يبدو أن الهجمات الإرهابية الأخيرة، وإجراءات الغلق للحد من فيروس كورونا، ساهمت في التفاف الفرنسيين حول رئيسهم إيمانويل ماكرون، ما أكسبه شعبية أكبر في نوفمبر الجاري، فقد أظهر استطلاع أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام زيادة في شعبية ماكرون بين مواطنيه بنسبة 8 نقاط، بينما زادت شعبية رئيس حكومته جان كاستيكس بنقطة واحدة.

وفي ردهم على السؤال: «هل توافقون على القرارات والإجراءات العامة التي يتخذها الرئيس؟»، قال 46 في المئة من المستجوبين إنهم يؤيدونها، ما يمثل زيادة بـ8 نقاط مقارنة بشهر سبتمبر، غير أن الغالبية تبقى معارضة لقرارات وإجراءات ماكرون وكاستيكس بنسبة 54 في المئة.

Ad

وفي وقت سابق، دعا الرئيس الفرنسي الدول الأوروبية إلى «محاربة الإرهاب معا»، معتبرا أن الهجوم الذي شهدته النمسا، عقب اعتداءات فرنسا، يظهر أنه «لا يوجد بلد بمنأى عن الخطر، ويظهر نية أعدائنا مهاجمة ما تمثله أوروبا من أرض حريات وثقافة وقيم. لذا لن نخضع»، وتعتبر باريس أن كل دول أوروبا صارت أهدافا محتملة، ونبه وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إلى أن «التهديد الإرهابي قوي ويمس كل أوروبا الغربية».

وذكر المنسق الوطني الفرنسي للاستخبارات ومكافحة الإرهاب لورون نونيز أن «فرنسا قوة دفع في أوروبا بمكافحة الإرهاب، لأنها تقترح كل المشاريع التنظيمية الأوروبية الكبرى في مجال الأمن»، مبينا أن «الشخصيات العامة الفرنسية مهددة. رئيس الجمهورية مهدد بالتأكيد، لكن فرنسا كلها مهددة. الأهداف كثيرة في دعاية تنظيمي داعش والقاعدة: المدارس وأماكن العبادة وأماكن التجمعات الكبيرة والحانات والمطاعم ومحطات السكك الحديد والمطارات».

اعتقال «متوعّد»

في سياق متصل، اعتقلت الشرطة الفرنسية رجلا أطلق خلال الأيام الأخيرة تهديدات ضد مدرسين في مدرسة ببلدية أتيس مونس، قرب باريس.

وأفادت صحيفة «باريزيان» بأن مدرسة تقدمت بشكوى للشرطة، قالت فيها إنها شاهدت رجلا يجري أمام المدرسة ويصرخ متوعدا «بالثأر لله والنبي محمد» (صلى الله عليه وسلم)، وكان يردد عبارة: «سيدفع المدرسون ثمنا».

دارمانان

وعشية توجهه الى تونس والجزائر، أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، امس، أن مجلس الوزراء قرر حل حركة «الذئاب الرمادية» القومية التركية المتطرفة، بتوجيهات من ماكرون، مضيفا ان المجموعة تحض على الكراهية والعنف، كما أنها تورطت في أعمال عنف على الأراضي الفرنسية.

وأثار عناصر من المنظمة المذكورة شغبا في مدينة ديجون الفرنسية منذ أيام، على خلفية المواجهة الكلامية التي دارت بين باريس وأنقرة حول الرسوم المسيئة. يذكر أن «الذئاب الرمادية»، التي يطلق عليها أيضا حركة «الشباب المثالي»، منظمة تركية يمينية متطرفة تشكلت أواخر 1960، وسبق أن لاقت انتقادات كثيرة من نواب فرنسيين.

ومن المقرر أن يزور دارمانان نهاية هذا الأسبوع كلا من تونس والجزائر، في أول زيارة له في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي نفذه تونسي في مدينة نيس جنوب فرنسا، وأودى بحياة ثلاثة أشخاص الأسبوع الماضي. وبدأ القضاء التونسي التحقيق عما إذا كان هناك متعاونون من تونس مع العيساوي.

وفي أعقاب ذبح المدرس صامويل باتي، قرب مدرسته في باريس منتصف الشهر الماضي، على يد طالب لجوء شيشاني بسبب إظهاره لطلابه رسومات كاريكاتورية للنبي (صلى الله عليه وسلم) خلال درس عن حرية التعبير، أعلن دارمانان أن هناك 231 أجنبيا، يقيمون بطريقة غير شرعية في بلاده، متهمون بالتطرف ويجب طردهم، بينهم 180 معتقلا في السجن حاليا، كاشفا تسجيل 851 مهاجرا غير شرعي في ملف الإنذارات لمنع التطرف.

ويرى الأكاديمي التونسي، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، عبيد الخليفي، أن زيارة وزير الداخلية الفرنسي لتونس تحمل 3 ملفات تتعلق أساسا بمكافحة الإرهاب والهجرة السرية.

وقال خليفي، في حديث مع «سكاي نيوز عربية»، إن «الملف الأول يتعلق بالتعاون في التحقيقات حول الإرهابي إبراهيم العيساوي، لأن مجريات التحقيق ترجع أنه وفد لفرنسا في مهمة إرهابية محكمة التخطيط، والثاني يتعلق بمدى استجابة تونس لإعادة المشتبه فيهم من الإرهابيين أو من قضوا فترة سجنية في قضايا إرهابية، والثالث يتعلق بموجات الهجرة السرية نحو فرنسا، باعتبار أن إيطاليا هي منطقة عبور لا استقرار».

وأردف: «هذه الملفات الثلاثة سياسية بامتياز، ستمارس فيها فرنسا ضغطا سياسيا مرفوقا ببعض المغريات في شكل مساعدات اقتصادية».

هجوم فيينا

من ناحية أخرى، أعلن تنظيم داعش، أمس الأول، مسؤوليته عن الهجوم الذي نفذه كوجتيم فيض الله (20 عاما) في فيينا، وراح ضحيته 4 أشخاص وجرح 22، في بيان نشره التنظيم الإرهابي على قنواته عبر «تليغرام».

وفي نص منفصل أرفق بصورة فيض الله، تحدثت وكالة «أعماق»، التابعة للتنظيم، عن «هجوم بالأسلحة النارية نفذه أمس الأول مقاتل من الدولة الإسلامية بفيينا».

ونشر كذلك شريط فيديو قصيرا يظهر المهاجم المسلح يصور نفسه وحيدا أمام الكاميرا، وهو يبايع محمد سعيد عبدالرحمن المولى، المعروف بلقب «الأمير أبو إبراهيم الهاشمي القرشي».

وأعلنت السلطات النمساوية أن منفذ الهجوم، الذي أردته الشرطة خلال 9 دقائق، من «أنصار داعش»، ويحمل الجنسيتين النمساوية والمقدونية الشمالية، وأكد وزير الداخلية النمساوي كارل نيهامر عدم وجود أدلة حتى الآن على أن الهجوم الدامي نفذه أكثر من مهاجم واحد.

سلوفاكيا

وذكرت شرطة سلوفاكيا، في بيان أمس، أنه «تم إبلاغها في الصيف بأن مشتبها فيهم من النمسا حاولوا شراء ذخائر في سلوفاكيا. غير أنهم لم يتمكنوا من ذلك».

وأوضح البيان أنه «تم نقل المعلومات بشكل سري ومباشر إلى الشرطة النمساوية»، مضيفا أن «الأسلحة التي تم استخدامها في النمسا، وهي مسدس وبندقية هجومية، لم تكن من سلوفاكيا».

إردوغان

وبينما صرح المستشار النمساوي سيباستيان كورتز، في مقابلة مع صحيفة «دي فيلت» الألمانية، بأنه «يجب على الاتحاد الأوروبي أن يركز أكثر بكثير في المستقبل على مشكلة الإسلام السياسي، لأنها أيديولوجية تمثل خطرا على أسلوب الحياة الأوروبي»، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه إذا كان منفذ أي حادث عنف مسلما فإن الحادث والمدان يوصفان بالإرهابي مهما كانت طبيعته، ويتم توجيه الاتهامات للمسلمين دون تحقيق». وأضاف إردوغان، في مؤتمر صحافي عقب ترؤسه اجتماع الحكومة، أمس الأول، أن «بعض الدول الأوروبية تبذل قصارى جهدها لمحاولة إعادة تعريف الإسلام وتشكيله، وقد تخطت حدودها»، متابعا: «الهجمات ضد الإسلام وصلت إلى نقطة يتم فيها توجيه الاتهامات للمسلمين في حال وقوع أي حادث».