أحمد المقلة: رفضت نصوصاً كثيرة لم تستفز حسي الفني
أكد لـ الجريدة• أن النص الجيد أصبح عملة نادرة والفانتازيا تستهويه لكن تكلفتها ضخمة
وأشار إلى أن أكثر الأعمال التي استفزته نص ثراثي فانتازي، لكنه مكلف إنتاجيا، لذلك فإن الشروع في تنفيذه خلال الفترة الحالية يعتبر مجازفة، بسبب التحديات التي فرضتها أزمة كورونا من ركود عالمي... حول المزيد من التفاصيل والآراء يأتي هذا اللقاء:
• بداية، هل تخطط للعودة قريبا إلى الكويت والشروع في عمل درامي لرمضان المقبل؟
- أقرأ عدة نصوص منذ فترة، وقريبا أستقر على نص للشروع فيه، لكنها رحلة طويلة من القراءة، حيث أصبح النص الجيد عملة نادرة في هذا التوقيت، وأنا لا أبحث عن التواجد المجرد، بل تقديم عمل يضيف إلى مشواري الفني، ومن أكثر النصوص التي استفزتني مؤخرا عمل تراثي فانتازي على نمط ما قدمته سابقا "نيران"، وهو من الأعمال التي تعطي المخرج والفنانين مساحة كبيرة للإبداع في مجال خصب من الحرية والاتساع، لكنها في المقابل أعمال مكلفة إنتاجيا، وتحتاج إلى منتج منفق، أما في الظروف الحالية من الركود الذي فرضته أزمة كورونا على العالم فإن إنتاج مثل هذه الأعمال المكلفة يعتبر مخاطرة كبيرة.
• هل يعني ذلك أن الأعمال المعاصرة أقل تكلفة وفي متناول الجميع؟
- أي عمل يمكن أن يكون مكلفا، حتى الدراما المعاصرة، إذا تطلبت سفرا لفريق العمل، وديكورات خاصة، ومشاركة عدد كبير من نجوم الصف الأول كما تتطلب القصة، لذلك لا يمكن التعميم، لكن بنظرة أوسع الأعمال المعاصرة في أغلبها ليست كالأعمال التراثية والفانتازية التي تتطلب الخروج عن المألوف، والملابس والديكورات الخاصة بزمن ما، أو لا زمن، أو لا مكان، فهو أمر متروك لحرية وإبداع الكاتب، فضلا عن الرؤية الإخراجية للعمل.• ما سبب سطوة الأعمال الاجتماعية المعاصرة على الدراما الخليجية في السنوات الأخيرة؟
- يعتبر نوعا من الاستسهال والبعد عن المخاطر، فهي قريبة من واقعنا، ولا تتعارض مع مقص الرقيب إلا في مناطق محددة، فتكون أقرب إلى الإجازة، كما أنها جرعة سهلة يمكن إنتاجها وتنفيذها في أقل وقت، وبأي تكلفة، إذا كانت لا تقدم جديدا مغايرا لواقعنا الحالي، وربما هي أحد أسباب ملل الجمهور من الدراما التلفزيونية المطولة في السنوات الأخيرة، نتيجة التكرار والتشابه وعدم طرح قضايا جديدة، فضلا عن ضعف مستوى الأداء التمثيلي أو الرؤية الإخراجية في بعض الأحيان، كما أن تفكك النص أو الخروج عنه بشكل غير مقنن يعد أحد أسباب تفكك العمل.• يعرف عنك رفض إجراء أي تعديلات على النص المعتمد للتصوير، فهل السيطرة على الخروج عن النص ميزة أم عيب من وجهة نظرك؟
- السيطرة على موقع التصوير شيء ضروري وهام، فليس من السهل العمل في أجواء من التسيب، خصوصا أن الموقع يضم عشرات العاملين، لكني لست كثير الكلام أو التعامل بعصبية، بل يعرف عني أنني محب للصمت، ولا أتكلم إلا في حدود ضيقة تتطلب التدخل، للحصول على موقع تصوير هادئ مناسب لأجواء من الإبداع والراحة للجميع.أما عدم قبولي الخروج عن النص فهو حقيقة لكن في حدود، فأنا أدرك تماما أن النص الدرامي ليس قرآنا ويمكن تغييره، وخاصة إذا كان صعبا على الفنان فأنا أساعده في التغيير بما يروق له، الفيصل عندي هو عدم الخروج بدون مبرر وبدون إضافة حقيقية أو نوع من الاستسهال، أما إذا كان الممثل سيضيف للنص إضافة أفضل من الكاتب، فأنا أقبلها دون شك.• هل تعرضت لمشكلات مع فنانين نتيجة عدم تقبلهم أسلوبك في العمل؟
- أحاول التفاهم مع الجميع وعدم خسارة الزملاء، لكن بشكل عام علاقتي طيبة بالمجال، والفنانون يعرفونني جيدا، ويرتاحون في التعامل معي، فأنا لست دكتاتورا، ولكني أحب الالتزام والإضافة الجيدة، لكن الحقيقة أن البعض لا يتفهم ذلك سريعا، ففي أحد المسلسلات أخطأ أحد الفنانين في النص وحذف حرف "واو العطف" من وسط الجملة، فأعطت معنى مختلفا تماما، وكان حينها يحضر التصوير أحد الضالعين في اللغة العربية، وأكد صحة تعليقي بضرورة إعادة المشهد وإضافة الحرف الناقص، وحينها قال لي الفنان: العمل التلفزيوني ليس نصا مقدسا، نحن نستطيع أن نغير أحيانا، وأجبته بالموافقة، ولكن بما لا يخل بالمعنى، وبالفعل تمت إعادة تصوير المشهد لخروجه بالمعنى الصحيح، لأنه أحيانا تغيير كلمة أو حرف يغير مضمونا مهما، وأعتقد أن الكاتب الذي يأخذ ساعات وربما اياما في صياغة مشهد معين والخروج برسالة محددة، لا يمكن إضاعة جهده سدى إلا لسبب مقنع وإضافة حقيقية.• هناك مدرسة إخراجية تقول إن المخرج التلفزيوني من حقه الحصول على فنان يمتلك أدواته ولا يحتاج التوجيه، عكس السينما والمسرح، هل تعمل وفقا لهذا الأسلوب أم توجه الممثل للأداء وفقا لرؤيتك؟
- البعض يعمل وفقا لهذا الأسلوب، لكني أرى أن للمخرج رؤية إخراجية سواء كان بالتلفزيون أو السينما أو المسرح، ومن حقي أن أوجه الفنانين سواء كانوا يمتلكون أدواتهم، أو كبارا، لأني في النهاية أمتلك رؤية وبصمة على العمل، وهو حقي كمخرج، وما اكتسبته من خبرة طوال عشرات السنوات تجعل لي أسلوبا خاصا في الأداء، ولكنها ليست سيطرة أو استعراض عضلات، لأني أرى أن الممثل أهم عناصر العمل الدرامي، ومن هذا المنطلق أهتم به وبأدائه للخروج بأفضل صورة، لأن المعول الأول في نجاح العمل هو الاهتمام وليس فرض الغلبة، ولقد تعاونت مع كبار الفنانين بالخليج وجميعهم يقدرون ذلك، كما أن نجوم الصف الثاني والثانويين لا ينزعجون أبدا بل يرحبون بتوجيهاتي والعمل بيننا يصير في تناغم كبير.• متى تنزعج ومتى تبتهج في موقع التصوير؟
- أكثر ما يسعدني أثناء العمل أن يبهرني الممثل ويعطيني أكثر مما أتوقعه منه، فأنا أراقب الانفعالات والمشاعر من خلف الكاميرا، وأكون حساسا جدا في تلقي أداء الفنان، فالإخراج حالة إبداعية ككل أشكال الإبداع الفني، وأنزعج وأغضب حينما لا يعطيني الممثل الأداء المتوقع، لكني لا أخرج عن ثباتي أو هدوئي، ولا أهوى الصوت العالي والصراخ، فاللحظات العصبية في عملي قليلة جدا.• هل استغرقتك الدراما التلفزيونية إلى الحد الذي جعلك تعتزل المسرح والسينما؟
- أنا مهتم جدا بالمسرح وحضور البروفات التحضيرية لأعمال أصدقائي المخرجين، وأحيانا أعطي ملاحظات وتعليقات على العمل، لكني لا أجد نفسي في هذا الفن الهام والمحبب لنا جميعا، أما السينما فهي ليست بعيدة عني، فالدراما التلفزيونية الآن لا تختلف في نظري كمخرج وفنان عن العمل السينمائي من حيث الأدوات المستخدمة والتكنيك والصورة، وإن كانت تختلف في الواقع الدرامي، وفي الوقت نفسه أنا متابع جيد للسينما العالمية والعربية بشكل كبير، وأتشوق لأن أقدم عملا سينمائيا ضخما يرتقي لمستوى الأعمال العالمية، أو على الأقل أتعامل مع منتج يبحث عن قيمة فنية قدر ما يبحث عن الربح.• هل هذا ينطبق أيضا على الدراما الرقمية التي حلت بديلا بقوة مع أزمة كورونا؟
- الدراما الرقمية تطور طبيعي للدراما المطولة، وهي حالة جيدة أسعد بها، ولا أجد مانعا في المشاركة بها طالما وجدت النص الجيد الذي أقدمه، وأعتقد أنها تصب في مصلحة الدراما المطولة، ولا تسحب منها البساط، كما يتصور البعض، فالتنوع مطلوب، ويبقى للتلفزيون جمهوره رغم أن جزءا كبيرا منهم توجه إلى المنصات الرقمية في ظل فترة حظر التجوال.السيطرة على موقع التصوير ضرورية فليس من السهل العمل في أجواء من التسيب