التوسع الملحوظ في استخدام الإبعاد الإداري بدأ يطرح أكثر من علامة استفهام، فمن يتخذ القرار، والشروط، وطبيعة المخالفات المرتكبة؟ كلها مسائل يجب إعادة النقاش حولها.على سبيل المثال "فاشنيستا" تتهم بنشر صور لا تناسب الذوق العام ترحّل خلال يومين، وفاشنيستا أخرى تنشر صوراً وتعليقات تفوق بمراحل سوء من رحلت ولكن لا ترحّل!
سيدة من جنسية عربية تطالب سلطات بلدها بالمعاملة بالمثل مع الكويت ترحّل أيضاً مع أن منطقها سليم ولا يتنافى مع المواثيق الدولية.في المقلب الآخر لم أتصور أن أناقش مواطناً آخر أحقية أي طفل في الكويت لدخول المدارس الحكومية لاعتبارات تتعلق بصحة أوراق والده الثبوتية، ومع هذا فإن ساحات "تويتر" تشهد نقاشاً يصل إلى الاستهزاء والسباب حول هذا الحق بين من مع، ومن ضد دخول طفلة في السابعة من عمرها إلى المدرسة.النقاش نفسه بدأ يتضخم حول كل مناحي الحياة بالنسبة إلى فئة البدون، دخول المستشفيات وحق العمل الشريف، وإصدار شهادات الميلاد وغيرها من القضايا، وكأن المطلوب رميهم خارج الحدود!الأمر لم يقف عند هذا الحد بل تعداه ليدخل إلى جزء كبير من تقسيمات المجتمع الكويتي نفسه، فالفئات المجتمعية تنظر إلى بعضها نظرة شك وريبة تزداد وتنقص حسب ظروف الداخل والخارج، ولا داعي أن أذكر أنه عند بداية الجائحة طالب أحد النواب المحترمين السلطات بمنع دخول المواطنين القادمين من إيران، بسبب الشكوك حول إصابتهم بفيروس كورونا، وصمت صمت أهل المقابر عن طائرات أخرى من بلدان أخرى كان الجميع يعلم بانتشار الفيروس فيها.قد يقول قائل إن الأمر ليس بجديد، وإنها تُمارس منذ عقود من الزمن، وأقول نعم لكننا لم نصل إلى هذا المستوى من النظرة الدونية بل الكارهة في بعض الأحيان لبعضنا.المشكلة الأكبر أن الحكومة بدل التصدي لهذه الظاهرة، بدأت تعززها، فهي من تُمارس التعسف في الإبعاد الإداري، وكأن اللجان الحقوقية والمنظمات الدولية لا تسجل هذه التصرفات، وهي من ساهمت في تسليم ملف قضية كبيرة بحجم قضية البدون إلى جهات غير مسؤولة لا تراعي أي اعتبارات إنسانية، وهي من رعت الانتخابات الفرعية الأخيرة، لحرصها على إنجاح مرشحيها، ضاربة عرض الحائط بالاعتبارات الوطنية والقانون الذي يجب أن تسهر على تطبيقه، وما الإحالات إلى النيابة إلا ذر للرماد في العيون، لأن التحريات قد تكون ناقصة، وتنتهي بغرامة يدفعها من يدفعها، وكله يهون مقابل الكرسي الأخضر، والحكومات المتعاقبة هي من مارست توزيعات إسكانية قسمت المجتمع إلى كانتونات طائفية وقبيلة، لكي تتحكم باللعبة الانتخابية.لم نكن يوماً بهذه القسوة تجاه بعضنا، بل على العكس عرف عنا طيبة القلب والرأفة والتسامح مع الآخرين، والله يسامح من كان السبب! فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك.
مقالات
نحن والآخر
03-11-2020