في هجوم دموي يأتي بعد أيام على هجمات مماثلة شهدتها فرنسا، ضرب الإرهاب، مساء أمس الأول، العاصمة النمساوية فيينا، المدينة التي عادة ما تكون معدلات الجريمة فيها منخفضة جدا، وتبيّن أن أحد منفذي العملية الذي قَتَلَ 5 وجَرَح َ15، وأردته الشرطة قتيلا، من أنصار تنظيم "داعش"، وحاول السفر إلى سورية للانضمام إلى التنظيم الارهابي.

فقد ظهر مهاجمون مسلحون فجأة في ليل فيينا الساكن عندما كان عشاق الموسيقى يتابعون آخر أوبرا تعرض، والشباب يتناولون آخر كأس قبل فرض إجراءات العزل مدة شهر.

Ad

ولا تزال نقاط عدة غامضة، لكن وفقا للعناصر الأولية، فإن الهجوم الذي نفذه عدد من المعتدين لا يزال أحدهم فارا، ضرب قلب العاصمة النمساوية عند قرابة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي.

وبدأ الهجوم قرب كنيس يهودي مهم، ليشمل لاحقا 5 مواقع أخرى قريبة منه، بينها دار الأوبرا.

وبسرعة البرق تحوّلت مدينة فيينا إلى حصن منيع، وحلقت مروحيات فوق موقع الهجمات، وأغلقت الشرطة أحياء، وفرضت رقابة على الحدود، وانتشرت قوات الأمن بأعداد كبيرة بحثا عن مهاجمين آخرين محتملين.

ويحاول المحققون تحديد ما إذا كان هناك أكثر من فار واحد، لأن إطلاق النار وقع في أماكن متفرقة.

وقتلت الشرطة أحد المهاجمين، في حين كان يحمل بندقية رشاشة وحزام متفجرات تبيّن أنه وهمي.

وقال شهود إنهم رأوا "شخصا كان يطلق النار بوحشية بسلاح رشاش، وانه تم إطلاق ما لا يقلّ عن 50 عيارا ناريا خلال الهجوم".

وكان الناطق باسم وزارة الداخلية هارالد سوروس، أعلن أن وسط فيينا شهد 6 مسارح إرهابية في وقت واحد، وأن الشرطة أطلقت النار على أحد المهاجمين، موضحا أن "أحد الجناة لا يزال فارا".

وأفادت الشرطة بمقتل 3 رجال وامرأتين في الهجوم، كما نقل 15 شخصا إلى المستشفى، 7 منهم في حال حرجة.

نيهامر

وقال وزير الداخلية كارل نيهامر، ان الهجوم كان له "دافع إسلامي". وأضاف في مؤتمر صحافي أمس، أن المهاجم الذي أردته الشرطة "يبلغ من العمر 20 عاماً، وكان يحمل جنسية كل من النمسا ومقدونيا الشمالية، ومن أنصار تنظيم داعش، وتمّت إدانته في أبريل 2019، لأنه حاول السفر إلى سورية للانضمام الى التنظيم الارهابي، وحُكم عليه بالسجن 22 شهرا، وحصل على إفراج مشروط في ديسمبر لصغر سنه".

وأوضح أن الشرطة داهمت 15 منزلاً، واعتقلت عدة أشخاص على صلة بالمشتبه فيه.

من ناحيته، أكد فلوريان كلينك، رئيس تحرير صحيفة "فالتر" النمساوية، أن منفذ الهجمات يُدعى كارتين إس، وُلد ونشأ في فيينا، وكان معروفا لدى المخابرات المحلية، لأنه كان بين 90 إسلامياً نمساوياً أرادوا السفر إلى سورية.

وأكدت وزارة الداخلية في مقدونيا الشمالية، أمس، أن الشرطة النمساوية طلبت، من خلال الشرطة الأوروبية (يوروبول)، معلومات عن منفذ هجوم فيينا الذي كان يحمل جواز سفر يعود إلى هذه الجمهورية اليوغوسلافية السابقة.

كورتس

إلى ذلك، وجَّه المستشار النمساوي سيباستيان كورتس رسالة وحدة وطنية في خطابه للأمة، وقال: "لن نسمح أبدا لهذه الكراهية أن تتقدم". وأضاف كورتس: "يجب أن ندرك أن هذا ليس صراعاً بين المسيحيين والمسلمين أو بين النمساويين والمهاجرين".

وأكد "عدونا، الإرهاب الإسلامي، لا يريد فقط التسبب في الموت والألم، ولكنه يريد تقسيم مجتمعنا"، متعهدا بأن النمسا "ستدافع عن ديمقراطيتها وحقوقها الأساسية وأسلوبها الليبرالي في الحياة".

وفي وقت سابق، اعتبر المستشار أن "الهجوم إرهابي إسلامي بكل وضوح ومثير للاشمئزاز"، وتعهّد باستخدام كل السبل الممكنة لملاحقة الضالعين في الهجوم، ومن يقفون خلفه وتقديمهم للعدالة"، قائلاً: "لا مكان للتطرّف في بلادنا، ولن نخضع للإرهاب، وسنحارب هذا الهجوم بكل ما أوتينا من قوّة". وأعلنت الحكومة النمساوية الحداد ثلاثة أيام.

ردود فعل

وأثار الهجوم العديد من الإدانات السريعة في أنحاء العالم، بعكس المواقف المتأخرة التي صدرت عقب هجمات باريس.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب: "الهجمات الشريرة يجب أن تتوقف. تقف الولايات المتحدة بجانب النمسا وفرنسا وأوروبا كلها في الحرب ضد الإرهابيين، بمن فيهم الإرهابيون الإسلاميون المتطرفون".

ووصف الرئيس الروسي فلاديمير هجوم فيينا بأنه "جريمة وحشية وقاسية، تؤكد مرة أخرى على الطبيعة اللاإنسانية للإرهاب".

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "بعد فرنسا، ها هو بلد صديق يتعرّض للهجوم. إنّها أوروبا خاصّتنا. على أعدائنا أن يدركوا مع من يتعاملون. لن نتنازل عن شيء".

ونددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالهجوم الدامي، قائلة إن "الإرهاب الإسلامي هو عدونا المشترك، وإن مكافحة هؤلاء القتلة ومحرضيهم هو كفاحنا المشترك".

وفي روما، أكد رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي أنه "لا مكان للكراهية والعنف في بيتنا الأوروبي المشترك".

وفي مدريد اعتبر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، أن "الكراهية لن تخضع مجتمعاتنا. أوروبا ستقف بحزم ضدّ الإرهاب".

وذكر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون: "أشعر بصدمة عميقة جراء الهجمات الرهيبة، نحن متّحدون مع الشعب النمساوي ضدّ الإرهاب".

وأعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل عن تضامنهم مع النمسا.

وأعربت مصر، والأزهر وجامعة الدول العربية والسعودية والإمارات ومجلس التعاون الخليجي عن تضامنهم واستنكارهم. كما دان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الهجوم.

وفي باريس التي أدماها الإرهاب منذ أكتوبر الماضي، ألقت الشرطة أمس، القبض على رجل مسلح بمنجل كبير كان يتجول في منطقة بير لاشيز.

وكان بعض المارة أبلغوا الشرطة عن الرجل، وتمّ تطويق المنطقة فترة وجيزة، واعتقلت الشرطة الرجل في غرفة بأحد الفنادق.

يأتي ذلك، في وقت أوقف 4 أشخاص إضافيين أمس، في إطار التحقيق في الهجوم بسكين الذي نُفذ في كنيسة بمدينة نيس، في جنوب شرق فرنسا، الخميس الماضي وأدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص.