بعد أيام من تصاعد الخلاف بين الجانبين وتبادل الاتهامات بالتخطيط لخوض صراع عسكري قد يمزق مكونات ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان، أعلنت الحكومة الإثيوبية الاتحادية، حالة الطوارئ في إقليم تيغراي، وقررت نشر الجيش به، بعدما اتهم رئيس الوزراء آبي أحمد «جبهة تحرير شعب تيغراي»، الحزب الحاكم في المنطقة بـ «مهاجمة قاعدة عسكرية فدرالية».

وأعلن آبي أحمد، أمس، عبر بيان على «تويتر» و»فيسبوك» أن «قوات الدفاع تلقت الأمر بالقيام بمهمتها في إنقاذ الأمة من الانزلاق إلى حالة من عدم الاستقرار، بعد أن تم تجاوز المرحلة الأخيرة من الخط الأحمر».

Ad

وأكد لاحقاً، عبر التلفزيون الرسمي أن «القوات غير الموالية» انقلبت على الجيش في ميكيلي عاصمة تيغراي، ودانشا.

وأضاف أن قوات الأمن صدت الهجوم على دانشا في منطقة أمهرة المتاخمة لجنوب تيغراي، موضحاً أن الهجوم تسبب في سقوط «العديد من القتلى والجرحى وبأضرار مادية».

وأفاد مكتب رئيس الوزراء، في بيان، بأن «الوضع وصل إلى مستوى لم يعد من الممكن منعه أو السيطرة عليه من خلال الآليات المعتادة لحفظ النظام، ولذلك تقرر إعلان حالة الطوارئ لـ6 أشهر في جميع أنحاء ولاية تيغراي».

وذكر المكتب أن «جبهة تحرير شعب تيغراي» حاولت سرقة مدفعية ومعدات أخرى من القوات الاتحادية المتمركزة هناك.

واتهم المكتب في بيان «تحرير تيغراي» بأنها ألبست عناصرها بزات عسكرية مثل تلك التي يرتديها جنود الجيش الإريتري من أجل «توريط الحكومة الإريترية في مزاعم كاذبة بالعدوان على شعب تيغراي».

حظر وانشقاق

في المقابل، صرح متحدث باسم «إقليم تيغراي» في بيان بثه التلفزيون المحلي، بأنه حظر عبور الطائرات لمجال الإقليم الجوي بعد قرار آبي أحمد. وأفاد المتحدث بأن «القيادة الشمالية للجيش الاتحادي انشقت عنه وانضمت لقوات تيجراي».

وقال رئيس تيجراي، دبرصيون جبراميكائيل، إن حكومة أديس أبابا كانت تخطط لمهاجمة المنطقة، لمعاقبتها على إجراء انتخابات داخلية في سبتمبر الماضي دون الحصول على إذن منها.

وقبل ساعات من إعلان آبي أحمد، قال وونديمو أسامنيو، وهو مسؤول كبير في تيغراي، إن الحكومة الفدرالية تحشد القوات على الحدود الجنوبية للإقليم.

وأضاف وونديمو: «أعتقد أنه عندما يتعلق الأمر بالتعبئة العسكرية، فهذا ليس لعب أطفال. هذا يمكن أن يطلق حرباً شاملة»، مؤكداً أن «ما يفعلونه هو لعب بالنار».

وفي وقت سابق، شدد غيتاتشو رضا، المسؤول البارز في «تحرير تيغراي» على أن الإقليم «لن يكون أول مَن يطلق النار ولا أول مَن يفشل».

وتصاعد التوتر في الأيام الأخيرة بين أديس أبابا وتيغراي، ورفض قادة الإقليم، الذين هيمنوا على السياسة الوطنية لثلاثين عاما قبل وصول أحمد، الحاصل على جائزة نوبل للسلام، إلى السلطة في عام 2018، تمديد البرلمان الفدرالي لولاية النواب، الوطنيين والمحليين، وقرروا تنظيم انتخابات بمنطقتهم في سبتمبر الماضي. ومنذ ذلك الحين، يعتبر كل معسكر المعسكر الآخر غير شرعي. وصوّت أعضاء مجلس الشيوخ الإثيوبي، في أوائل أكتوبر الماضي، لمصلحة قطع الاتصالات والتمويل بين السلطات الفدرالية والمسؤولين في تيغراي.

وفي إطار هذا التوتر فرضت عمليات مراقبة على الطواقم والمعدات العسكرية في تيغراي.

ومنعت «جبهة التحرير» الجمعة الماضية جنرالاً عيّنته أديس أبابا من تولي منصبه هناك، واضطر إلى العودة أدراجه، بعدما تم إبلاغه بأن «تعيينه لا يعتبر شرعياً».

وجاء تلك التطورات بعد أن كشف تقرير لمجموعة الأزمات الدولية أخيراً أن تيغراي تضم «أكثر من نصف مجمل أفراد القوات المسلحة والفرق المؤلفة» في البلاد.

وحذرت المنظمة من احتمال وقوع «نزاع مدمر قد يمزق الدولة الإثيوبية». وتضم تيغراي جزء كبيراً من الأفراد والمعدات العسكرية للدولة الفدرالية، وهو إرث الحرب التي وقعت من 1998 إلى 2000 بين إثيوبيا وإريتريا الواقعة على حدود الإقليم.

أزمة «النهضة»

وتأتي تلك التطورات بالتزامن مع استئناف جولات محادثات سد النهضة، حيث عقد الاجتماع السداسي لخبراء مصر والسودان وإثيوبيا لوضع قواعد مرجعية لخبراء الاتحاد الإفريقي، ومحاولة تقديم المساعدة للأطراف الثلاثة لتخطي الخلافات، وصولاً لاتفاق توافق عليه الدول الثلاث أمس الأول.

إلا أن الخلافات مازالت مستمرة حسبما أوضحت مصادر مصرية بسبب التعنت الإثيوبي الرافض لإبرام اتفاق قانوني ملزم، ومحاولة أديس أبابا إهدار الوقت لفرض أمر واقع بعد ملء خزان السد، وعلى أمل أن يخسر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي ينظر له على أنه داعم للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الانتخابات الرئاسية التي أجريت أمس الأول.