لماذا أثيرت مخاوف من وقوع أزمة دستورية؟
شكك دونالد ترامب مرارا في شرعية وقانونية الانتخابات، لاعتمادها على التصويت المبكر والتصويت عن طريق البريد، بسبب مخاوف انتشار فيروس كورونا.وتمثّل مطالب ترامب بالإعلان عن نتيجة الانتخابات بعد انتهاء التصويت تحديا كبيرا، خاصة مع إدراكه استحالة تحقيق ذلك، بسبب عدم استكمال عد وفرز بطاقات الاقتراع البريدي.ومنح رفض ترامب التعهد بالاعتراف بالهزيمة وقبوله أي نتيجة محتملة لانتخابات فرصا أكبر لوقوع أزمة.
وقد عرفت أميركا سابقا مشكلات إجرائية فيما يتعلق بالانتخابات، حيث منع البعض من الوصول إلى صناديق الاقتراع، والتشكيك في شرعية النتائج، وطرح الطعون القانونية، وإجبار الناخبين على الوقوف في طوابير طويلة.لكن لم يسبب أي منها أزمة بالمعني الحقيقي إلا في انتخابات 2000، عندما حسمت المحكمة الدستورية العليا نتيجة انتخابات ولاية فلوريدا، وأعادت فرز الأصوات؛ مما أدى إلى فوز المرشح الجمهوري جورج بوش الابن بالرئاسة.لكن ترامب قال إنه لن يقبل النتائج مقدما. يتطرق الدستور إلى كيفية التعامل مع رئيس يرفض ترك منصبه من خلال التعديل 20 بالدستور، الذي نص على أن "تنتهي فترة ولاية الرئيس ونائب الرئيس ظهرا في 20 يناير".وتملي التعليمات الواضحة في القانون الأميركي الخط البديل، فإذا لم ينتخب رئيس جديد، تذهب السلطة لرئيس مجلس النواب بصورة مؤقتة حتى تجرى انتخابات جديدة.ماذا لو كانت هناك أزمة في فرز وعدّ الأصوات لم تعرف معها هوية المرشح الفائز؟هذا سيناريو وارد مع تشكيك بعض المعلقين في كفاءة هيئة البريد الأميركية للتعامل مع ملايين بطاقات الاقتراع في فترة زمنية قصيرة.وحال وقوع هذا السيناريو تنتهي فترة رئاسة ترامب منتصف يوم 20 من يناير المقبل، وتتبوأ نانسي بيلوسي بصفتها رئيسة لمجلس النواب الرئاسة مؤقتا، حتى الاتفاق على إجراء انتخابات جديدة.وفي حال حدوث تصادم بين حاكم وبرلمان الولاية حول التصديق النهائي على نتيجة الانتخاب وتحديد الهيئة الانتخابية للولاية، يمكن أن يصل الأمر للمحكمة العليا الفدرالية بالولاية، وأن ترفع القضية للمحكمة العليا، وقد ينتهي الأمر أمام "الكونغرس".ويبقى أمام المحكمة العليا بدائل عدة، منها:أولا: يمكن لها أن تستبعد أصوات بعض الولايات على أساس أن نتائجها غير واضحة إلى حد التصديق عليها قبل الموعد النهائي القانوني في 14 ديسمبر عندما يتعين على الهيئة الانتخابية أن تجتمع، وبالتالي طرح الانتخابات بأكملها على مجلس النواب من أجل اتخاذ قرار، على النحو المبين في التعديل 12 للدستور. ثانيا: قد تشير المحكمة العليا إلى قانون عدّ وفرز الانتخابات لعام 1887، الذي ينص على أن مجلسي النواب والشيوخ سيقرران معا الناخبين في الهيئة الانتخابية الذين سيتم الاعتراف بهم، وبالتالي يتطلب من "الكونغرس" أن يقرر أي قائمة من قوائم الهيئات الانتخابية في كل من الولايات المتنازع عليها سيصادق عليها.وتلعب عملية فرز الأصوات البطيئة والطويلة دوراً في زرع الشكوك حول النتائج والادعاء بتزوير الانتخابات حال خسارة أي طرف.ويعقد الأمر وجود مجالس نيابية محلية في عدد من الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، يُسيطر عليها حلفاء ترامب من الجمهوريين، في الوقت الذي يسيطر فيه الديمقراطيون على مناصب حكام الولايات الثلاث.ويجب أن يصدق حاكم الولاية على نتائج الانتخابات داخل ولايته بعد اعتمادها من قبل الهيئة الانتخابية، وقبل إرسالها لـ "الكونغرس".وهناك مخاوف حال وجود خلافات حول تسمية أعضاء الهيئة الانتخابية بحيث لا تعكس المرشح الفائز بانتخابات الولاية، أي أن يرفض برلمان الولاية الاعتراف بنتائجها عن طريق تسمية هيئة انتخابية مغايرة، وهو ما سيدفع إلى تصادم مع حاكم الولاية ويرفع الأمر للمحكمة العليا بالولاية.
ما دور "الكونغرس" في هذه الحالة؟
إذا حدث ذلك وأعادت المحاكم قضايا الانتخابات لـ "الكونغرس" باعتبارها أزمة سياسية، سيتعين على "الكونغرس" الجديد الذي تم انتخابه اليوم 3 نوفمبر أيضا تحديد هوية الهيئة الانتخابية التي يقبلها يوم 6 يناير.وإذا كان الديمقراطيون يسيطرون على مجلسي النواب والشيوخ في 6 يناير المقبل فقد يكون ترامب في مأزق بالنسبة لأي ولاية متنازع عليها، فـ "الكونغرس" الذي يسيطر عليه الديمقراطيون سيصدق بالتأكيد على الناخبين الذين وافق عليهم الحاكم الديمقراطي، وليس الهيئة التشريعية الجمهورية.وحتى لو كانت السيطرة منقسمة بين مجلس النواب "الديمقراطي" ومجلس الشيوخ "الجمهوري"، سيتم الرجوع لقانون عام 1887 الذي يعطي مجلس النواب سلطة أكبر، وفي هذه الحالة سيتم التصديق على اللائحة المعتمدة من حاكم الولاية (ديمقراطي في تلك الولايات المتأرجحة).وسيطعن الجمهوريون في المحاكم، مما يعني أن المحكمة العليا قد تحتاج نهاية المطاف إلى تحديد ما إذا كانت ستعيد النظر في النزاع أو إعادته إلى "الكونغرس" من أجل التوصل إلى حل سياسي.وحتى لو حاولت المحكمة العليا الحكم، فمن غير المؤكد أن الطرف الخاسر سيقبل حكمه، كما فعل آل غور عام 2000، عندما تنازل عن الانتخابات في اليوم التالي لقرار المحكمة العليا بوقف إعادة فرز الأصوات في فلوريدا، ومنح الفوز لغريمه بوش الابن.