رفضت باكستان التعديلات الأخيرة التي أحدثتها الحكومة الهندية على مستوى قوانين ملكية الأراضي في إقليم "جامو وكشمير"، وهي تسمح لغير المقيمين اليوم بشراء الأراضي في الوادي، وذكرت وزارة الخارجية الباكستانية في بيانٍ لها أن القانون الجديد يشكّل "انتهاكاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن والاتفاقيات الثنائية بين باكستان والهند والقانون الدولي".تتزامن أحدث خطوة تتخذها نيودلهي لضمّ "جامو وكشمير" مع مرحلة مفصلية مهمة في السياسة الباكستانية، ومن المتوقع أن يؤدي هذا التطور إلى تعقيد سياسة باكستان في "كشمير" والجهود الرامية إلى تحديد المكانة الدستورية لإقليم "غيلجيت بالتستان"، لكن قد يزيد تأثير أحزاب المعارضة الباكستانية في المشهد السياسي المحلي في نهاية المطاف.
أعلنت باكستان قرارها بإجراء انتخابات في "غيلجيت بالتستان" في 15 نوفمبر، وتتزامن هذه الانتخابات مع احتدام الجدل في باكستان حول تحويل ذلك الإقليم إلى خامس مقاطعة باكستانية، لكن سرعان ما اتخذ قرار الانتخابات منحىً مثيراً للجدل، إذ تحاول أحزاب المعارضة المحلية إعاقة أي شكل من التزوير، وفي الفترة الأخيرة، اجتمع قائد الجيش الباكستاني مع جميع قادة أحزاب المعارضة الأساسية لمناقشة التعديلات الدستورية المحتملة تمهيداً لجعل "غيلجيت بالتستان" خامس مقاطعة من باكستان، فأطلق هذا الاجتماع جدلاً واسعاً لأن قائد الجيش لا يحق له رسمياً أن يناقش الشؤون الدستورية مع الأحزاب السياسية.كذلك، أدى هجوم المعارضة في الأسبوعَين الأخيرَين ضد الحكومة الفدرالية والقيادة العسكرية إلى تلاشي أي فرصٍ متبقية بإجراء مشاورات مغلقة حول هذه المسألة، فمنع رئيس "الرابطة الإسلامية الباكستانية" (جناح نواز) أعضاء حزبه من تنظيم أي لقاءات خاصة أو عامة مع قيادة الجيش، ويعني ذلك أن احتمال تحويل "غيلجيت بالتستان" إلى خامس مقاطعة من باكستان قد ينهار بسبب المعارك السياسية الداخلية.زاد الوضع تعقيداً حين حاولت جميع الأحزاب السياسية أن تنسب إنجاز مَنْح "غيلجيت بالتستان" صفة دستورية كاملة إلى نفسها، واتخذت هذه الخطوة أهمية متزايدة بعد انهيار الحوار بين أهم مؤسسات الدولة، لا سيما الجيش وأحزاب المعارضة، وأعلن رئيس "حزب الشعب الباكستاني" بيلاوال بوتو حديثاً: "هذه الانتخابات لا تهدف إلى بلوغ مقاليد السلطة بل تعكس نضالاً حقيقياً لتحسين مستقبل سكان غيلجيت بالتستان"، ثم أضاف قائلاً: "سنمنح شعب غيلجيت بالتستان الحقوق التي يتمتع بها سكان المناطق الأخرى في البلد". في غضون ذلك، أعلن وزير شؤون "كشمير" و"غيلجيت بالتستان" الباكستاني علي أمين غندابور أن حكومة عمران خان قررت "رفع مكانة غيلجيت بالتستان إلى مستوى المقاطعة الكاملة التي تتمتع بجميع الحقوق الدستورية، بما في ذلك حقها بأن تتمثل في مجلس الشيوخ والمجلس الوطني الباكستاني".في الوقت الراهن، تتفوق أحزاب المعارضة من حيث قدرتها على تقرير مصير إقليم "غيلجيت بالتستان"، ويدرك المعارضون أن الإقليم لن يصبح خامس مقاطعة من باكستان من دون دعمهم في البرلمان، هذا ما يفسّر موقفهم الرافض لمناقشة أي شكل من التعديلات الدستورية قبل انتهاء الانتخابات في الإقليم.في هذا السياق، قد يكون قرار الهند بالسماح لغير المقيمين بشراء الممتلكات في "جامو وكشمير" جزءاً من الأسباب التي رسّخت قوة أحزاب المعارضة الباكستانية ضد الحزب الحاكم وداعميه في مؤسسات الدولة. ربما لا تهتم المعارضة بعقد اتفاق "وراء الأبواب المغلقة" مع المجلس الوطني حول مسألة "غيلجيت بالتستان" التي أصبحت جزءاً محورياً من سياسة الأمن الباكستانية، بل يبدو أن المعارضة وجدت الفرصة المناسبة، بعد سنتين تقريباً على غيابها عن الساحة، لاستهداف الائتلاف الحاكم واسترجاع أهميتها الدستورية. أو ربما أدت المكاسب الدستورية التي حققتها الهند في "جامو وكشمير" (لا تقبل بها باكستان رسمياً) إلى تغيير خطط المجلس الوطني حول مصير "غيلجيت بالتستان" الدستوري ودور المعارضة في تلك الخطط، وقد تفوز أحزاب المعارضة في انتخابات الإقليم في نهاية المطاف أو قد يُضعِف أي سيناريو آخر مساعي الحكومة لجعل "غيلجيت بالتستان" خامس مقاطعة من باكستان.إلى حين تسوية مسألة الإقليم في باكستان، من المتوقع أن تحمل أحزاب المعارضة ورقة ضغط مؤثرة ضد مجلس الأمن القومي الباكستاني.*عمير جمال
مقالات
هل تسترجع المعارضة الباكستانية ثقلها بفضل انتخابات «غيلجيت بالتستان»؟
05-11-2020