة السوداني، في مدينة أداما بإقليم أوروميا، وتلقينا مباركة من أبا قدا لتعزيز العلاقات". ولفت آبي أحمد إلى أنه تم تكريم البرهان بمنحه "درع محاربي السلام".وجاء الاحتفاء الإثيوبي بالبرهان في وقت بدت خلال الأيام الماضية ملامح تقارب مصري - سوداني على مستويات عدة، أهمها الشق العسكري، بعد سنوات من الفتور شابت علاقة البلدين.هيمنة سياسية
على صعيد داخلي في مصر، بدا واضحا أن حزب "مستقبل وطن" في طريقه إلى الهيمنة المطلقة على الحياة السياسية في مصر لخمس سنوات مقبلة، إذ أظهرت نتائج الجولة الأولى لانتخابات مجلس النواب التي أعلنت أمس الأول، فوز قائمة "من أجل مصر" بمقاعد القوائم، وعددها 142 مقعدا، وهي القائمة التي يهيمن "مستقبل وطن" على معظم تشكيلها.وعلى مقاعد الفردي حصد الحزب المعروف بكونه أكبر أحزاب الموالاة، معظم المقاعد التي حسمت بالجولة الأولى، وعددها 32 مقعدا، ونجح أبرز مرشحي الحزب في حصد أهم دوائر المرحلة الأولى، إذ نجح نائب رئيس الحزب رجل الأعمال محمد أبوالعينين، في حصد مقعد دائرة الجيزة رغم نزوله الانتخابات بصفة مستقل، في حين نجح مرشحو الحزب في الإطاحة بالنائب محمد فؤاد، أحد أكثر النواب نشاطا في البرلمان القائم، ويتنافس معظم مرشحي الحزب على مقاعد الإعادة وعددها 110 مقاعد.وصوت نحو 9 ملايين من أصل 31.7 مليون مصري يحق لهم التصويت في الجولة الأولى التي أجريت الأسبوع الماضي، وتفقد الانتخابات زخمها لأنها تُجرى بين مؤيدي النظام المصري، ومشاركة هامشية للمعارضة المدنية، إذ لم ينجح أي مرشح من المحسوبين على التيارات المعارضة.وتعكس مؤشرات المرحلة الأولى رغبة لتكريس الأغلبية في "مستقبل وطن"، أسوة بما حققه في انتخابات مجلس "الشيوخ" (الغرفة الثانية من البرلمان)، بعدما ضمن الأكثرية بـ 147 مقعدا من أصل 300 مقعد.وبدأ المصريون في الخارج، أمس، طباعة بطاقات الاقتراع من موقع الهيئة الوطنية للانتخابات، للإدلاء بأصواتهم عبر البريد في المرحلة الثانية التي تشمل 13 محافظة وهي: القاهرة والقليوبية والدقهلية والمنوفية والغربية وكفرالشيخ والشرقية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال سيناء وجنوب سيناء، وتجرى الجولة الثانية أيام الأربعاء والخميس والجمعة للمصريين بالخارج، والسبت والأحد المقبلين للمصريين بالداخل.قضائياً، أجلت محكمة جنايات القاهرة أمس، جلسة محاكمة المرشح الرئاسي رئيس مجلس الوزراء الأسبق، أحمد شفيق، ومتهمين آخرين، إلى جلسة 7 ديسمبر المقبل، لتقديم المستندات والمراجعة في اتهامهم بالفساد في القضية المعروفة إعلاميا بـ "جمعية خدمات مصر الجديدة الأهلية".