بعد يوم من تصويت الأميركيين في انتخابات شهدت منافسة مريرة يحبس العالم أنفاسه، إذ لا تزال ملايين الأصوات تنتظر الفرز في السباق المحتدم، بينما تتنامى مخاطر الوصول إلى وضع قانوني غامض يستمر أياماً وربما أسابيع.

ولم يقتصر التعليق على الحدث الأميركي، الذي تحول الى "فيلم أميركي طويل" على السياسيين والخبراء بل الى الناس العاديين الذين وجدوا أنفسهم في خضم المعركة وتفاصيلها الدقيقة بسبب سيل متدفق من المعلومات عبر كل وسائل الاعلام والتواصل.

Ad

وفي هذا الإطار، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب: "دعونا ننتظر ونرى ما هي النتيجة... من الواضح أن هناك قدرا كبيرا من الغموض. السباق متقارب أكثر مما توقع كثيرون".

ومن روسيا إلى باكستان وماليزيا وكينيا وعبر أنحاء أوروبا وأميركا اللاتينية انتشرت وسوم #ترامب و#بايدن و#الانتخابات_الأميركية_2020 على "تويتر"، مما يبرز أهمية النتيجة لكل دول العالم.

وقال وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير، إن من المهم أن يتقبل المشاركون في انتخابات الرئاسة الأميركية النتائج عندما تظهر، مضيفا أن النتيجة لن تُعرف إلا بعد استكمال فرز جميع الأصوات.

وفي روسيا، التي اتهمتها أجهزة المخابرات الأميركية بمحاولة التدخل في الانتخابات، لم يكن هناك رد فعل رسمي.

لكن النائب المؤيد للكرملين فياتشيسلاف نيكونوف، نصح الروس بشراء كميات كبيرة من الفشار لمشاهدة العرض الذي ستتكشف ملامحه، قائلا إن المجتمع الأميركي تمزقه الانقسامات.

وكتب نيكونوف، الذي رحب بفوز ترامب عام 2016، على فيسبوك: "نتيجة الانتخابات هي أسوأ نتيجة لأميركا... بغض النظر عمن يربح المعارك القانونية، لن يعتبره نصف الأميركيين الرئيس الشرعي. دعونا نخزن كميات كبيرة من الفشار".

في أستراليا، تابعت أعداد كبيرة النتائج، وهم يحتسون الكحول في حانة أميركية في سيدني.

وقال أحد رواد الحانة ويدعى جلين روبرتس: "تكون الأخبار أفضل بكثير عندما يكون ترامب فيها".

وأضاف روبرتس، الذي كان يضع قبعة بيسبول حمراء مكتوب عليها "لنجعل أوروبا عظيمة مجددا": "أعتقد أن الأمر سيكون أقل تشويقا إذا خسر ترامب".

وسارع آخرون للتأكيد على تداعيات الانتخابات الأميركية على العالم. وقال أحد سكان سيدني ويدعى لوك هاينريك: "أظن أنها تؤثر فينا جميعا، ما يحدث هناك مهم حقا بالنسبة للسنوات الأربع المقبلة هنا".

ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش، التي تتخذ من نيويورك مقرا، إلى عدم الحكم على النتائج قبل فرز جميع الأصوات. ومن المنتظر أن يستغرق فرز الأصوات أياما في بعض الولايات بعد تصويت عدد كبير من الناخبين عبر البريد هذا العام بسبب جائحة فيروس كورونا.

وقال كينيث روث المدير التنفيذي للمنظمة، إن التعجل في إعلان الفوز أمر خطير.

وأضاف "قد يسر المستبدين كثيرا تقويض الديمقراطية في الولايات المتحدة بالترحيب بإعلان فوز سابق لأوانه".

أما الصين، التي تدهورت علاقاتها بالولايات المتحدة إلى أسوأ حالاتها خلال عشرات السنين في عهد ترامب، فقد قالت إن الانتخابات شأن داخلي، وإنه "ليس لديها موقف منها".

لكن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الصينيين سارعوا للسخرية من إخفاق النظام الانتخابي في الولايات المتحدة في إعلان نتيجة سريعة وواضحة.

وكتب أحد مستخدمي منصة ويبو الصينية التي تشبه "تويتر": "سواء فاز أم خسر، مهمته النهائية هي تدمير صورة الديمقراطية الأميركية".

وكتب آخر يقول: "دعوا ترامب يُنتخب مجددا ويأخذ الولايات المتحدة إلى الهاوية".

وفي نيجيريا، قال سياسي بارز هو السناتور شيهو ساني، إن الضبابية التي تشهدها الولايات المتحدة تثير ذكريات كثيرة في إفريقيا.

وكتب لمتابعيه على "تويتر" الذين يبلغ عددهم 1.6 مليون متابع: "اعتادت إفريقيا التعلم من الديمقراطية الأميركية، الآن تتعلم أميركا الديمقراطية الإفريقية".

وفي وقت سابق، أعلن الاتحاد الأوروبي، أمس، أنه لا يجوز التعليق على نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية قبل اكتمال عملية فرز أصوات الناخبين، مبديا ثقته بالسلطات الأميركية في هذا الأمر.

ودعا المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، إيريك مامر، أثناء مؤتمر صحافي عقده في بروكسل، الجميع إلى توخي الصبر والتريث حتى الانتهاء من عملية فرز الأصوات، وذلك في معرض تعليقه على التغريدة التي هنأ فيها رئيس وزراء سلوفينيا، جانيز جانزا، الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بالفوز في الانتخابات.

وقال مامر: "ننصح الجميع بمتابعة تطورات الأحداث في الولايات المتحدة وعملية فرز أصوات الناخبين هناك بعناية. ونحن كالجميع ننتظر إعلان الهيئات المعنية بفرز الأصوات لنتائج الانتخابات، وحتى ذلك الحين يتحمل كل واحد المسؤولية الشخصية عن تعليقاته. سننطلق من البيانات الرسمية في الولايات المتحدة، ويجب على الجميع، حسب رأينا، اعتماد السلوك نفسه".

ولفت مامر إلى أن لدى الولايات المتحدة تقاليد ديمقراطية أطول مما لدى بعض الدول الأوروبية، وينبغي الوثوق بسلطاتها فيما يتعلق بتحديد الفائز في السباق الرئاسي، مضيفا: "يجب توخي الصبر، لأن الحديث يدور عن دولة هائلة بحجم قارة، حيث أدلى مئات الملايين بأصواتهم".

وفي وقت سابق، قال زعيم سلوفينيا، الدولة الصغيرة التي جاءت منها السيدة الأولى ميلانيا ترامب، "من الواضح تماما أن الشعب الأميركي انتخب دونالد ترامب ومايك بنس لأربع سنوات أخرى".

وأضاف جانزا، السياسي اليميني الذي أعلن دعمه لترامب قبل الانتخابات: "تهانينا للحزب الجمهوري على النتائج القوية على مستوى الولايات المتحدة".

في المقابل، عبّرت وزيرة الدفاع الألمانية آنيغريت كارنباور عن قلقها "من وضع متفجر جدا" في الولايات المتحدة، حيث أعلن ترامب فوزه قبل انتهاء فرز الأصوات.

وقالت كارنباور، أمس، إن نتيجة هذه الانتخابات "لم تحسم بعد، لا يزال يجري فرز الأصوات". وأضافت أن "الوضع متفجر جدا في الولايات المتحدة"، محذرة من "أزمة دستورية" في ذلك البلد. وتابعت "هذا أمر يثير قلقنا جميعا".

وأشارت الوزيرة الألمانية الى أن العلاقات بين برلين وواشنطن "مرت باختبار صعب في السنوات الأربع الماضية" في ظل رئاسة ترامب، مضيفة "هذه الصداقة أكبر من مجرد مسألة الإدارة الحالية في البيت الأبيض".

وقالت: "في المستقبل يجب أن نبذل المزيد من الجهود من أجل مصالحنا الخاصة في المانيا، وخصوصا مع الأوروبيين الآخرين".