بعد سلسلة حوادث متتالية بدأت بقطع رأس مدرس فرنسي، على يدي شاب شيشاني تردد أنه على اتصال بمجموعات مسلحة متطرفة في سورية، ثم الهجمات على كنيسة نيس الفرنسية الخميس الماضي، ومن بعدها هجوم فيينا أمس الأول الذي أسفر عن مقتل 5 أشخاص، نمت المخاوف الأوروبية من حدوث موجة إرهابية جديدة، تشبه تلك التي هزت القارة قبل بضعة أعوام عندما كان تنظيم «داعش» في ذروة قوته.

وفي مؤشر يغذي تلك المخاوف، تبنى «داعش» هجوماً وحشياً على جامعة كابول، أمس الأول، أسفر عن 35 قتيلاً أغلبيتهم من الطلاب، وفق آخر حصيلة للسلطات الأفغانية، كما ألقت الشرطة الفرنسية، أمس، القبض على رجل مسلح بمنجل كبير كان يتجول في منطقة بير لاشيز.

Ad

ومن شأن تجدد الإرهاب في وقت لا تزال أوروبا تحت وطأة موجة ثانية من تفشي جائحة «كورونا»، خلق تعقيدات كبيرة، مع اقتراب أعياد الميلاد ورأس السنة، وذلك رغم إجراءات الإغلاق المرتبطة بـ «كوفيد 19».

وبدا أن العالم يعي مدى هذه المخاطر، وهو ما انعكس في الاستجابات السريعة من القادة لإدانة هجوم فيينا، وكان في طليعتهم سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الذي بعث ببرقية إلى رئيس النمسا ألكسندر بيلين أعرب فيها سموه عن استنكار الكويت وإدانتها الشديدة لما شهدته فيينا من هجوم إرهابي.

وشدد سموه، في رسالته، على أن هذا الهجوم الإجرامي الذي استهدف أرواح الأبرياء الآمنين يتنافى مع جميع القيم والأخلاق الإنسانية، مؤكداً موقف الكويت الرافض لجميع أشكال الإرهاب والتطرف مهما كانت دوافعه.

في موازاة ذلك، سارع القادة الأوروبيون إلى إظهار الوحدة والتضامن؛ مع الربط بين ما جرى في فرنسا على خلفية تجدد قضية الرسوم المسيئة لرسول الإسلام، حيث زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السفارة النمساوية في باريس لتقديم تعازيه، معقباً في رسالة ذات مغزى: «بعد فرنسا، ها هو بلد صديق يتعرّض للهجوم، إنّها أوروبا خاصّتنا، على أعدائنا أن يدركوا مع مَنْ يتعاملون، لن نتنازل عن شيء».

وفي بريطانيا، رُفعت حال التأهب الأمني من «تهديد حقيقي» الى «تهديد شديد» ما يعني أن وقوع هجوم إرهابي «محتمل للغاية».

وكان وزير الداخلية النمساوي كارل نيهامر كشف أن المهاجم، الذي قُتِل برصاص الشرطة، يدعى كوجتيم فيض الله، ويبلغ من العمر 20 عاماً، وهو من «أنصار داعش»، ويحمل الجنسيتين النمساوية والمقدونية الشمالية، وأُدين العام الماضي بجريمة إرهابية لمحاولته السفر إلى سورية والانضمام إلى «داعش»، مشيراً إلى أنه نجح في «خداع» برنامج إعادة تأهيل المتطرفين، وأُفرِج عنه مبكراً.

وفي كلمةٍ بثها التلفزيون، قال المستشار النمساوي سيباستيان كورتس، إن «الهجوم كان بوضوح هجوماً إرهابياً إسلامياً».

بدورها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن «الإرهاب الإسلامي هو عدونا المشترك، ومحاربته معركتنا المشتركة».

أما وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، فاقترح أمس، قانوناً أوروبياً لمكافحة الإرهاب على غرار القانون الأميركي «باتريوت أكت» (قانون الوطنية)، الذي صدر في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، داعياً أيضاً إلى «مراقبة أكثر دقة للمساجد وتدفقات الهجرة غير الشرعية».

في سياق متصل، وفي بيان مشترك تضمّن 4 إدانات، وصاغه، أمس الأول، مسؤولون من 3 مساجد كبرى واتحادات إسلامية فرنسية اجتمعوا بالعاصمة الفرنسية، ندّد ممثلو الجامع الكبير في كل من باريس، وليون، وسان دوني دو لا ريونيون، وتجمع مسلمي فرنسا، والاتحاد الفرنسي للجمعيات الإسلامية الإفريقية في جزر الأنتيل وجزر القمر، وتنسيقية الجمعيات الإسلامية في باريس بـ «الدعوات غير المبررة لمقاطعة السلع الفرنسية، وبالإرهاب، وكل من يستغل الإسلام لأغراض سياسية»، وحملوا على «دعوات القتل التي أطلقها مسؤولون أجانب».

وفي مقابل اجتماع العالمين العربي والغربي على إدانة ما جرى في فيينا، أشاد أنصار تنظيم «داعش»، عبر تطبيق «تلغرام»، بهذا الهجوم.