في خطوة تمهد أرضية عملية لتمدد صيني بري باتجاه الشرق الأوسط، وصولا إلى السواحل الإيرانية المطلة على الخليج، أعلن رئيس وزراء باكستان عمران خان تحويل منطقة جيلجيت بالتستان، المتاخمة للصين وأفغانستان، في إقليم كشمير، محافظة باكستانية.وقال خان، في كلمة ألقاها في بلدة جيلجيت قبل الانتخابات المحلية المقررة 15 الجاري، «قررنا منح جيلجيت بالتستان وضع محافظة مؤقتة، وهو مطلب يعود لأمد طويل»، بدون أن يحدد تاريخ تطبيق القرار، مؤكدا أن البلدة استفادت من الاستثمارات الصينية، وتحويلها إلى محافظة باكستانية سيساعد على «تنمية المناطق النائية والطبقات الفقيرة من المجتمع».
واستثمرت الصين بكثرة منذ سنوات في مشاريع البنية التحتية في جيلجيت بالتستان، التي يقطنها نحو 1.3 مليون نسمة، وخصوصا في جزء كبير من الطريق السريع في كاراكورام، الذي يعد عنصرا رئيسيا في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، ويطمح الممر لربط شبكة طرق نشيطة والتواصل بين غرب الصين وبحر العرب عبر باكستان.وكانت إسلام أباد أعلنت في يناير 2016 خطة لمنح جيلجيت بالتستان وضع «محافظة مؤقتة»، ما يعني تسمية نائبين لتمثيلها في البرلمان الفدرالي بصفة مراقب، وأشار مسؤول في جيلجيت بالتستان حينها إلى أن الهدف من ذلك تسهيل الاستثمارات الصينية، وأي تغيير في وضع المنطقة يتطلب تعديلا دستوريا، وإذا تم انجاز ذلك فستصبح المحافظة الخامسة في باكستان.
غضب هندي
وأثارت الخطوة الباكستانية بالمنطقة، التي تسكنها غالبية مسلمة، ضمن إقليم كشمير المتنازع عليه غضب الهند، ونددت بإعلان خان، معتبرة أنه ينطوي على «تغييرات جوهرية في جزء من الأراضي الهندية».وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية أنوراغ سريفاستافا، في بيان، أمس الأول، أن «مثل هذه المحاولات من جانب باكستان الهادفة إلى تمويه احتلالها غير الشرعي لا يمكن أن تخفي الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، وإنكار الحريات لأكثر من 7 عقود في هذه الأراضي». وتشرف إسلام أباد على هذا الجزء من كشمير منذ التقسيم عام 1947، لكن نيودلهي تعتبر أن المنطقة الجبلية جزء لا يتجزأ من كشمير التي تعتبرها تابعة لها.وتأتي هذه المبادرة بعد أن قررت نيودلهي في أغسطس 2019 إلغاء الوضع الدستوري الخاص بالقسم الذي تسيطر عليه من إقليم كشمير، وهو قرار دانته إسلام أباد، كما أقرت نيودلهي قانونا الثلاثاء قبل الماضي يسمح للمرة الأولى لأي مواطن هندي بشراء أرض في كشمير الهندية. وكانت كشمير محور حربين من الحروب الثلاثة التي خاضتها الهند وباكستان منذ استقلالهما وتقسيمهما عام 1947. وبعد التقسيم، تقاسمت باكستان (37 في المئة) والهند (63 في المئة) كشمير التي يفصلها خط مراقبة يمثل حدود الأمر الواقع.مستشار خامنئي
وبالعودة إلى الجهود الصينية الرامية للتمدد بريا باتجاه الخليج وبحر العرب، أكد مصدر عالي المستوى في مكتب رئيس الجمهورية الإيرانية، لـ»الجريدة»، أن المرشد الأعلى علي خامنئي عين مستشاره علي لاريجاني، الرئيس السابق لمجلس الشورى، مندوبا عنه لمتابعة عقد اتفاقية «الربع قرن» بين طهران وبكين.وبحسب المصدر، فإن القرار جاء بعد إصرار الصينيين على أن التوقيع على الاتفاقية لن يتم إلا مع مندوب من قبل المرشد، وليس من قبل الحكومة الإيرانية، ومن المقرر أن يزور لاريجاني بكين قريبا للتنسيق بشأن إبرام الاتفاقية.وأوضح المصدر أن السلطات الإيرانية أبلغت بكين، السبت الماضي، أن لاريجاني سيمثل المرشد في التوقيع على الاتفاقية، لافتا إلى أن المرشد وافق على طلب الرئيس حسن روحاني أن يداوم لاريجاني كمندوب عنه في مكتب رئيس الجمهورية، إلى جانب اعتباره مستشارا للرئيس لتفادي اضعاف موقف الحكومة، وكان المستشار الأعلى للمرشد، علي أكبر ولايتي، يسعى لتمثيل المرشد في المفاوضات والتوقيع على الاتفاقية المثيرة للجدل، لكنه واجه معارضة من قبل روحاني وحكومته.ويعتبر لاريجاني أحد أبرز الوجوه التي يعول عليها التيار المعتدل، بزعامة روحاني، لخوض الانتخابات الرئاسية، المقررة في يونيو المقبل، ويأمل فريق الرئيس أن يؤدي توقيع الاتفاقية، إضافة إلى احتمال تخفيف الضغوط الأميركية المفروضة على الجمهورية الإسلامية في حال فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية، إلى تقوية موقف التيار الإصلاحي المعتدل.ويعتبر لاريجاني من قادة الحرس الثوري الذين خرجوا من الحرس (نائب قائد أركان الحرس الثوري)، والتحقوا بالعمل المدني بعد وصول الرئيس الأسبق المرحوم هاشمي رفسنجاني للسلطة، حيث تسلم إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، ثم وزارة الارشاد، ورئاسة مجلس الشورى الإسلامي الايراني، ورشح نفسه للانتخابات الرئاسية عام 2005 إلى جانب محسن رضائي ومحمد باقر قاليباف ومحمود أحمدي نجاد عن معسكر الأصوليين، وحينها استطاع الرئيس السابق محمود احمدي نجاد الصعود في منافسة الرئيس الاسبق هاشمي رفسنجاني للدورة الثانية للانتخابات. ويأمل المعتدلون التوصل إلى صيغة للتعايش مع «الحرس الثوري» في حال تمكن لاريجاني، الذي يعتبر من قادة المؤسسة العسكرية المتشددة وقريبا من روحاني، من الفوز بالانتخابات الرئاسية.تجدر الإشارة إلى أن «الجريدة» نشرت منذ بضعة أيام خبرا يؤكد أن الصينيين رفضوا توقيع اتفاقية الربع قرن مع الحكومة الإيرانية، واصروا على توقيعه مع مندوب من النظام، يمثل المرشد، لتفادي تقلبات الحكومات المتعاقبة، بعد إثارة لغط كبير حول بنود سرية في الاتفاقية، تتضمن منح بكين جزرا بمياه الخليج وقواعد عسكرية.